لقد حاول المجرب أن يبعد يسوع عن مشروع الآب، أي عن طريق التضحية، طريق الحب، والذي فوقه سيقدم ذاته كفارة عن البشر، ليجعله يستخذ طريقا سهلاً، طريق النجاح والسلطة. تمّت المواجهة بين يسوع والشيطان من خلال تبادل أقوال من الكتاب المقدس. فقد حاول الشيطان، في الواقع، أن يبعد يسوع عن درب الصليب، مقدما لها آمالا مسيانية مزيفة: الرفاهية المالية، من خلال إمكانية تحويل الحجارة إلى أرغفة خبز؛ والأسلوب الاستعراضي العجائبي، من خلال فكرة أن يلقي بنفسه من على شرفة الهيكل لتنقذه الملائكة؛ وأخيرًا من خلال الطريق المختصر للسلطة والتسلُّط مقابل فعل سجود وعبادة للشيطان. هذه هي مجموعات التجربة الثلاث: والتي نحن أيضًا نعرفها جيدا!
لقد رفض يسوع رفضا قطعيًّا هذه التجارب جميعها مؤكدا إرادته القاطعة في إتباع الدرب التي حددها الآب، دون أي تسوية أو مساومة مع الخطيئة ومع منطق هذا العالم. لاحظوا بانتباه إجابات يسوع. فهو لا يتحاور مع الشيطان، كما فعلت حواء في الفردوس، فيسوع يعرف جيدا أن مع الشيطان لا يمكن التحاور، لأنه ماكر للغاية. ولهذا فيسوع، بدلا من أن يتحاور معه كما فعلت حواء، قد اختار الالتجاء لكلمة الله، اختار الرد بقوة هذه الكلمة. دعونا نتذكر هذا: علينا في وقت التجربة، وقت تجاربنا، ألا نتحاور مع الشيطان، بل نحتمي في كلمة الله! وهذا سيخلصنا. يذكرنا يسوع، من خلال أجوبته على الشيطان، أنه “ليسَ بِالخُبزِ وَحدَه يَحيا الإِنْسان بل بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخرُجُ مِن فَمِ الله” (مت 4، 4؛ تث 8، 3)؛ وهذا الأمر يعطينا قوة، ويعضدنا في جهادنا ضد ذهنية العالم التي تحط الإنسان واضعة إياه على مستوى الحاجات الأوليّة، لتفقده الجوع لما هو حقيقي وصالح، أي الجوع لله ولمحبته. يذكرنا يسوع أيضًا أنه كُتب: “لا تُجَرِّبَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ” (آية 7)، لأن درب الإيمان تمر أيضًا عبر الظلام، والشك، وتتغذى بالصبر والانتظار المثابر. يذكرنا يسوع أخيرًا أنه كُتب: “لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسجُد وإياه وَحدَه تَعبُد” (آية 10)، أي أنه علينا أن نتخلص من الأصنام، ومن الأشياء الزائفة، لنبني حياتنا فوق ما هو جوهري.
تجد كلمات يسوع هذه تأكيدها وتتجسّد من خلال أعماله. فأمانته الكلية لتدبير محبة الله ستقوده، بعد ثلاث سنوات تقريبًا، إلى المواجهة النهائية مع “أمير هذا العالم” (يو 16، 11)، في ساعة الآلام والصليب، حيث سيحقق يسوع انتصاره النهائي، انتصار الحب!
الإخوة الأعزاء، زمن الصوم يشكل لنا جميعًا فرصة ثمينة لنقوم بمسيرة توبة، معضدين حقا بنص إنجيل اليوم هذا. فدعونا نجدد وعود معموديتنا: ولنجحد الشيطان وجميع أعماله وإغراءاته– لأن الشيطان هو آسرٌ – كي نسير على دروب الله “فـنصل إلى الفصح بفرح الروح” (صلاة القداس الافتتاحية للأحد الأول من الصوم الأربعيني).
ثم صلاة التبشير الملائكي
أتوجه بتحية حارة لجميع مؤمني روما ولجميع الحجاج!
وأحيي المجموعات الرعوية القادمة من بيللا (Biella)، ومن فيرشللي (Vercelli)، ومن لاورا دي باستيوم (Laura di Paestum)، والقديس مارزانو (San Marzano)، وأوستا (Aosta)، ولاتينا (Latina)، وأفيللينو (Avellino) وباكينو (Pachino).
أحيي معهد “القديسة مريم” من إلشي (Elche) بإسبانيا.
تحية خاصة لشباب روسولينا (Rosolina)، الذين سينالون يوم الأحد القادم سر التثبيت، وكذلك القادمين من توسكانا (Toscana) والذي سيقومون في روما بقطع “عهدا” لاتباع يسوع، وكذلك لشباب بيديرنو دونيانو (Paderno Dugnano)، وسيرينيو (Seregno)، وبيللاريا (Bellaria) وكورنو (Curno). كما أحيي كذلك آباء وأمهات أطفال كابياتى (Cabiate).
دعونا نكترث، في أثناء مسيرة الصوم الأربعيني هذه، بدعوة الكاريتاس الدولي من أجل القضاء على الجوع في العالم. وأتمنى لكم جميعًا مسيرة صوم مثمرة؛ وأسألكم أن تصلوا من أجلي ومن أجل معاونيّ في الـ”كوريا الرومانية”، لأننا سنبدأ في هذا المساء أسبوع الرياضة الروحية. شكرا!
أتمنى لكم جميعًا أحدًا مباركًا وغداء هنيئا. وإلى اللقاء!
زينيت