متابعةً للبيان الصادر عن لقاء الأحزاب المسيحية في الصرح البطريركي في بكركي السبت 30 كانون الثاني 2016، اجتمعت اليوم لجنة الأحزاب المسيحية ومؤسسة لابورا وأصدرت البيان التالي:
أوّلاً-أكّد المجتمعون حرصهم على الثوابت التالية:
1- “دعوة المسؤولين إلى التنبّه لمغبّة المسّ بموجبات الصيغة الوطنية في وظائف الدولة والمؤسسات العامة، وبروح الميثاق والدستور ولاسيّما المادة 95، اللّذَين يرسمان مسار التدرّج من الحالة الطائفية إلى الحالة الوطنية، مع الحفاظ على مشاركة الطوائف في الوظيفة العامة مشاركةً متوازنة، من أجل ضمان استقرار الحكم وثباته، في مجتمع متعدّد. وذلك على أساس من الكفاءة والأخلاق العالية، والنزاهة ونظافة الكف، والجرأة في محاربة الفساد الذي أصبح مستشريًا في معظم الدوائر”. (بيان أجتماع المطارنة الموارنة-بكركي 3 شباط 2016).
2- إنّ المشكلة في الوظيفة العامّة أوسع من أن تكون محصورة بمشاكل محدّدة مع أشخاص او وزراء معنيّين، فالتوازن يختلّ في إدارات الدّولة، ولقد فتحنا هذا الموضوع ليس لإغلاقه إطلاقاً، لأن ملفّ التمثيل المسيحي في مؤسسات الدّولة محقّ وليس طائفيّاً بل وطني، ونحن نرفض الدخول بالتّسميات، بل نطالب بالحفاظ على المراكز المسيحية في الدّولة، وسنكشف عن المراكز التي خسرناها ومن الذي ساهم في هذا الأمر قريباً في مؤتمر صحفي للردّ بالتفصيل على كل ما قيل في المؤتمرات الصحفيّة خلال اليومين السابقين، وليتحمّل كلّ مسؤول مسؤوليته، لأنّه لدينا مشكلة مع الحضور المسيحي في الدولة ولدينا مشكلة مع الكثير من الوزراء في الحكومة.
3-إنّ فتح هذا الملفّ لا يهدف إلى التصويب على طائفة معيّنة أو على وزير معيّن فالطرح وطني بامتياز، يتعلّق بالميثاقيّة والشراكة وتحليق الوطن بجناحيه، المسيحي والمسلم. ولا نقبل إطلاقاً أن يتّهمنا أحدٌ بالطائفيّة، فاتّهامنا بالطائفية مردودٌ لأصحابه، لأنّ طائفتنا لم تكن يوماً إلّا لبنان والميثاقيّة والدّستور، وإنّنا نصرّ على بقاء لبنان بلد التنوّع والعيش معاً والرسالة للعالم.
4- أمانةً للتاريخ نذكر الجميع بأن هذا المسار لا يتوقّف على وزيرٍ قام بعملٍ معيّن، أو على وزارة اختلّ فيها التوازن بل هو يشمل كل إدارات الدّولة ومؤسساتها وهو عمل مستمر منذ ثماني سنوات، وهنا لا بدّ من العودة إلى ما حدث مثلاً في وزارة الماليّة منذ عشرة سنوات حتى اليوم: إنّ رئيس ضريبة الدخل كان مسيحيّاً فتم إنشاء دائرة كبار المكلّفين وعيّن على رأسها مسيحيّاً أيضاً. سنة 2006 عيّن سنيّاً رئيس ضريبة الدخل مكان المسيحي وسنة 2010 عيّن رئيس دائرة كبار المكلفين كاثوليكيّاً، ثمّ تم إنشاء دائرة ضريبة الدخل وعيّن عليها سنيّاً ورئيس فرع التدقيق في كبار المكلفين عيّن مسيحيّاً. سنة 2010 عيّنت الوزيرة ريّا الحسن سنيّاً مكان المسيحي في فرع التدقيق في كبار المكلّفين فأصبح العدد 3 سنّة ومسيحي واحد. وجاء الوزير خليل وعيّن مكان المسيحي شيعيّاً فأصبحت الدوائر الأربعة موزع 3 للسنّة ووحدة للشيعة ولم يعد أي دائرة في ضريبة الدّخل للمسيحيين.
5- إن آلية المناقلات في ملاك الوزارات يجب أن تعرض على مجلس الخدمة المدنية وكل تكليف لا يعرض على مجلس الخدمة المدنية يكون مخالفاً للأنظمة والقوانين. فإنّ المداورة مثلاً بين الموظفين في المديرية العامة للتنظيم المدني التي كانت بقرار من الوزير لم يتمّ عرضها على مجلس الخدمة المدنية خلافاً للقوانين والأنظمة، وهناك رأي مجلس شورى الدولة بإعادة الموظفين المنقولين إلى مراكزهما والوزير لم يأخذ برأي مجلس شورى الدولة.
ثانياً- توضيح بعض القضايا وتساؤلات:
1- إنّ نقاطاً مشتركة وردت في مؤتمري الوزيرين خليل وزعيتر ومنها: من أجل الإنتاجية والكفاءة وحسن سير العمل وغيرها بدت وكأنّ الموظفين المسيحيين لا ينتجون ،وغير كفوئين، ولا يسير العمل في الإدارات المسؤولين عنها. فهل المقصود بأن الكفاءة والإنتاجيّة وحسن سير الأعمال محصورة بطائفة معيّنة، وتحديداً هنا بطائفة الوزير المعني. وهل هذا اتّهام واضح للمسيحيين في إدارات الدّولة بأنّهم مقصّرين؟ وإذا كان ذلك صحيحاً فأين مؤسسات الدّولة الرقابيّة ولماذا لا يحاكم هؤلاء أمام القانون؟ بدل أن يتمّ قصاص الكفوئين منهم والغيورين على مصالح الدّولة.
2- قال الوزير خليل في مؤتمره الصحفي بأنّه لم يفاتحه أحد بأمر تعيين رئيس دائرة كبار المكلّفين من المسؤولين السياسيين المسيحيين والوزراء وهذا ما ضحضه الوزراء المعنيّيون في تصاريح جاءت بعد المؤتمر الصحفي وأكّدت حصول هذه المراجعات، كما أشار خليل إلى أنّه على استعداد للتواصل ومشاركة المسيحيين مخاوفهم وهذا ما حاولنا القيام به لمدّة شهرين بالتواصل المستمر بين الوزراء انفسهم ومع مكتب الوزير ولم نجد أي آذان صاغية، وهذا ما أقلقنا وجعلنا نتساءل لماذا إقفال باب الحوار بهذا الخصوص معنا؟
3- إنّ كل المعطيات التي وُضعت في تصرف وسائل الإعلام من قبل المرجعيّات المسيحيّة والأحزاب أليست كافية بإقناع شركائنا في الوطن بأنّ هناك مشكلة وخلل في الوظيفة العامّة؟ وأنّ كل مخاوف المسيحيين و قلقهم و معطياتهم الموثقة غير صادق، إنما ما قيل في المقابل في ردود الفعل على مطالبنا يصبّ في خانة “عين الصواب”؟
4- نحن نحرص بالمثل أيضاً على أفضل العلاقات مع كل الوزراء مسيحيين ومسلمين ولكنّنا في هذا المجال لم نقصّر إطلاقاً في الحرص على أفضل العلاقات مع الجميع، لكنّ كل ما قمنا به منذ شهرين حتّى اليوم لم يجد آذاناً صاغية عند المسؤولين المعنيين الذي يطالبون بأفضل العلاقات معنا.
5- لماذا يطبّق بعض الوزراء مبدأ المداورة والكفاءة في قسم من وزارة معيّنة وليس في كل الوزارة ومصالحها ودوائرها؟ فالأجدر ان تتم هذه المداورة في كل الوزارات والدوائر العامّة في لبنان كما حصل مثلاً في هذه الحكومة من خلال المداورة في كلّ الوزارات.
ثالثاً- قرّر المجتمعون ما يلي:
1- عقد مؤتمر صحفي دوري ينظمّه مرصد الوظائف العامّة في لابورا بالتعاون مع الأحزاب المسيحيّة، يتمّ خلاله استعراض الخلل الذي يحصل في أي وزارة او وظيفة، مشيراً بالأسماء والأرقام إلى المعنيين بالأمر، لكي يتحمّل كل مسؤول مسؤوليّته، حتى لا تتراكم الأمور وتشعر أي طائفة بأنها مستهدفة بقضم حقوقها وتهميش أبنائها كانت من كانت هذه الطائفة، وحتّى لو كان الوزير مسيحيّاً والمغبونون غير مسيحيين.
2- عدم الدّخول في هذا البيان بالردّ بالأرقام والتفاصيل لأنّ ذلك لن يكون في مصلحة بعض الوزراء المعنيّين، لأنّ ما نملكه من معطيات هو شامل ويعبّر عن الخلل الكبير في التوازن، وإنّ ما قام به الوزيرين في مؤتمريهما الصحفيين هو اقتطاع بعض الأرقام التي تصب في خانة التوازن والتي هي ليست منّة من أحد، بل تندرج ضمن الميثاقيّة والتوازن منذ سنوات عدّة وليست وليدة عمل وزيرٍ ما في وزارته اليوم.
3- إنّ الأسبوع المقبل سيشهد تحرّكات واجتماعات مكثفة لإستكمال هذا الموضوع، و بناءً على طلب العديد من المرجعيات السياسية والروحيّة، نعلن تأجيل المؤتمر الصحفي للردّ على كل التفاصيل للأيّام المقبلة، إفساحاً في المجال للحوار والتواصل وأفضل العلاقات. علّ ذلك يوصل إلى عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل أسبوعين.
4- يشكر المجتمعون كلّ الذين اتّصلوا وتضامنوا وعبّروا عن دعمهم وإصرارهم على أهميّة القضيّة المطروحة، ويؤكّدون للجميع بأنّهم على تواصل دائم معهم لإجلاء كل الحقيقة وإشراكهم في أيّ تحرّك مقبل لتحقيق الأهداف الوطنيّة المتعلّقة بالميثاقيّة والشراكة. وإنّ هذه الصحوة ليست “معركة الأحلام الصغيرة” وليست تعبيراً عن المظلوميّة بل تحذيراً من “القفز فوق موجبات الحدّ الطبيعي الذي يشعِر المسيحيين بشراكة عادلة”، وهذا هو التوقيت الصائب حتى لا تضيع الدّولة والكيان والوطن.
قسم الإعلام