كان بإستطاعة الرب يسوع أن يأخذ جسداً بشكل عفوي، من دون المرور بالإنسان… لكن بإحساس مرهف و “عبقرية شعرية”، إتخذ أماً سامحاً لمريم أن تكون بمثابة حواء جديدة، وأتاح للإنسان عبرها أن يلعب دورا في تدبير الخلاص .
في تقدمة يسوع إلى الهيكل، بعد ولادته، جاء سمعان الشيخ ، بوحيٍ من الروحِ القدس ، وتنبَّـأَ عن يسوع ” إنه جُعِل لسقوط كثيرمن الناس، وقيام كثير منهم في اسرائيل “. ثم وجه كلامه إلى مريم وقال:” وأنتِ سيجوزُ في نفسِكِ سيفٌ لتنكشفَ الأفكارُ عن قلوبٍ كثيرة ” ( لو2: 34-35). وهذه إشارة إلى مشاركة الأم بمصير إبنها في آلام الفـداء.
لكن لا يجب أن نفهم من هذه الشراكة أن مريم هي ” مُخـلِصَة ” أو هي” وسيطة ” الخلاص.
فالوسيط واحد أوحد: الله الكلمة والرب المسيح.
إذا؟ ما هو القصد عندما نطلق على مريم لقب “شريكة الفداء”؟؟
في الحقيقة، أن الأم هي (مع) الرب و ليست (معادلة) له!! كان يطيب للمكرم الأسقف شين مقاربة الموضوع هذا، من باب َمثَل (الطيار) و (مساعد الطيار). فلا يمكن أن يتساوى المساعد مع الطيار إنما هو ببساطة بمعيته!!
بإيمانها وخضوعها الإختياريين أسهمت بعملية الخلاص… فعملية الخلق لا يديرها الله بشكل اوتوماتيكي :
اولا خلقنا من دون ارادتنا وبمشيئة منه ولكن بعدها تستمر عملية هذا الخلق و تتجدد يومياً لكن بإرادتنا الحرة… الله لا يريد مخلوقات ك”روبو”ات، بل من عمق حبنا و حريتنا يريد تلك ال “نعم”.
هنا الشيطان يتقن دوره ويجهض الحب في هذه المساحة بين ارادتنا الحرة وعلاقتنا مع الله… و هنا بالذات حيث الإخفاق بدا سيد الموقف، جاءت نعمة مريم لتفوه بـ ” نَعَم”ها ، بإسم الطبيعة البشرية كلها جمعاء .
واليوم مريم الأم تشجعنا للإنفتاح على عمل الروح القدس فعندما نسلمه أرادتنا الحرة نصبح “شركاء فدائنا الشخصي” الذي صنعه هو…وبه نتخطى عتبة الزمن وكأننا نصبح بالمسيح مع الآب منذ الازل ، به نتخطى تاريخ وجودنا على الارض كما يقول في انجيل يوحنا الفصل الاول” الذين امنوا به مكنهم ان يصيروا ابناء لله فانهم ليسوا بمشيئة لحم ولدوا ولابمشيئة رجل بل من الله ولدوا ” !!
أنطوانيت نمور / زينيت