يُروى عن كاهن بسيط أنه كان يواجه أسئلة غريبة ومناقشات حادة من بعض المؤمنين الجدد القادمين الى رعيته، وإنهم أخذوا في الفترة الأخيرة يتكبرون عليه غير مدركين أن الإيمان مسيرة حياتية و أن المعرفة الحقة تقلص الأنا على ما يقول أينشتاين.
وفي إحدى المرات أثناء الجدال فاجأهم الكاهن بوعاء زجاجي كبير وأخذ يملأه بالحجارة ثم طرح السؤال: ” هل الوعاء مملوء “؟؟ فأجابوا بثقة: ” أنه كذلك !!” فإبتسم الكاهن و أضاف بعض حبات الفول في الوعاء وهزّه فملأت الحبات الفراغ بين الحجارة وسأل من جديد : “هل الوعاء مملوء”؟؟ فجاء الجواب إيجاباً بشيء من التردد ! بعد ذلك، قام الكاهن بسكب بعض من الرمل في الوعاء و بهدوء كرر السؤال فجاءت الإجابة متقطعة وغير واثقة: نعم… ومجدداً إبتسم الكاهن وصبّ عدة أكواب من الماء ولكن هذه المرة أجال نظره في الجماعة الواجمة وقال : “إن الحجارة هي ما قرأتموه عن الإيمان .. وحبات الفول هي أعمالكم ، والرمل هو خبرتكم أما الماء فنعمة إلهية !!وكلما أسرعتم في الإعتقاد أنكم إمتلكتم ملء المعرفة كلما تقلّص الأمل في امتلائكم …”
إذا لم يكن هناك حدود لضرورة التواضع في النظام الأخلاقي ( فأعظم القديسين هم المتواضعون الذين كانوا يصنفون ذواتهم خارج خانة القداسة )، يمكننا أن نتبنى المقاربة نفسها بشأن النظام الفكري: فإن الله وحده هو كلي العلم ، و الغموض هو غذاء عقلنا … أما حكمتنا الأولى والأخيرة على الأرض كما في السماء هي سقراطيـة : أن نعرف كم هو قليل الذي نعرفه.
بقلم انطوانيت نمور / زينيت