كتب بسام أبو زيد في نداء الوطن
يكثر الحديث عن فوائد فصل الصيف على حياة اللبنانيين وتأمين ما يقدر بنحو 3 مليارات دولار كمداخيل في خلال هذا الموسم، ومن حق اللبنانيين المقيمين أن يستفيدوا من هذه العائدات، ولكن ليس من حق أصحاب المصالح السياحية أو بعضهم أن يعمدوا إلى استغلال الظرف من أجل تحقيق أرباح طائلة غير مشروعة وكأن هذه الفرصة تأتي مرة واحدة.
لن يتوقف اللبنانيون المقيمون في الخارج عن المجيء إلى لبنان كلما سنحت لهم الفرصة والظروف، ويمكن لهذه الظروف أن تكون في كل عام مقبل أفضل مما هي عليه اليوم لو أن البعض يحكّم العقل والمنطق والمصلحة الوطنية.
أولاً كل التهديدات بالحرب والويل والثبور وعظائم الأمور يجب أن تتوقف نهائياً حتى أن الحديث عنها يفترض ألا يحصل، فهذا الحديث يحبط اللبنانيين ويثير فيهم الخوف، ولا يعطي البلد أي دفعة إلى الأمام بل على العكس يؤدي إلى المزيد من العزلة وليسأل مطلقو شعارات الحرب أنفسهم أين هي مثلاً المستشفيات التي ستعالج جرحى حروبهم؟
ثانياً تأمين ما أمكن من التيار الكهربائي والأمر ليس مستحيلاً فهناك ألف وسيلة ووسيلة يعرفها من يتحكّمون بهذا القطاع ويختلفون على الحصص ويشجعون المافيات المرتبطة به، ولهؤلاء نتوجه بالسؤال: أما شبعتم بعد؟ أما ارتويتم بعد من ذل اللبنانيين نتيجة انقطاع الكهرباء؟ أما حان الوقت لتتخلوا عن عنجهيتكم وتضعوا مصلحة البلد والمواطن قبل مصالحكم الخاصة؟
ثالثاً تعزيز حضور الدولة في كل المجالات وهذه نقطة جوهرية في كل عملية إنقاذ لبنان، ففي الصيف أو الشتاء أو الربيع أو الخريف يتمتع لبنان بكل ما من شأنه أن يجذب اللبنانيين المقيمين في الخارج والسياح، ولكن هؤلاء ما يغريهم أكثر هو أن يكون البلد متمتعاً بالاستقرار والازدهار والأمان وأن تكون هناك مرجعية يلجأ إليها الجميع في أي مشكلة أو قضية، والمرجعية هذه هي الدولة، تحمي اللبناني المقيم والمغترب والسائح العربي والأجنبي وتضمن له التجول في كل المناطق اللبنانية والاستمتاع بكل ما يراه مناسباً وفق قوانين البلد لا وفق ما تحدّده أجندات وعادات غريبة ومستوردة من خارج النسيج اللبناني، كما يفترض بهذه الدولة أن تؤمن البيئة الحاضنة للسياحة شاء من شاء وأبى من أبى، فمن غير المسموح أن يشعر السائح أنه مرفوض في بعض المناطق أو أنه مراقب في مناطق أخرى أو أنه مُستغَلّ على مساحة الوطن، ولا يجوز تحريض لبنانيين على فئة من السيّاح ولا سيما السيّاح العرب والخليجيين تحديداً، فالدولة اللبنانية يفترض أن تكون صديقة الجميع وكذلك اللبنانيون، ولا يجوز لأحد منهم أن ينقل عداوات خارجية إلى لبنان وتحميل كل تبعاتها للبنانيين.
لبنان بلد للسياحة وليس ساحة، ولا وجود في قاموس اللبنانيين لسياحة الساحة المستباحة.