كما رفع موسى الحيّة النحاسيّة في الصحراء فكانت علامةً محسوسةً من عندالله ، ويكفي نظرةُ متوسّل إليها لإلغاء مفعول سمّ الأفاعي الناريّة ( عدد ٢١ : ٤ – ٩ ) ، كذلك رُفع يسوع ابن الله مذبوحاً على الصليب ، ويكفي نظرةُ إيمان إليه لشفاء النفس وخلاصها الأبديّ ” فإنه لم يَصعَد أحدٌ إلى السماء إلاّ الذي نزلَ من السماء وهو ابنُ الإنسان .وكما رَفعَ مُوسى الحيّة في البريّة فكذلك يجبُ أن يُرفَع ابن الإنسان لتكون به الحياةُ الأبديّة لكُلِّ من يُومن . فإنّ الله أحبّ العالم حتّى إنّه جاد بابنه الوحيد لكي لا يٓهلِكَ كُلُّ من يُؤمنُ به ، بل تكونَ له الحياةُ الأبديّة . فإنّ الله لم يُرسل ابنهُ إلى العالم ليدينَ العالم بل ليُخلّصَ به العالم ” ( يوحنا ٣ : ١٣ – ١٧ ) .
فما أجملَه في تواضعه وتجرّده عن ذاته . وما أشدّ قدرة طاعته ! بل بالأحرى ما أعظمَهُ بصليبٍ كان رمز الموت والعار فأصبح باسمه إشارة المجد والإنتصار ” فمع أنه في صورةِ الله لم يَعُدّ مُساوته للهِ غنيمة بل تَجرّدَ من ذاتِهِ مُتّخِذاً صورةَ العبد وصار على مثالِ البشر وظهرَ بمظهرِ الإنسان فوضعَ نفسه وأطاعَ حتى الموت ، الموت على الصليب ، لذلك رفَعَهُ الله ووهَب له الإسم الذي يفوقُ جميع الأسماء كيما تجثو لإسم بسوع كُلُّ رُكبةٍ في السماء وفي الأرضِ وفي الجحيم ويَشهدَ كُلُّ لسانٍ أنّ يسوع المسيح هو الرّبّ تَمجيداً للهِ الآب ” ( فيليبي ٢ : ٦ – ١١ ) .
المقدرة على الغفران :
مات المسيح وقام مرةً واحدة فوهب المغفرة لجميع خطايا البشر . هكذا أصبح ” سيّد الأحياء والأموات ” ، ” وقد مات المسيحُ وعادَ إلى الحياة ليكونَ ربّ الأموات والأحياء ( رومة ١٤ : ٩ ) . فمن نال هذا الغفران عليه أن يقبل الإقلاع عن ميول وأهواء كثيرة لا تليق ببشر ، كالإنتقام والغضب والضغينة ، ويجدر به أن يكشف عن أسارير قلبه للنعمة الإلهيّة التي وحدَها قادرةٌ على حمله إلى المغفرة لإخوته ” سبعين مرّة سبع مرّات ” ( متى ١٨ : ٢١ – ٢٢ ) .
زينيت