تحقيق بدوي حبق
وطنية – لتصل إليها، يجب أن تسلك طريقا تنحدر من قرية قنات الى مزرعة بني صعب نحو وادي مار شليطا في منطقة قضاء بشري، تمر فوق الجسر، ومنه صعودا باتجاه الشرق…هنا تقع كنيسة ومغارة مار شليطا. فالكنيسة تقع داخل تجويف صخري في الضفة اليسرى من الوادي. قسم من الكنيسة محفور في الصخر والآخر مبني بحجارة منحوتة بطريقة غير متقنة، جمعت بعضها الى بعض بمزيج من الكلس والرمل.
الكنيسة كناية عن رواق واحد حيث يشكل التجويف سقفها وحائطها الجنوبي يقع مدخلها في الحائط الغربي ويعلوه عقد مكسور من الجهة الخارجية. تكمن أهمية هذه الكنيسة في وجود شرقيتين، واحدة تشكل الحائط الشرقي والأخرى ملاصقة للحائط الشمالي. واللافت أن جدار الشرقية الأولى بني قسم منه فوق الشرقية الثانية الأمر الذي يؤكد حصول مرحلتين من البناء.
أما المغارة فيقع مدخلها في الضفة اليمنى من وادي مار شليطا قبالة الكنيسة، وقد أهلت وزارة الموارد بعض ممراتها منذ الخمسينات بهدف جر المياه من داخلها مما سهل الوصول الى مجرى الماء الجوفي.
تتألف المغارة من مستويين: المستوى الأعلى وهو جاف نسبيا والمستوى الأسفل حيث مجرى الماء الجوفي، بالإضافة الى النبع الذي هو كناية عن قاعة مغمورة بالمياه. وقد عثر في محيط وأسفل المغارة والبئر على بقايا فخارية تعود للعصر البرونزي، فضلا عن أدوات صوانية تعود الى العصر الحجري القديم بالإضافة الى عظام حيوانات لم يتم تحديد تاريخها. مع الإشارة الى وجود أمكنة تحتوي على عظام بشرية وبقايا من الفخار ترجع الى العصر البرونزي والعصر الوسيط.
وهناك رواق متعرج، عال نسبيا، يؤدي الى قاعة واسعة، علوها أكثر من أربعة أمتار في طرفها الجنوبي بئر ارتوازية تؤدي الى المستوى السفلي للمغارة حيث يوجد نهر جوفي ينساب في قعر ضيق مولدا شلالات صغيرة عدة.
في الإطار التاريخي، وفي ما يختص بمرحلة ما قبل التاريخ، يمكن القول ان بعض الأدوات الصوانية التي وجدت في المغارة تدل على سكن خلال العصر “الباليوليتي الوسيط” أي المرحلة المسماة “الموستريان”. وفي ما يتعلق بالعصر البرونزي فقد تبينن وجود سكن في آخر العصر البرونزي الوسيط وبداية البرونزي المتأخر (1600 ق.م). ويقال ان التقنيات الأثرية وحدها تسمح بتقييم نوع السكن وإبراز أسبابه في فترة تاريخية اشتهرت بتنظيماتها المدنية مثل جبيل وعرقا وبيروت وغيرها.
وفي خلال الإهتمام بالمغارة والعمل على اكتشاف ما فيها من قبل جمعية تهتم بأمرها، فوجىء أعضاء الجمعية بقدوم مستغورين من وادي استغوار بلجيكي (Spekul) حيث تم التعارف والموافقة على متابعة الإستكشاف سويا. وقد عثر وشوهد في النهر الجوفي أثناء الإستكشاف على انهيار يظهر بعدها أجمل منظر للترسبات في المغارة وهو عبارة عن شلال صخري أحمر على يساره وجدت تعرجات تحتوي على مياه راكدة بقعرها تحجرات نقية تشبه تلك الموجودة في القاعة الحمراء في مغارة جعيتا.
الموقع كنيسة ومغارة مدار اهتمام أبناء البلدة رئيس بلديتها ومختارها والجمعية، حتى المستكشفين في العالم لما تحمل من معان ورموز دينية وتاريخية وجمال طبيعي من صنع الخالق نفتخر فيها وتتميز بها منطقتنا ووطننا.
وطنية