لبنان في “سيليكون فالي” يستكشف الآفاق العالمية

لا بد للبنانيين من ان يخرجوا من قوقعة واقعهم الداخلي الذي فرضته اوضاع سياسية وشبكة مصالح محلية واقليمية على حساب بلدهم، ليستطلعوا آفاق المستقبل، بعدما حُكم على شبابهم بالهجرة هرباً من بطالة فاقت نسبتها 30 في المئة في صفوفهم.
وبمبادرة جيدة هي الثانية بعد نسخة أولى العام الماضي كانت وجهتها نيويورك، نظمت غرفة التجارة الأميركية – اللبنانية بالتعاون مع شركة “startup megaphone” جولة لوفد واسع من الجهات التي تشكّل منظومة قطاع شركات التكنولوجيا الناشئة في لبنان، ضم الى جانب رئيس الغرفة سليم الزعني وعضو مجلس ادارتها وليد عساف، رئيس شركة “startup megaphone” سامر كرم وعضو مجلس هيئة الاسواق المالية فراس صفي الدين والوزير السابق نقولا صحناوي، ورئيس صندوق “بيريتك” مارون شماس، اضافة الى ممثلين لعدد من الشركات الناشئة وممثلي صناديق ومحامين في قطاع الشركات الناشئة.
وترمي الزيارة التي تستمر نحو أسبوع وتنظم فيها زيارات الى اهم الشركات الأميركية العالمية العاملة في هذا القطاع، الى إتاحة الفرصة امام الشركات الناشئة اللبنانيّة في قطاع التكنولوجيا والجهات المعنية به في لبنان للاطلاع على أفضل التجارب في مجال الاستثمار ومسرّعات الأعمال والإرشاد الاستثماري في عاصمة التكنولوجيا والابداع “سيليكون فالي”، على ما يقول رئيس الغرفة الأميركية اللبنانية سليم الزعني، كاشفا أن “الجولة تتيح لاعضاء الوفد مد جسور تواصل مع شركات ناشئة في سيليكون فالي سعياً إلى تسهيل تشاركها المعرفة، وتنمية الأعمال في ما بينها، إضافة إلى تعريف الشركات الأميركيّة الناشئة، والمستثمرين الأميركيين، ومسرّعات الأعمال، على الفرص المتاحة في السوق اللبنانية واسواق المنطقة، وعلى دور لبنان كبوابة عبور إليها”.
ولا يقلل الزعني “أهمية المؤتمر التي تكمن في إفساح المجال أمام الشباب اللبناني للخروج إلى الأسواق الدوليّة والتعريف بشركاتهم وابتكاراتهم وتسهيل إمكانات التواصل بين الشركات والصناديق الاستثماريّة المهتمّة”.
من جامعة ستانفورد بدأت جولة الوفد وتحديدا من مختبر مدير وحدة الأبحاث البروفسور اللبناني الأصل بيار خوري يعقوب ليقدم محاضرة امام الوفد حول اهم وآخر الابتكارات التي تنجزها الجامعة في مجال الهندسة والطب.
وبعد شرح مسهب للتحولات الثورية التي تم تحقيقها في مجال الطب مع الانتقال الى المعالجة عبر الذبذبات فوق الصوتية التي تغني عن الجراحة ومدى مساهمتها في تحسين معيشة الانسان، توقف خوري عند الحالة اللبنانية ليؤكد ان لبنان يتمتع بقدرات وطاقات مهمة، لكنه يفتقد عناصر أساسية للنجاح في مقدمها البنى التحتية في مجال التكنولوجيا والاتصالات او المناخ والبيئة الملائمان لتطوير الإبداع، فضلا عن فاقة كبيرة تتمثل بعدم احترام المهل، وهذا في رأيه مهم جداً في مجال الاختراع. اذ لا يمكن وضع حد أقصى لمشروع ومن ثم المماطلة بتنفيذه.
بعد جولة في مختبرات ستانفورد، زيارة “بحث” في المقر الرئيسي لشركة “غوغل”، حيث أتيح للوفد الاطلاع عن قرب على اعمال هذه الشركة التي تحتضن كوادر لبنانية بنسبة 6 في المئة من طاقمها، ثم مشاركة في مؤتمر “يوم الابتكار الأوروبي” (European Innovation Day)، وفي حلقات نقاشية في شركة “لينكد إن” (LinkedIn).
لا شك في ان اسماء مثل “غوغل” و”فايسبوك” و”انستغرام” و”لينكد إن” و”أوبر” و”مايكروسوفت” هي أسماء جاذبة في وسط العالم الافتراضي الجديد، لكن زيارتها لا تقل اهمية عن اللقاءات والحلقات النقاشية الاخرى التي أمكن الوفد اللبناني ان يستمع فيها الى شروحات ونصائح قيّمة قدمها عدد من المساهمين الكبار او مؤسسي شركات التكنولوجيا الأميركية.
ففي حلقة نقاشية مع الشريك المؤسس لشركة “techCrunch” للمنشورات الالكترونية كيث تير الذي استضاف الوفد اللبناني في منزله في الوادي، قال ان أفق التوسع بات كبيرا جداً وان الفرصة للاستثمار اليوم متاحة بقوة في ظل سوق افتراضية لا تقل عن 4 مليارات شخص وعبر الهواتف الخليوية ومواقع التواصل المفتوحة من دون حدود.
نصيحة مهمة قدمها تير الى اللبنانيين، والذي لا يعرف عن لبنان الا تذوّقه لمأكولات لبنانية في احد مطاعم سان فرنسيسكو. فهو يرى انه ليس صحيحا أبدا ان وجود اللبنانيين في بلادهم لا يخولهم التوسع او يشكل نقطة ضعف امام انطلاقهم الى العالم. فالعالم بات افتراضيا ويمكن ولوجه عبر تكنولوجيا الاتصالات. وهو مقتنع بأن اي فكرة يمكن ان تتحول الى شركة ناجحة ومربحة، لكن المهم ان تكون مبتكرة وجديدة.
في رأيه يجب توافر 3 صفات من اجل استقطاب المستثمرين: الإثارة، الجشع والعصبية.
قد يكون الحل الأفضل لمشكلة السير والطرق في لبنان يكمن في ما أطلقه رئيس شركة “Yamaha Motor ventures” منلو آفي عن آخر الابتكارات التي هي في صددها الشركة: سيارات طائرة ومن دون سائق!
ولعل العرض الذي قدمه آفي شكل احدى الصدمات للوفد اللبناني بعدما لمس الفجوة العميقة التي تفصل بلاده عن العالم.
وفي هذا المجال تبرز التجربة الرائدة لشركة المواصلات “Uber” والتي هي في الواقع وفي الدرجة الاولى شركة تكنولوجيا كما تقول مديرة التسويق فيها، تعتمد التطبيق الذكي الذي يخولها تأمين سيارات الاجرة في اي مكان في العالم من خلال الدفع الالكتروني.
يتابع الوفد اللبناني زيارته الى سان فرنسيسكو والمستمرة حتى يوم الجمعة، وعلى اجندته لقاءات إضافية وزيارات الى شركة “فايسبوك” و”انستغرام” و”مايكروسوفت”، اضافة الى مدير شركة “AnchorFree” للبرمجيات مايكل غير ومؤسس “Smartrecruters” جيروم تيرنينك ومدير التسويق في “Open Garden” كريستوف داليغو ومؤسسة “Sama Source” ليلى جناح. على ان يختتم الوفد لقاءاته بحفل عشاء تقيمه غرفة التجارة الأميركية اللبنانية بالتعاون مع “smartphone ” يقدم خلاله الزعني حصيلة لقاءات الوفد.
النهار