أجرى قداسة البابا فرنسيس مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان واستهل تعليمه الأسبوعي بالقول: أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، لقد تحدثنا خلال هذه الفترة عن الكنيسة، عن أُمِّنا الكنيسة المقدسة، شعب الله الذي يسير. واليوم نريد أن نسأل أنفسنا: في النهاية، ماذا سيحلُّ بشعب الله؟ وماذا سيحلُّ بكل واحد منا؟ ماذا علينا أن ننتظر؟ لقد كان بولس الرسول يُعزّي مسيحيي جماعة تسالونيكي الذين كانوا يطرحون هذه الأسئلة عينها، وبعد أن شرح لهم شرعوا جميعًا يقولون هذه الكلمات وهي من أجمل ما قيل في العهد الجديد: “فنَكونُ هكذا مع الرَّبِّ دائِمًا أَبَدًا!” (1 تسالونيكي 4، 17). إنها كلمات بسيطة، ولكنها مُفعمة برجاء كبير! “فنَكونُ هكذا مع الرَّبِّ دائِمًا أَبَدًا!” هل تؤمنون بهذا؟
تابع الأب الأقدس يقول: إنها لعلامة رمزيّة أن يصف سفر رؤيا يوحنا، مستعيدًا حدس الأنبياء، البعد الأخير والنهائي بكلمات “أُورَشَليمَ الجَديدة، النازِلَة مِنَ السَّماءِ مِن عِندِ الله، والمُهَيَّأَة مِثلَ عَروسٍ مُزَيَّنَةٍ لِعَريسِها” (رؤيا 21، 2). هذا ما ينتظرنا! وهذه هي الكنيسة: شعب الله الذي يتبع الرب يسوع ويستعدُّ يومًا بعد يومٍ للقائه، كلقاء عروسٍ بعريسها. وليس هذا لمجرّد القول: سيكون هناك عرس حقيقيّ! نعم، لأن المسيح صار إنسانًا مثلنا وجعلنا جميعًا واحدًا معه، بموته وقيامته، اقترن بنا حقًّا وجعلنا عروسه. وهذا الأمر ليس إلا إتمام لمخطط الشركة والمحبّة الذي نسجه الله عبر مسيرة التاريخ بأسره، تاريخ شعب الله وتاريخ كلِّ فردٍ منّا! والرب هو الذي يقودنا قدمًا.
أضاف البابا فرنسيس يقول: ولكن هناك عنصر آخر يعزّينا ويفتح قلبنا: يقول القديس يوحنا إنّ صورة “أورشليم الجديدة” تظهر في الكنيسة، عروس المسيح. هذا يعني أنَّ الكنيسة، بالإضافة إلى كونها عروس، هي مدعوّة لتصبح مدينة، علامة التعايش والعلاقات البشريّة بامتياز. لذا ما أجمل أن نتمكن منذ الآن من أن نعاين، وبحسب صورة أخرى معبِّرة من سفر الرؤيا، كلّ الناس والشعوب مجتمعين معًا في هذه المدينة، كما في مسكن، سيكون “مسكن الله” (راجع رؤيا 21، 3). وفي هذا الإطار المجيد لن يكون هناك بعد الآن عزلة، نفاق وتمييز من أي نوع – أكان اجتماعيًّا، عرقيًّا أو دينيًّا – بل سنصبح جميعنا واحدًا في المسيح.
أمام هذا المشهد الفريد والرائع، تابع الحبر الأعظم يقول، لا يمكن لقلبنا ألا يشعر بأنه قد ثُبِّت بشكل قوي في الرجاء. كما ترون، الرجاء المسيحي ليس مجرّد رغبة وأُمنية أو تفاؤل: الرجاء بالنسبة للمسيحي هو انتظار، انتظار حيّ لإتمام نهائي لسرّ، وهو سرُّ محبة الله التي ولدنا منها مجدّدًا ونعيش فيها. إنه انتظار لشخص سيأتي: إنّه المسيح الربّ الذي يقترب منّا أكثر فأكثر، يومًا بعد يوم، ويأتي ليُدخلنا أخيرًا في ملء شركته وسلامه. وبالتالي ينبغي على الكنيسة أن تُبقي مصباح الرجاء مشتعلاً ومرئيًّا لكي تستمرّ في الإشعاع كعلامة خلاص أكيدة وتضيء لجميع البشريّة الطريق الذي يقود للقاء وجه الله الرحيم. أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، هذا إذًا ما ننتظره: عودة يسوع! الكنيسة العروس تنتظر عريسها! ولكن علينا أن نسأل أنفسنا بصدق: هل نحن حقًا شهود مشرقون وصادقون لهذا الانتظار وهذا الرجاء؟ هل تعيش جماعاتنا في حضور الرب يسوع وانتظار مجيئه، أم تبدو منهكة تحت ثقل التعب والاستسلام؟ هل من خطر علينا نحن أيضًا بأن ينفذ عندنا زيت الإيمان والفرح؟ لنتنبّه!
وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول: لنتوسّل إلى العذراء مريم، أم الرجاء وملكة السماء لكي تحفظنا على الدوام في موقف إصغاء وانتظار، لنكون هكذا، ومنذ الآن، مغمورين بمحبة المسيح، ونشارك يومًا بالفرح الذي لا ينتهي في ملء الشركة مع الله. ولا تنسوا أبدًا بأننا سنكون هكذا مع الرَّبِّ دائِمًا أَبَدًا!
زينيت