سبقت البطريركية الانطاكية اختتام الـ”سيناكسيس” ببيان اعلنت فيه ما لم يُعلِنه البطاركة في بيانهم: انسحاب وفدها من الاجتماع، تعليق توقيعها بيانه الختامي، وعدم المشاركة في القداس الختامي. ووراء كل ذلك، خلاف مأزوم مع البطريركية المقدسية، فما رآه البطاركة الارثوذكس في السيناكسيس “مناسبة مباركة لنا كي نعزز وحدتنا من خلال الشراكة والتعاون”، كان للوفد الانطاكي “فشلا في المساعي” مع البطريركية المقدسية لايجاد حلّ “لتعديها” على حدود البطريركية الانطاكية.
وكان الموقف: الانسحاب. من 6 آذار 2014 الى 9 منه، عقدت القمة في الفنار، مركز البطريركية المسكونية في اسطنبول، بدعوة من البطريرك المسكوني برثلماوس الاول، “للبحث في مسائل تخص الكنيسة الارثوذكسية باجمعها في ارجاء العالم، والتدابير الاجرائية لدعوة المجمع المقدس الكبير، الذي بلغت تحضيراته مراحلها النهائية”، وفقا للبطريركية المسكونية.
وسبق القمة اجتماع تحضيري ليومين (4-5 آذار) في البطريركية، بهدف التحضير لمسودة بيان القمة التي تُتوّج بقداس في كنيسة القديس جاورجيوس، وذلك تعبيرا عن “الوحدة الارثوذكسية”، وفقا للبطريركية. وخلال القداس، تُلي بيان القمة: “السيناكسيس” مناسبة مباركة لنا كي نعزز وحدتنا عبر الشراكة والتعاون. ونؤكد التزامنا الاهمية القصوى لمجمعية وحدة الكنيسة. ونؤكد كلمات القديس يوحنا الذهبي الفم، رئيس أساقفة القسطنطينية، أن “اسم الكنيسة يعني الوحدة والوفاق، وليس الانقسام”. قلبنا عازم على المجمع المقدس الكبير للكنيسة الارثوذكسية الذي طال انتظاره، من اجل الشهادة لوحدتها، فضلا عن مسؤوليتها تجاه العالم المعاصر واهتمامها به”. وتوافقت القمة على “وجوب تكثيف الاعمال التحضيرية للسينودس. وستعمل لجنة داخلية ارثوذكسية خاصة، من ايلول 2014 حتى فصح 2015، تتبعه دعوة الى اجتماع تحضيري للسينودس في النصف الاول من 2015. وكل القرارات المتخذة فيه وخلال مراحله التحضيرية ستكون بالاجماع. ويدعو البطريرك المسكوني الى المجمع المقدس الكبير السنة 2016، الا اذا حصل ما ليس متوقعا”. الى موضوع المجمع، تناول رؤساء الكنائس الارثوذكسية ايضا استشهاد المسيحيين وشهادتهم في الشرق وافريقيا واجزاء اخرى من العالم، خطف المطرانين بولس يازجي ويوحنا ابرهيم وراهبات معلولا في سوريا، الازمة السياسية في اوكرانيا، مسألة “العدالة والسلام المهددين في العالم”، وغيرها. 9 نقاط مفصلة بمواضيع محددة، ولكن اي اشارة لم ترد فيها الى الخلاف بين البطريركيتين الانطاكية والمقدسية، او الى انسحاب الوفد الانطاكي من الاجتماع والدوافع الكامنة وراءه.
مساعٍ باءت بالفشل وما تجاهله بيان القمة اعلنته البطريركية الانطاكية بوضوح في بيان اصدرته السبت 8 آذار، قبل يوم من اختتام الـ”سيناكسيس”، شرحت فيه سبب انسحاب وفدها، الذي تألف من المطرانين سابا اسبر وسلوان موسي والأب بورفيريوس جورجي، قالت: “شارك الوفد بفرحٍ كبيرٍ والتزامٍ واضحٍ بإنجاح أعماله في اجتماع رؤساء الكنائس الأرثوذكسية وأعماله التحضيرية. وأثار في الاجتماع الخلاف القائم بين البطريركيّتين الأنطاكيّة والمقدسيّة، وحاول، بتوجيهٍ مباشرٍ من البطريرك يوحنا العاشر الذي تغيّب عن الاجتماع لدواعٍ صحيّة، وبالتنسيق مع البطريرك المسكوني، العمل على حل هذا الخلاف بما يتلاءم والمقررات التي تم الاتفاق عليها في الاجتماع الذي عُقد في أثينا، وحضره ممثلون لكنائس القسطنطينيّة وأنطاكية والقدس”. غير ان “كل مساعي البطريرك المسكوني والوفد الأنطاكي مع بطريرك القدس باءت بالفشل”، وبقيت الكنيسة المقدسية “متشبثة بإنشاء أبرشية وإقامة أسقف عليها، ضمن الحدود القانونية لبطريركية أنطاكية”، “رافضة أي حل لهذه الأزمة لا يكرّس الأمر الواقع، رغم اعتراف أغلبية الكنائس الارثوذكسية بصوابية الموقف الأنطاكي”. وتجاه “رفض بطريرك القدس وساطة البطريرك المسكوني لحل هذه الأزمة، وفقاً لأحكام التقليد والقانون الكنسي”، كان القرار الانطاكي: “سحب الوفد من اجتماع رؤساء الكنائس وتعليق توقيع بيانه الختامي الى حين إيجاد حل لهذه الأزمة، وعدم المشاركة في القداس الختاميّ الذي يقام أحد الأرثوذكسية، كتعبيرٍ عن أن الوحدة الأرثوذكسية لا يمكن أن تتحقق في ظل تعدي كنيسة على حدود كنيسة شقيقة، وتنّكرها للاتفاق الذي تم برعاية خيّرة ومُحبّة من البطريرك المسكوني”. ومن المقرر ان “يُطرح الموضوع مجدّدًا في المجمع الأنطاكيّ المقدّس الذي يعقد في 27 آذار الجاري، لاتخاذ الخطوات التي يراها مناسبةً، نظرًا الى الوضع المستجد”. وناشدت البطريركية “رؤساء الكنائس الارثوذكسية الشقيقة العمل على حل هذا الخلاف، وفقاً لأحكام القانون الكنسي، وبأسرع وقتٍ ممكن، تلافياً لما يتسبب به هذا الأمر من إعاقة للوحدة الأرثوذكسية”.
النهار