«حبّ المال أصل كلّ الشرور» (1طيموتاوس 6: 10).
فحبّ المال يمنع عن الشركة، وكثيرًا ما تأتي ضماناتي على حساب آخرين. أليس الهوس بالرخاء والأمن والكماليّات والربح سببًا للصراع الّذي يحوّل عالمنا إلى شريعة الغاب، حيث يدفع الضعيف ثمن ترف القويّ؟ ربّما لا أحبّ أن أرى ذلك، لأنّي أريد أن أحفظ لنفسي صورة جميلة، ولكنّي أتجاهل يوميًّا صراخ من على بابي يطلب اهتمامًا ودواءً وطعامًا.
ولكن ما أصل حبّ المال فينا؟ لمَ تتعلّق قلوبنا به؟ لمَ نحاول أن نوفّق بين ربّين: الله والمال؟ حين أبحث في قلبي، أجد أنّ ما أريده حقًّا هو الوجود، هو ألاّ أُنسى، أن أضمن أنّي محبوب ومقبول. ليس المال عملة فحسب، ولا ممتلكات مادّيّة فحسب. المال هو كلّ ما أتملّكه لأضمن أنّي موجود، وكأنّ وجودي هو على قدر ما أملك. قد يكون جمالاً أو موهبة أو ذكاءً أو علاقات، من خلالها أريد أن أشتري الحبّ. وما أشقاني إن اشتريتُ الحبّ، «ولَو بَذَلَ الإنسان كُلَّ مالِ بَيته في سَبيلِ الَحُبّ لاْحتُقِرَ اْحتِقارًا» (نشيد الأناشيد 8: 7). فالحبّ مجّانيّ ليس قانونه قانون السوق. في النهاية، حبّ المال قلّة إيمان، لأنّ من يؤمن يعرف أنّه لا يُنسى، لا لأجل ما له، بل لأجل ذاته. هكذا يكون الحبّ أو لا يكون: «أَتَنْسى المَرأَةُ رَضيعَها فلا تَرحَمُ ابنَ بَطنِها؟ حتَّى ولَو نَسيَتِ النِّساءُ فأَنا لا أَنْساكِ.» (أشعيا 49: 14-15).
ليس المال شيئًا سيّئًا في حدّ ذاته. كما قيل: المال خادم جيّد وسيّد سيّء. وأمّا العمل لتحصيل المال فهو للإنسان كالأجنحة للعصافير وكالجذور للزنابق. كما يرزق الله الطيور طعامها بدون أن تتخلّى عن أجنحتها، وكما يُلبس الزهور رونقها بدون أن تستغني عن جذورها، كذلك يهتمّ بالإنسان: يعطيه جرأة ليحبّ فيعطي أفضل ما عنده، وأمّا الجرأة الّتي يعطيها فهي كلمته: «لا أنساك! أنت أمامي في كلّ حين».
زينيت
الوسوم :لماذا نتعلق بالمال؟