منذ سنوات يرزح ملفا تعيين عمداء أصيلين لمجلس الجامعة اللبنانية، وتثبيت الأساتذة المتعاقدين، تحت ثقل المماطلة والتسويف والتسييس. لكن مصادر متابعة لهذه القضية كشفت لـ”النهار” أن عرقلة الملف تعود الى أمرين أساسيين هما:
1 – ان تعيين نحو ألف استاذ متفرّغ في الجامعة اللبنانية دفعة واحدة، يعني عملياً تثبيت 1000 شخص دفعة واحدة يوازون برتبتهم فئة المديرين العامين، مع كل ما يرتبه هذا الامر من انعكاسات على خزينة الدولة، لأن الموضوع لا يتعلق فقط بالراتب الأساسي لكل أستاذ، بل يتجاوزه أيضاً الى احتساب ساعات التعاقد وضم الخدمات وغيرها من المستحقات… وهذا امر غير منطقي وغير طبيعي.
ومن هنا كان طرح رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال سليمان منذ البداية، على مجلس الوزراء بالاتفاق على تعيين العمود الفقري لمجلس الجامعة المؤلف من 19 عميداً، ليقوموا بواجبهم في النظر في ملفات الأساتذة المتعاقدين، ودرس ملف كل واحد منهم على حدة، والتأكد من صحته وقانونيته واستيفائه الشروط المطلوبة، وهذا من اختصاص مجلس الوحدة في كل كلية، ما يقطع على السياسيين إمكان التدخل في هذا الشأن. ويومها توجه الرئيس الى الوزراء بالقول: طالما لستم قادرين على الاتفاق على 19 شخصاً، فكيف ستتفقون على 650 وان كان الموضوع مختلفاً؟ لكن الأطراف السياسية لم توافق في حينه، وجمّد الملف، وبقي يجرجر حتى اليوم.
كان يومها المطلوب تفريغهم نحو 650 أستاذاً، فما بالكم اليوم وقد تضخم بسحر ساحر ليصل الى نحو ألف أستاذ؟ وهو ما أعلنه صراحة وباستهجان في مجلس الوزراء الأخير في عهد سليمان، وزير المال علي حسن خليل.
2 – سبق أن تم الاتفاق على إبقاء التوزيع الطائفي للعمداء في الجامعة على ما هو عليه، أسوة ببقية وظائف الفئة الأولى في الدولة، لكي لا تحصل “خربطات”. لكن الرئيس نبيه بري بقي مصراً، على ما تؤكده المصادر نفسها، على الحصول على كليتي العلوم، وطب الأسنان، وإلا فلن يمر الملف، رغم الاتفاق على 17 عميداً. وهذا بالفعل ما حصل. وبقي الملف معلقاً، الى حين أ صدر رئيس الجامعة الدكتور عدنان السيد حسين، وتحت ذريعة المداورة، القرار رقم 54 تاريخ 16 كانون الثاني 2014 قضى بـ”تكليف ثمانية أعضاء من الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية، القيام بمهمات عمداء لبعض الوحدات الجامعية، في انتظار تعيين عمداء أصيلين”، لبّى بموجبه رغبة الرئيس بري بحصوله على الكليتين المطلوبتين، وعيّن عميدين شيعيين بالتكليف هما: الدكتور فؤاد حسين أيوب في كلية طب الأسنان مكان الدكتور منير ضومط (ماروني)، والدكتور حسن كامل زين الدين مكان الدكتور علي منيمنة (السني) في كلية العلوم، تمهيداً لتثبيتهما في ما بعد، كما كلّف عمداء من طوائف أخرى بكليات مختلفة.
وهذا ما أزعج بقية الطوائف، وبغض النظر عن كفاءة المعيّنين كما الانتقاص من كفاءة المقالين، إذ اعتبرت أن رئيس الجامعة والطرف الذي ينتمي اليه قد أخلاّ بالاتفاق المعقود، وسيتطلب مداورة جديدة في كل التعيينات، ما تسبب بعودة الأمور الى المربع الأول.
وهنا تعتبر ا لمصادر ذاتها أن إلقاء اللوم من وزير التربية الياس بو صعب على رئيس الحكومة تمام سلام واتهامه بعرقلة الملف، ليس سوى ذرّ للرماد في العيون، وللتهرب من مسؤوليته واخفاقه في معالجة الأمور على النحو الصحيح، ولعدم الإقرار بفشله في تحقيق الوعود الكبيرة التي أطلقها للأساتذة عند تسلمه مهماته، قبل درسه الملف بشموليته الإدارية، والاقتصادية، والسياسية، وخصوصاً المذهبية.