“الوصيّة “لا تقتل” هي دعوة إلى المحبّة والرحمة، دعوة للعيش بحسب الرب يسوع الذي بذل حياته من أجلنا” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في المقابلة العامة مع المؤمنين.
أجرى قداسة البابا فرنسيس مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس واستهلَّ تعليمه الأسبوعي بالقول أريد اليوم أن أتابع التعليم حول الكلمة الخامسة من الوصايا العشرة: “لا تقتل”. لقد رأينا سابقًا كيف تُظهر هذه الوصيّة أنَّ الحياة البشريّة ثمينة ومقدّسة في عيني الله؛ وبالتالي لا يمكن لأحد أن يزدري حياة الآخرين أو حياته، لأنَّ الإنسان في الواقع يحمل في ذاته صورة الله وهو موضوع محبّته اللامتناهية مهما كانت الحالة التي يعيشها.
تابع الأب الأقدس يقول في الإنجيل الذي سمعناه، يُظهر لنا يسوع معنى أعمق لهذه الوصيّة. فهو يؤكِّد أنّه أمام محكمة الله حتى الغضب ضدّ أخ ما هو شكل من أشكال القتل، لذلك يكتب يوحنا الرسول: ” كُلُّ مَن أَبغَضَ أَخاه فهو قاتِل”. لكنَّ يسوع لا يتوقّف عند هذا الأمر وحسب وإنما وفي المنطق عينه يضيف أن الإهانة والاحتقار يمكنهما أن يقتلا أيضًا. ماذا يقصد يسوع بقوله هذا إذ يوسّع إطار الكلمة الخامسة إلى هذا الحد؟ إن الإنسان يملك حياة نبيلة وحساسة جدًّا ويملك أنا خفيّةً لا تقلُّ أهميّة عن كيانه. وبالتالي لجرح إحساس طفل ما تكفي جملة في غير محلِّها؛ ولجرح امرأة ما يكفي تصرُّف بارد؛ ولفطر قلب شاب ما يكفي أن نحرمه الثقة؛ ولتدمير رجل ما يكفي تجاهله. إنَّ اللامبالاة تقتل.
أضاف الحبر الأعظم يقول نقرأ في بداية الكتاب المقّدس تلك الجملة الرهيبة التي خرجت من فم القاتل الأول، قايين، بعد ان سأله الرب أين أخاه. أجاب قايين: “لَا أَعْلَمُ! أَحَارِسٌ أَنَا لِأَخِي؟”. هكذا يجيب القتلة. لنحاول أن نجيب بدورنا على هذا السؤال: هل نحن حرّاس لإخوتنا؟ نعم! نحن حراس لبعضنا البعض! إنَّ الحياة البشريّة تحتاج للحب؛ وما هو الحب الحقيقي؟ إنّه الحب الذي أظهره لنا المسيح، أي الرحمة. الحب الذي لا يمكننا أن نعيش بدونه، وهو الحب الذي يسامح ويقبل من أساء إلينا. لا يمكن لأحد أن يحيا بدون رحمة وجميعنا بحاجة للمغفرة. وبالتالي فإن كان القتل يعني تدمير وسحق شخص ما فلا تقتل تعني العناية والاهتمام والادماج والمسامحة. وهذه هي درب الحياة.
تابع البابا فرنسيس يقول لا يمكن لأحد أن يوهِم نفسه قائلاً: “أنا أعيش بشكل نظاميٍّ لأنني لا أؤذي أحدًا”. هكذا تكون حياة المعادن والنبتات لا حياة الإنسان، إذ يُطلب أكثر من الإنسان وعليه أن يصنع الخير. وبالتالي فالوصيّة “لا تقتل” هي دعوة إلى المحبّة والرحمة، دعوة للعيش بحسب الرب يسوع الذي بذل حياته من أجلنا، ومن اجلنا أيضًا قام من الموت.
وختم الأب الأقدس تعليمه الأسبوعي بالقول إنَّ الربَّ إذ تجسّد قدّس حياتنا، وبدمه جعلها لا تُقدّر بثمن؛ هو “سيّد الحياة” الذي بفضله كلٌّ منا هو هديّة من الآب. به وبمحبّته الأقوى من الموت وبقوّة الروح القدس الذي يمنحنا الآب إياه يمكننا أن نقبل كلمة “لا تقتل” كالنداء الأهمّ والجوهري: أي الدعوة إلى الحب!
فاتيكان نيوز