تلا قداسة البابا فرنسيس صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين والحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس. واستهل قداسته كلمته قبل الصلاة مشيرا إلى جو الفرح الذي تقدمه الليتورجية في هذا الأحد الرابع من زمن الصوم. وتساءل البابا بالتالي عن سبب هذا الفرح وقال إنها محبة الله العظيمة للبشرية مثل ما يحدثنا إنجيل اليوم “فإِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة” (يو 3، 16). وتابع أن كلمات يسوع هذه، التي نطق بها في حديثه إلى نيقوديموس، تلخص موضوعا هو في محور الإعلان المسيحي، أي أنه وحتى حين تبدو الأوضاع بائسة فإن الله يتدخل مقدما للإنسان الخلاص والفرح. ليس الله بعيدا، بل هو يدخل تاريخ البشرية ليحركها بنعمته ويخلصها. وواصل الحبر الأعظم مؤكدا أننا مدعوون إلى الإصغاء إلى هذا الإعلان، مبعِدين تجربة الثقة في النفس والرغبة في العيش بدون الله باسم حرية مطلقة من الله ومن كلمته. ولكننا حين نتحلى بشجاعة الاعتراف بحقيقتنا ننتبه إلى أننا أشخاص علينا التعامل مع ضعفنا ومحدوديتنا، وقد يصيبنا هذا بالقلق حول المستقبل والخوف من المرض والموت. وهذا ما يفسر لجوء بعض الأشخاص، بحثا عن مخرج، إلى طرق خطيرة مثل المخدرات، الخرافات أو طقوس السحر المدمرة.
ثم شدد قداسة البابا على أهمية إدراكنا لمحدوديتنا وضعفنا، ولكن لا كي يدفعنا هذا الأمر إلى اليأس، بل كي نقدمها لله الذي سيساعدنا في مسيرة الشفاء، ويمسك بأيدينا ولا يتركنا وحدنا أبدا. الله معنا، ولهذا علينا أن نفرح. إلا أن لدينا وإلى جانب الفرح أحزانا كثيرة أيضا، حسب ما تابع الحبر الأعظم، ولكن حين نكون مسيحيين حقيقيين يكون لدينا ذلك الرجاء، المتمثل في فرح صغير يأخذ في النمو مانحا إيانا الأمان. وحث قداسته على تجنب الإحباط أمام محدوديتنا وخطايانا وضعفنا، فهناك الله، المسيح على الصليب ليشفينا، هذه هي محبة الله. علينا أن ننظر إلى الصليب ونردد في داخلنا أن الله يحبنا. الله أكبر من محدوديتنا وضعفنا وخطايانا. ودعا قداسة البابا بالتالي إلى أن نتشبث بيد الله وننظر إلى الصليب لنسير إلى الأمام.
وتابع البابا فرنسيس متضرعا إلى مريم أم الرحمة كي تضع في قلوبنا اليقين بأننا محبوبون من الله، ولتكن بقربنا في اللحظات التي نشعر فيها بالوحدة وحين نوشك على الاستسلام أمام مصاعب الحياة، وأن تنقل إلينا مشاعر ابنها يسوع كي تكون لنا مسيرة الصوم خبرة مغفرة واستقبال ومحبة.
هذا وعقب تلاوة صلاة التبشير الملائكي وجه الحبر الأعظم التحية إلى المؤمنين والحجاج من روما وإيطاليا والدول المختلفة. وأراد قداسته توجيه تحية خاصة إلى الطلاب الجامعيين القادمين من دول عديدة ليشاركوا في أول “هاكاتون” تستضيفه دولة حاضرة الفاتيكان بمبادرة من أمانة سر الاتصالات، وقال للمشاركين: كم هو جميل أن نضع الذكاء الذي وهبنا إياه الله في خدمة الحقيقة وأكثر الأشخاص عوزا. ثم تمنى قداسة البابا فرنسيس أحدا سعيدا للجميع طالبا منهم ألا ينسوا أن يصلوا من أجله.
وطنية