نشرت مجلة “لا شيفيلتا كاتوليكا” يوم أمس الخميس نص الحوار الذي دار بين البابا فرنسيس وعدد من الكهنة اليسوعيين الذين التقى بهم في السابع والعشرين من كانون الثاني يناير الماضي في باناما خلال زيارته لهذا البلد الأمريكي اللاتيني لمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للشباب.
تم اللقاء مع الكهنة اليسوعيين الباناميين على هامش برنامج زيارة البابا، وقد جرى وراء الأبواب المغلقة وأوضحت المجلة التي يديرها الكاهن اليسوعي أنطونيو سبادارو أن الحوار تمحور حول مثال الشهداء، ودعوة الكهنة المنتسبين إلى الرهبنة اليسوعية، وسبل خدمة الأجيال الفتية في عالم يتغيّر باستمرار. أوضحت “لا شيفيلتا كاتوليكا” أن حوالي ثلاثين كاهناً يسوعياً شاركوا في اللقاء الخاص مع فرنسيس، من بينهم ثمانية عشر مبتدئا، وتسنت لهم جميعاً فرصة الدخول في حوار “غير رسمي” مع البابا برغوليو. وتناول الحوار – بحسب المجلة اليسوعية – الشهادة التي قدمها الأسقف أوسكار روميرو، الذي أعلنه البابا قديساً، فضلا عن أحد رفاقه المقربين وهو الكاهن اليسوعي روتيليو غرانديه الذي اغتيال هو أيضا في العام 1977، وقد كانت هذه المأساة المحرّك الأساسي وراء رسالة روميرو واستشهاده فيما بعد. عبر البابا خلال اللقاء عن قربه من الكاهن روتيليو موضحا أنه يملك قطعة ملطخة بالدماء من ملابس روميرو، فضلا عن دفتر للتعليم المسيحي كان يملكه روتيليو. وقال فرنسيس إن هذين الرجلين كانا شخصيتين نبويتين، لافتا إلى أن استشهاد روتيوليو أدى إلى ارتداد روميرو وأضاف أن المفاهيم الخاطئة والارتباك بشأن ما يُسمى بـ”لاهوت التحرير” كاد أن يوقف دعوى تطويب الأسقف السلفادوري. واعتبر البابا أنه من الأهمية بمكان ألا تطغى الأديولوجيات على الإنسان بل أن يدرك المرء أنه عليه أن يفعل ما يلزم.
وكتبت مجلة “لا شيفيلتا كاتوليكا” أن البابا أجاب على سؤال بشأن ثقافة اللقاء، واستشهد بكتاب للفيلسوف البولندي الراحل زيغموند باومان الذي غاص في القضايا المتعلقة بالأجيال الفتية التي سماها البابا جيل العالم الافتراضي الذي يساعد في خلق الاتصالات لكنه لا يعزز التلاقي. وقال إن هذا الجيل يفتقر إلى الجذور لافتا إلى أن أزمة التلاقي اليوم هي أزمة جذور، مذكرا بأن الأجداد هم من يعطون الجذور لأحفادهم. هذا وقد خصص البابا والكهنة اليسوعيون قسطاً وافراً من اللقاء للحديث عن قضايا متعلقة بالرهبنة اليسوعية وتوجه إلى المبتدئين اليسوعيين مستذكرا عندما كان مشرفاً على المبتدئين بين عامي 1972 و1973، كان يؤكد للطلاب على ضرورة نقاوة الضمير، لأنه لا يوجد مكان بين أبناء القديس أغناطيوس دي لويولا للرجال المنحرفين. وهذه المسؤولية ملقاة بنوع خاص على عاتق المسؤولين عن التنشئة لأن عليهم أن يميّزوا ويتسلحوا بالشجاعة بعيدا عن الخوف. ولم تخل كلمات البابا من الحديث عن العلاقة القائمة بين الانثقاف والهوية. وأشار إلى لقائه بامرأة هندية شابة خلال الاحتفال باليوم العالمي للشباب وقد تحدثت عن تعلقها بالتقاليد فضلا عن كونها معلّمة. وحذّر فرنسيس في ختام حديثه إلى الكهنة اليسوعيين في باناما على هامش زيارته لهذا البلد، من مغبة أن يشعر الإنسان بالغرور لدى تلقيه العلوم وهذا الأمر ينطبق بنوع خاص على رجال الدين الذين يواجهون تجربة اعتبار أنفسهم أسمى من الآخرين.
إذاعة الفاتيكان