اتُخذ القرار بعدما نفد الصبر. إغلاق قناة “العرب” نهائياً وتسريح الموظّفين. لم يُحسم أمر التعويضات. ما حُسم أنّ صاحبها الأمير الوليد بن طلال تكبّد ما يكفي من مصاريف وإيجارات. لم يُقصّر مع موظّفيه، لكنّ الانتظار الطويل عبثي.
تُخبرنا مصادر مطّلعة على الملف من الرياض، أنّ نيات الأمير كانت صافية، فأراد إنقاذ المشروع وناسه، لكنّ عراقيل رُفِعت في وجهه، وخفت الأمل حتى اختنق. لم يعد ثمة مفرّ من تجرّع كأس أبعدها عنه منذ الـ2010: كأس الإغلاق والنهاية غير السعيدة. نحو 170 موظفاً بينهم نحو 20 لبنانياً ينتظرون الأيام المقبلة. “إيميل” أبلغهم أنّ كلّ شيء انتهى. و”موضوع التعويضات سيُبتّ خلال أسبوعين تقريباً”. يلوح في البال شبح “باك”. هل يمكن أن يكون مصيرهم واحداً، فتضيع الحقوق؟ ثمة همسٌ بالهواجس، وقلق. قيل لهم أن ينتظروا اتصالاً قريباً. منذ نحو شهر ونصف شهر، اختلفت الأجواء. ضُخَّ فيهم الأمل. “ليس صحيحاً ما يُشاع عن إقفال. المشروع قائم. مطلقو الشائعات سيُحاسبون”. تبخّرت الطمأنينة.
سرت أحاديث عن نيّة بلدان استضافة القناة بعد تعذّر استمرارها في البحرين، وكان المانع تجنّب “الاصطدام مع السلطة السعودية”. وثمة رغبة أخرى: التخلّي عن مدير القناة الإعلامي السعودي جمال الخاشقجي. الأمير رفض. كلاهما تمسّك بالمشروع حتى النفَس الأخير، إنما الظرف غلب الحلم. لم تُرد الدول المُرحّبة بالاستضافة توتّراً في العلاقات مع المملكة. الأمير انتهج خطاً اعتُبر “منفتحاً” يختلف ببعض وجهات النظر مع السياسات العامة. لا مساومة في السعودية “على الالتزام بالأعراف الخليجية، بينها حيادية المواقف الإعلامية وعدم المسّ بما يؤثر سلباً في روح الوحدة وتوجّهاتها”. خطاب تداولته صحف بحرينية بُعيد توقيف بثّ “العرب”. استِضافتها معارضاً بحرينياً، في اليوم الأول لانطلاقتها، عزَّز احتمال الشكّ بالنيات وصاحبها. انتهت الخدمات، إلى اللقاء. وكما غنّت الستّ التي مرّت ذكراها جميلةً: “إنما للصبر حدود، ما تصبّرنيش ما خلاص”.
النهار