هذا بعض ما كنّا نعلّمه لطلاب الدورة اللاهوتيّة ومعهد مار أفرام للتثقيف المسيحي في مادّة (المدخل للكتاب المقدّس)
لنتعلّم من تاريخ الكتاب المقدّس
(الجلاء الأوَّل)
في زمن إرميا الَّذي تنبأ من عام (622 ق.م.) حتّى عام (587) كان البابليّون قد فتحوا نينوى العاصمة الآشورية (612)، وبعد موت يوشيا أصبح ابنه يوياقيم (606-598) تابعًا لنبوخذنصر سيّد الشرق الجديد (2 مل 23/ 34-24/ 1)، وفي تلك الأيام زحف جيشه على أورشليم وحاصرها فجلا الملك الشاب يوياقيم وبعض الأشراف (2 مل 24/ 10-17)، وكان من بينهم حزقيال النّبي الَّذي كان يحثّ إخوته المجلوّين على الخضوع للبابليّين، فالمهم في نظره ليس أن تكون الأمّة حرّة أو خاضعة سياسيًّا، بل أن تكون بارّة وحرّة روحيًّا بخدمة إلهها وبممارسة البرّ (حز 11/ 19-21؛ 36/ 26-27). وهذا ما كان يقوله إرميا أيضًا، ولكن عبثًا، فأخذ المجلوّون يعدُّون في الخفية أعلامًا لاستقبال إخوتهم الآتين لإنقاذهم.
(الجلاء الثاني وسقوط أورشليم)
أجلس نبوخذنصر ابنًا آخر ليوشيا، هو صدقيا (593-587) على العرش، لكن صدقيا تمرّد على ملك بابل، لهذا عادت جيوش بابل بعد عشر سنوات؛ عاش فيها الشعب في جنون يضَلِّلُه أنبياء كذّابون يُعللونه بالأوهام ويوهمونه بأنّها ساعة وتعود الأمور إلى مجراها، فواصل الشعب حياة اللامبالاة غير مصغٍ لأقوال الأنبياء خاصة إرميا، وتحالف مع مصر على بابل، فاجتاحت الجيوش يهوذا (588) وسقطت أورشليم وهُدِمَ الهيكل وتم الجلاء الثاني عام (587) فكانت خيبة أمل للمجليّين الأوّلين عندما رأوا إخوتهم قادمين لا كمُحررِّين، بل مُقيدي الأعناق، أنهكهم المشي في طريق طوله (1500 كم)، وسائرين وراء الملك صدقيا المفقوء العينين وهو يحفظ في حدقتيه الفارغتين رؤيا أبنائه المجلوّين (2 مل 25/ 1-7). وهكذا انتهت سلالة داود في أعقاب أربعة قرون.
ونحن أَبناء القرن الحادي والعشرين نختبر اليوم ما اختبروه من سبقونا قبل أَكثر من أَلفين وخمس مئة سنة مضت … ما الّذي تغيّر؟؟؟
المهم في نظر حزقيال نبي هذا العصر أن نكون أبرار وأحرار روحيًّا …!!!
كل كارثة يعيشها الإنسان لا يمكنه أن يدرك معناها وأبعادها إلاّ إذا تأمّل فيها بعمق وروح منفتحة تستطيع أن ترى ما بعد الحدث.