استهل البابا فرنسيس كلمته من خلال العودة إلى اللغة اليونانية التي كُتب بها الإنجيل، مشيرا إلى أن هذا التطويب يستخدم “فعلاً” ليس بالمجهول إذ تعني أن المحزونين هم من يحزنون بأنفسهم. وهو موقف صار مركزياً في الروحانية المسيحية وسماه آباء الصحراء بالـ penthos ما يعني ألماً داخلياً ينفتح على علاقة مع الرب ومع القريب.
وأضاف أن هذا الفعل في الكتاب المقدس يتخذ بعدين اثنين؛ البعد الأول: إزاء الموت أو إزاء معاناة شخص ما والبعد الثاني: الدموع الناجمة عن الخطية، عندما يتألم القلب لأنه أساء إلى الله أو القريب. والأمر إذا يتعلق بمحبة الآخر وصولا إلى حد مقاسمته آلامه. وثمة أشخاص يقفون على مسافة منا ويتعين عليهم أن يدخلوا إلى قلبنا.
بعدها أشار البابا إلى أنه تحدث في مناسبات عدة عن هبة الدموع الثمينة. وتساءل ما إذا كان الإنسان قادراً على محبة الآخر بطريقة باردة، أم بدافع الواجب. هناك أشخاص محزونون يحتاجون إلى التعزية، كما أن هناك أشخاصاً يشعرون بالتعزية وعليهم أن يحزنوا، كي يستيقظوا، لأن قلبهم صار من حجر ولا يعرفون البكاء. ولفت فرنسيس إلى أن الحداد سبيل مرّ لكن يمكن أن يكون مجدياً كي تُفتح العيون على الحياة، وعلى القيمة المقدسة والفريدة لكل شخص، وعندها يدرك الإنسان أن الوقت قصير.
هذا ثم توقف البابا في تعلميه الأسبوعي عند معنى آخر لهذا التطويب الذي يحتوي على مفارقة: البكاء على الخطية. وهنا لا بد من التمييز، لأن ثمة من يغضب لأنه أخطأ. لكن هذا ضرب من الغرور. وهناك أيضا من يبكي بسبب الشر الذي ارتكبه، أو الخير الذي لم يفعله أو لخيانته لعلاقته مع الله. هذا هو بكاء من لم يحب وينبع من الحرص على الآخرين. هذا من يبكي لأنه لم يتجاوب مع الرب الذي يحبنا كثيراً، ويحزن أمام فكرة عدم صنع الخير. هذا هو معنى الخطية.
وأضاف فرنسيس أن هذا هو موضوع الأخطاء التي ينبغي مواجهتها، إنها مسألة صعبة لكن حيوية. ودعا إلى التفكير ببكاء القديس بطرس، والذي حمله إلى محبة جديدة أكثر أصالة، وذلك خلافاً ليهوذا، الذي لم يتقبل فكرة أنه أخطأ وأقدم على الانتحار. إن إدراك الخطية هو عطية من الله، وعمل الروح القدس.
في الختام أشار البابا إلى أن القديس أفرام السرياني كان يقول إن الوجه المغسول بالدموع هو وجه جميل، وأوضح فرنسيس أن الحياة المسيحية تجد في الرحمة تعبيرها الأفضل. وقال: طوبى للشخص العاقل الذي يتقبل الألم المرتبط بالمحبة، لأنه ينال المعزي، الروح القدس، الذي هو حنان الله الذي يغفر ويصحح. وأضاف البابا فرنسيس في ختام مقابلته العامة أنه إذا أدركنا دوماً أن الله “لا على حسب خطايانا عاملنا ولا على حسب آثامنا كافأنا” (مز 103، 10) نعيش في الرحمة وفي الرأفة، وتظهر فينا المحبة. وتمنى أن يهبنا الرب نعمة أن نحب بوفرة؛ أن نحب مع البسمة والخدمة وأيضا مع الدموع.
هذا ثم دعا البابا المؤمنين إلى الصلاة على نية سورية الحبيبة والمعذبة، مشيرا إلى وجود العديد من العائلات والعجزة والأطفال المرغمين على الهروب بسبب الحرب، وقال: سورية تنزف منذ سنوات. فلنصلِّ من أجلها. كما طلب فرنسيس إلى المؤمنين أن يصلوا من أجل ضحايا فيروس كورونا في الصين متمنياً لهم الشفاء في أقرب وقت ممكن.
أخبار الفاتيكان