نظمت لجنة الشبيبة في ابرشية البترون المارونية، برعاية المطران منير خيرالله، لقاء الشبيبة الابرشي الثالث عشر في الدير الأم لجمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات في عبرين تحت عنوان “إختر الحياة”، وذلك بعد انتهاء اعمال المجمع الابرشي الذي تناول في توصياته العمل على “مساعدة الشبيبة على تمييز دعوتهم وأخذ خيارات حاسمة لتحقيقها”.
شارك في اللقاء، بالاضافة إلى شبيبة منطقة البترون، وفد من شبيبة أبرشية سان إتيان الفرنسية التي يجمعها مشروع توأمة بأبرشية البترون منذ 21 سنة.
كان ضيف اللقاء الوزير السابق دميانوس قطار، وشاركه المديرة العامة للتعاونيات غلوريا ابو زيد، والمدير العام لشركة A.M.N. International المهندس أنطوني نحول، والباحثة في الفكر الاسلامي والناشطة في الحوار المسيحي الاسلامي الدكتورة نايله ابي نادر، ورئيس ومؤسس Rethinking Lebanon جهاد الحكيم، الذين أداروا مشاغل في طاولات مستديرة وقدموا شهادات حياة حول عيشهم القيم المسيحية والإنسانية في حياتهم العملية وفي إدارة الشأن العام.
ترأس المطران خيرالله الصلاة في بدء اللقاء. ثم قدمت الأخت ياره متى، من جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات، الموضوع بتحليل كتابي من العهد القديم والعهد الجديد عن وصية الله باختيار الحياة، وتوجهت إلى الشباب لتقول: “لا تخافوا ان تعلنوا انكم مؤمنون. وعندما تختارون كلمة الله تشعون من حولكم. واختيار الحياة هو اختيار القبول بيسوع المسيح. ونحن قادرون ان نختار قيمة المسيح في كل عمل نقوم به.”
قطار
في كلمته إلى الشبيبة الحاضرين، انطلق الوزير قطار من التربية المسيحية التي تلقاها في عائلته ومن المدرسة الكاثوليكية ومن التجربة الاقتصادية والاجتماعية التي عاشها طوال سنوات. وقال: “عندما تسلمت وزارة المالية، أدخلت معي الدستور والإنجيل لكي ألتزم بتطبيق القانون بحسب الدستور وبعيش القيم المسيحية بحسب الإنجيل. وفي نصف ولايتي أخذت نص الإرشاد الرسولي رجاء جديد للبنان الذي تركه لنا القديس البابا يوحنا بولس الثاني”.
وأضاف: “نحن اليوم في حاجة إلى مراجع ثابتة للعقل التي تغلب العقل على الحالات النفسية والإجتماعية. شباب العالم، كما شباب لبنان، يعيش في أربع حالات منطلقة من الشك: شبيبة عائمة لا تعرف ماذا تريد، وشبيبة قلقة على المستقبل، وشبيبة متشنجة، وشبيبة تطرح التساؤلات كمنهجية لتخرج بالعقل إلى الخيارات”.
وشرح معنى أن نختار الحياة، وقال: “إذا أردنا أن نختار الحياة لدينا مرجعية العقل التي تغلب العقل على كل هذه الحالات وتذهب إلى تثبيت سلم القيم الذي لا يهتز بتغيير الحالات النفسية. في السلم القيمي يصطدم المجتمع اللبناني بالفصل بين المناقبية (éthique) والأخلاقيات (moralité)”.
وشدد على “التكامل بين الأخلاقيات التي هي سلم قيمي نلتزم بعيشه، والمناقبية التي هي سلم قواعد يتفق عليها المجتمع عبر آلية ديموقراطية متفق عليها بقوة القانون. وتمثل دراجة تمشي على دولابين لتحفظ توازنها”.
ثم عرض لسلم القيم “الذي يساعد على إعادة بناء المجتمع اللبناني والاقتصاد اللبناني والقائم على سبعة مبادئ: 1- الأخلاقيات، 2- المناقبية، 3- المفهوم الديموقراطي، 4- العدالة، 5- الثورة للبحث عن الأفضل وتحدي السلطة الحاكمة، 6- الحيوية والقدرة على العيش معا، 7- نعمة الصبر لمحاربة ذهنية الاستهلاك. ولا خيار للحياة إلا في إطار هذه المبادئ والقيم”.
واكد قطار رفضه “للاستهلاك المرتكز على الاستدانة”، ودعا الشبيبة إلى ان “تعمل على ادارة ذاتيه خارج الاستهلاك المروع والمرتكز على الاستدانة المفرطة”.
وختم ردا على سؤال:”لبنان لا مثيل له ولا يمكن استبداله ولا يقارن، لأنه ليس هناك بلد مثل لبنان”.
المشاغل
ثم انطلق عمل المشاغل التي توزع بينها الشباب المشاركون.
نحول
وتمحور اللقاء مع نحول حول “طاقة الحياة رغم الاعاقة” فعرض للتحديات التي واجهها منذ ولادته. وأكد أن “الغلاف من الخارج ليس مهما، مهما كان وكيفما كان؛ والأهم هو الجوهر من الداخل. ورسالتي هي عدم الهروب من الاعاقة والمواجهة بالقيم والقرار والايمان والثقة بانفسنا والايمان بالله. وعندما نصل الى هذه المرحلة لا يمكن لأي مشكلة ان تقف عائقا في وجهنا لأن الايمان بالله هو السلاح الاقوى لنا”.
ابو زيد
أما ابو زيد فتناولت “الالتزام بالقيم في العمل الاجتماعي والاداري”، وقالت: “منذ أول يوم في عملي واجهت تحديات كبيرة واكتشفت أن الحياة في المجتمع ليست كما في البيت؛ والصعوبات واجهتها بسلاح القيم المسيحية على الصعيد الشخصي والمهني. وكان الزاد الذي حملته معي من عائلتي سلاحا ناجعا للصمود والمواجهة؛ والتزمت المصداقية والتواضع والهدوء؛ ولم يكن سهلا علي تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقي. وادعوكم لأن تلتزموا الأخلاق وتدخلوا في خدمة الشأن العام في مؤسسات الدولة لتلتزموا بالقيم التي تربيتم عليها، لكي نحقق معا خطوة ونقلة نوعية الى الأمام ونضع حدا للأخطاء لكي نبني لبنان من خلال التزامنا القيم الانسانية والمسيحية”.
الحكيم
وعن “التنمية الريفية مبادرات عملية”، تحدث الحكيم فقال: “من خلال عملي وبرامجي لتمكين الشباب اللبناني وتعزيز السياحة في لبنان لمست قصص نجاح عديدة من قبل عناصر شابة في عدة مناطق لبنانية بالاضافة الى تحقيق تبادل متنوع بين لبنان والخارج على مستويات عدة. شبابنا في لبنان يخلقون فرص عمل لهم ولغيرهم”.
وتوجه الى الشباب بالقول: “انتم تساعدون انفسكم وبامكانكم ان تعملوا على عدة افكار خصوصا بعد اعلان لبنان وجهة دينية وهناك مجالات عدة لتسويق المناطق سياحيا ودينيا”.
ابي نادر
اما ابي نادر فتكلمت عن “العيش معا مسيحيين ومسلمين”، وقالت: “نعيش في عالم يأخذ العنف فيه اشكالا عدة، وهذا العنف يروج باسم الدين بالاضافة الى استسهال توعية الغرائز الدينية في العالم. مهم جدا كيف انظر للآخر وكيف أكون صورة الآخر. علينا ازالة الحواجز بين بعضنا البعض وتصالح النفوس والمشكلة هي الخوف والجهل. كلمتان تشعلان حربا في لبنان”.
وعرضت لـ “وثيقة الاخوة” التي وقعها شيخ الازهر والبابا فرنسيس حول بناء السلام العالمي والعيش المشترك وبنودها والتركيز على الحوار وعدم الخلط بين الدين واستعمال السياسة في الدين، بين الدين ورجال الدين، وبين الدين كدعوة وكنص وبناء السلام العالمي وما يتم تظهيره”.
وقالت: “نشر العنف هو جريمة، فلنلتق على ما هو مشترك من حفاظ على الطبيعة وعلى القيم الاخلاقية والانسانية والاجتماعية والسياسية والثقافية ومن دونها ينهار البناء وكل شيء. الاخوة والسلام العالمي هما الاساس في الشرق والغرب”.
بعد ذلك قدم المطران خيرالله أيقونة شعار المجمع الابرشي للمحاضرين.
ثم انتقل الجميع الى كنيسة الدير حيث ترأس المطران خير الله قداسا بمشاركة مرشد لجنة الشبيبة الخوري بيار طانيوس والاب باتريك فريني، في حضور الرئيسة العامة لجمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات الاخت ماري انطوانيت سعاده، والمحاضرين بالاضافة الى الشبيبة اللبنانية والفرنسية.
خيرالله
وبعد تلاوة الانجيل المقدس، ألقى المطران خيرالله عظة قال فيها: “”أردنا ان يكون لقاؤنا في هذا المكان المقدس لنستذكر فيه حياة مؤسس جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات البطريرك الياس الحويك، البطريرك والاب والقائد والرجل الوطني الذي منذ اسبوعين أعادت الكنيسة الجامعة بلسان البابا فرنسيس إعلانه مكرما على طريق القداسة. لقاؤنا اليوم يعيدنا الى جذورنا الإيمانية والى الرسالة التي حملنا اياها ربنا وسيدنا يسوع المسيح. وما سمعناه اليوم من قراءات من الرسائل والانجيل يحملنا مسؤولية كبرى نحن أبرشية البترون، ابرشية القداسة والقديسين، وخصوصا الشبيبة، تماما كما كان البطريرك الحويك يعلق آمالا كبيرة على شبيبة الوطن واليوم نحن الكنيسة نضع آمالنا ورجاءنا فيكم انتم شبيبة الابرشية”.
واضاف متوجها الى الشبيبة بالقول: “لا تخافوا! وكما قال ضيوفنا بشهادتهم المسيحية الملتزمة بالقيم والمبادىء المسيحية، انتم مدعوون لعيش هذه القيم، تماما كما تربيتم في عائلاتكم المباركة التي اعطت قديسين من رفقا ونعمة الله والاخ اسطفان والبطريرك الحويك. جميعهم تربوا في عائلات مسيحية مباركة لذلك تقدسوا ولبوا دعوة الله الى القداسة. وانتم حاضر ومستقبل الكنيسة والوطن، الوطن الرسالة الذي سعى البطريرك الياس الحويك مع كل ابنائه اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، لأن يبني منه دولة لبنان الكبير والوطن الرسالة الذي اعترف به البابا يوحنا بولس الثاني من جديد أمام شعوب العالم وحكامها، لبنان هو أكبر من بلد لبنان، اكبر من جغرافيا، لبنان هو الوطن الرسالة. وهذه المسؤولية نحملكم اياها باسم المسيح وباسم كنيستكم وباسم أبرشيتكم. وكلنا ثقة وكلنا رجاء انكم على قدر هذه المسؤولية وانكم قادرون ان تخترقوا كل الابواب المغلقة في وجهكم وقادرون على مواجهة كل التحديات والحواجز التي قد يزرعها العدو في ليلة الظلمة، ظلمة هذه الايام؛ وانتم قادرون أن تكونوا النور لشعبنا وللمسؤولين عنكم وعنا، وقادرون ان تكونوا رسل سلام، رسل محبة ومصالحة، رسل رجاء وفرح”.
وتابع: “إخوتكم الشباب والشابات ينتظرون منكم كلمة رجاء وفرح وأنتم مدعوون لأن تعيشوا مسيحيتكم ورسالتكم للمسيح وباسم المسيح بفرح كبير. أنتم اقوى من الخوف واقوى من اليأس. لا تستسلموا. وأنا على يقين انكم قادرون على اعادة بناء المجتمع والدولة والوطن على القيم التي تجمعنا جميعا والتي تعلمناها من سيدنا يسوع المسيح وانجيل المسيح ومن آبائنا وأجدادنا، البطاركة والاساقفة والكهنة والرهبان والراهبات والنساك والامهات والآباء الذين ضحوا مجانا في سبيل ان نبقى ثابتين بإيماننا وشهادتنا للمسيح وذلك بالمجانية التي يطلبها منا المسيح؛ لا تأخذوا معكم شيئا في الطريق، بل احملوا فقط رسالة المسيح والروح القدس يرشدكم على الطريق ولا تنظروا الى الوراء. يقول لكم المسيح: مجانا أخذتم ومجانا أعطوا. أنا معكم وأقود خطاكم والروح يلهمكم الى كل ما تتكلمون به شهادة للعالم أنكم حقا بمحبتكم تلاميذي”.
وبعد القداس، قدم المطران خيرالله شعار المجمع الابرشي للاخت سعاده، شاكرا استضافتها شبيبة الابرشية في الدير.
وطنيّة