لفت البابا إلى أن عبارة “مقدسة” تُدخل هذه العائلة ضمن بيئة القداسة التي هي عطية من الله، لكنها في الوقت نفسه تجاوب حرّ ومسؤول مع مخططه. وهذا ما حصل مع عائلة الناصرة التي كانت مستسلمة تماماً لمشيئة الله. وتساءل البابا كيف يسعنا ألا نندهش أمام وداعة مريم حيال عمل الروح القدس الذي طلب منها أن تصير أم المسيح؟ وكانت مريم، شأن كل فتاة شابة، ترغب في تحقيق مشروع حياتها وتتزوج مع يوسف. لكن عندما أدركت أن الله يدعوها إلى مهمة خاصة، لم تتردد في اعتبار نفسها “أَمَة”. وقال الرب يسوع عنها، لأنها مطيعة لله ولا لكونها والدته، “طوبى لمن يسمعون كلمة الله ويعلمون بها”. وعندما لم تفهم مريم بالكامل الأحداث التي عاشتها تأملت بصمت بالمبادرة الإلهية، فكّرت بها وسجدت لها. وحضورها عند الصليب يجسد هذه الجهوزية التامة.
فيما يتعلق بالقديس يوسف، مضى البابا إلى القول، لم يحدثنا الإنجيل عن كلمة واحدة نطق بها: إنه لم يتكلم، بل تصرف مطيعاً. كان رجل الصمت والطاعة. هذا ثم لفت فرنسيس إلى أن إنجيل اليوم يذكرنا بطاعة القديس يوسف البار، لدى الهروب إلى مصر، ثم العودة إلى أرض إسرائيل. وتحت إشراف الله، الممثّل بالملاك، أبعد يوسف عائلته عن تهديدات الملك هيرودس. وبهذه الطريقة تتضامن العائلة المقدسة مع كل عائلات العالم المرغمة على الهروب، وتتضامن مع جميع الأشخاص المرغمين على ترك أرضهم بسبب القمع والعنف والحروب.
أما يسوع فكان مشيئة الآب، وهذا ما تجلى خلال حياته الأرضية عندما قال إنه يتغذى من صنع مشيئة من أرسله، وعندما استسلم لمشيئة الآب في بستان الزيتون. وشدد البابا في هذا السياق على أن عائلة الناصرة استجابت لمشيئة الآب، وتعاون أفرادها الثلاثة في اكتشاف وتحقيق مخطط الله. وتساءل البابا ما إذا كان أفراد العائلات يتواصلون مع بعضهم البعض اليوم بعيدا عن الانغلاق على ذواتهم، ولا بد أن يفعلوا ذلك اليوم في عيد العائلة المقدسة. وتمنى فرنسيس أن تكون هذه العائلة مثالاً لعائلاتنا، كي يتمكن الوالدون والبنون من مساعدة بعضهم البعض على العيش بحسب الإنجيل، الذي هو أساس قداسة العائلة.
بعد تلاوة صلاة التبشير الملائكي وقبل أن يوجه تحياته إلى المؤمنين والحجاج في الساحة الفاتيكانية قال فرنسيس إنه يصلي على نية ضحايا الاعتداء الإرهابي الذي وقع بالأمس في مقديشو، مسفرا عن سقوط أكثر من سبعين قتيلا معبرا عن قربه من عائلات الضحايا ومن فقدوا أحباءهم في الهجوم.
أخبار الفاتيكان