كتب الأب طوني خضره
افتتحنا مكتب لابورا في لبعا قضاء جزّين في تشرين الثاني 2010 ، وقد تردّدت على هذه المنطقة بشكل مستمرّ لمدّة ثلاثة أشهر وفي نهاية كلّ أسبوع (سبت وأحد).
ذلك ليتسنّى لي معرفة الواقع المسيحيّ هناك، فزرت القرى والأحياء والمدن، وتعرّفت على وجه يسوع المشرّد والمتألّم والخائف بشكل قويّ ومؤثّر. وأدركت حجم التهجير وبيع الأراضي، وخسارة الأجيال الشابّة والمنتجة.
ليس ما ورد سابقًا هو هدف مقالتي بل هو مقدّمة لأقول: كنت أعود مساءً كلّ أحد والدموع في عينيّ، من صيدا وجزّين حتّى دير مار روكز الدكوانه حيث أرقد منزعجًا ومضطربًا ومتألّمًا من هذا الواقع المرير، وبخاصّة إختلال التوازن الديموغرافيّ وهجرة الشباب …
إنّ هذه الخبرة جعلتني أسأل وبشكل مستمرّ حتّى اليوم هل المسؤولون عندنا (دينًا ودنيا)، يعرفون هذا الواقع؟ إذا كان الجواب نعم، فهل هم يتأثّرون أو يبكون؟ وإذا كانوا كذلك فكيف يعبّرون عن تأثّرهم؟ وهم المسؤولون عن هذا الشعب، الحرب حربهم، والتهجير تهجيرهم!
وبعد خبرة طويلة جاءني الجواب: يعرفون وعندهم آذان ولا يسمعون وعندهم عيون ولا يبصرون وعندهم قلوب و لا يشعرون، وقد وضعوا مكان قلبهم الحيّ من لحم ودم، قلب حجر لا بل صوّان. لا ماء ولا دماء في عروقهم، لذلك لا يتأثّرون ولا يبكون. مات ضميرهم حتّى أصبحت كلمة ضمير عار عليهم، باعوا ضميرهم للمساومة لمصالحهم الخاصّة.
وكنت كلّ مرّة أمرّ على نهر الأوّليّ وأنا عائد إلى قلاّيتي (غرفتي) كنت أرى صورة معلّقة هناك للشيخ العلاّمة محمّد مهدي شمس الدين مكتوب عليها: “قمّة العبادة خدمة الإنسان”. وكنت بدوري أردّد في قلبي أنّ هؤلاء المسؤولين عندنا يردّدون دائمًا في نفوسهم: “قمّة النجاح إستعباد الآخرين”
وللحديث صلة.