أجرى البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة المعتادة في قاعة البابا بولس السادس بالفاتيكان وتمحور تعليمه الأسبوعي حول أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين الذي بدأ في الثامن عشر من الشهر الجاري وينتهي في العشرين منه. وتوقف عند المقطع البيبلي الذي يشكل محورا للتأملات في هذه المناسبة من رسالة القديس بطرس الأولى “أَمَّا أَنْتم فجيلٌ مُخْتارٌ، كهنوتٌ مُلوكيّ، أُمَّةٌ مُقدَّسَةٌ، وشَعْبٌ مُقْتنًى: لتُشيدوا بحَمْدِ الذي دعاكم منَ الظُّلمةِ الى نورِهِ العجيب، أَنتمُ الذينَ لم يكونوا مِن قبْلُ شَعْبًا، وأَمَّا الآنَ فشعبُ الله؛ ولم يَكونوا مَرْحُومِينَ، وأَمَّا الآنَ فَمَرْحومون” (1 بطرس 2، 9-10). ولفت البابا إلى أن هاتين الآيتين اختارتهما مجموعة مسكونية من لاتفيا بتكليف من المجلس المسكوني للكنائس والمجلس البابوي لتعزيز وحدة المسيحيين.
بعدها تحدث البابا عن وجود جرن للعماد في وسط الكاتدرائية اللوثرية في ريغا يعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر، ويشكل علامة بليغة لمصدر إيماني متقاسم من قبل كل المسيحيين في لاتفيا، الكاثوليك، اللوثران والأرثوذكس. وأكد أن هذا المصدر هو عمادنا المشترك مذكرا بأن المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني يشدد على أن العماد يشكل الرابط السري للوحدة بين كل من وُلدوا من جديد من خلال العماد. وفي هذا السياق ـ تابع البابا يقول ـ يوجه القديس بطرس الرسول رسالته الأولى إلى الجيل الأول من المسيحيين كي يدركوا الهبة التي نالوها من خلال سر العماد والمتطلبات التي تنتج عنها. ولفت البابا إلى أننا مدعوون نحن أيضا في أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين إلى إعادة اكتشاف كل هذه الأمور وينبغي أن نقوم بذلك معا متخطين اختلافاتنا.
هذا ثم أكد البابا أن مقاسمة العماد تعني أننا جميعا خطأة ونحتاج إلى الخلاص والتحرر من الشر. هذه هي الظلمة التي يتحدث عنها القديس بطرس “لتُشيدوا بحَمْدِ (الله) الذي دعاكم منَ الظُّلمةِ إلى نورِهِ العجيب”. هذا هو اختبار الموت الذي قام به المسيح ويرمز إليه العماد من خلال النزول تحت الماء ثم الخروج منها كعلامة للقيامة إلى حياة جديدة في المسيح. واعتبر البابا أنه عندما نقول نحن المسيحيون إننا نتقاسم معمودية واحدة نؤكد أننا نتقاسم ككاثوليك وبروتستنت وأرثوذكس خبرة أن نكون مدعوين من الظلمة للقاء الله الحي المليء بالرحمة. وأشار البابا إلى أننا جميعا نختبر وللأسف الأنانية التي تولّد الانقسامات والانغلاق والاحتقار. الانطلاق من العماد يعني إعادة اكتشاف مصدر الرحمة، مصدر الرجاء بالنسبة للجميع لأن رحمة الله لا تستثني أحدا.
تابع البابا تعليمه الأسبوعي مؤكدا أننا شعب قدوس لله، مع أننا لسنا شعبا موحدا بسبب خطايانا، لكن رحمة الله ـ التي تعمل من خلال العماد ـ هي أقوى من انقساماتنا. وعندما نقبل نعمة الرحمة، نصبح شعب الله بالكامل، ونصير قادرين على إعلان أعماله العجيبة على الجميع، انطلاقا من شهادة بسيطة وأخوية للوحدة. في ختام مقابلته العامة مع المؤمنين أكد البابا أننا كمسيحيين نلنا جميعا الرحمة من الله، ونشكل جميعا ككاثوليك، أرثوذكس وبروتستنت كهنوتا ملوكيا وأمة مقدسة. وهذا يعني أن لدينا رسالة مشتركة تتمثل في نقل الرحمة التي نلناها من الآخرين، انطلاقا من الفقراء والمتروكين. ودعا البابا المؤمنين إلى الصلاة ـ خلال هذا الأسبوع ـ كي يجد تلامذة المسيح الطريقة الأنسب للتعاون معا من أجل نقل رحمة الله إلى أنحاء الأرض كافة.
في أعقاب مقابلته العامة مع المؤمنين وجه البابا تحياته المعتادة إلى وفود الحجاج القادمين من روما، إيطاليا وأنحاء العالم كافة وخص بالذكر الحجاج الناطقين باللغة العربية لاسيما القادمين من لبنان ومن سورية ومن الشرق الأوسط.
إذاعة الفاتيكان