كلّنا يعلمُ، الفرقَ بينَ الإنسان والحيوان، وغريبٌ أعدادٌ كبيرةٌ لا تُدرك هذا الفرقَ ، ليس إدراكًا نظريّا، فهذا الأخير معروفٌ لدى الناس منذ القدم.. ولكن، نحنُ في صدد الكلام عن التطبيق العمليّ الفعليّ الواقعي المعاش . نظريّا ، الحيوان هو الغريزة دون الفكر والعقل والحريّة، عكس الإنسان الذي هو فكرا وعقلا ووعيا وحريّة .. لكنْ، من الناحية العمليّة، أين هو هذا الوجهُ الحَسن للإنسان الواعي العاقل العابر خطّ ومستوى العصر الحجريّ…! أينَ يمكننا أن نراهُ ، واقعيّا، في صراعات وظلمات عالمنا المكسور المظلم، والملطّخ بالدماء ، وببشاعة القتل والتخريبْ، والدمار، والتهميش، والظلم ، والأرهاب القاتل اللامبرّر ..! أين صورة هذا الإنسان – المكتمل الواعي والحر العابر حدودَ الحجرْ إلى اللحمْ والدمْ والحبّ .. يتساءل العديدونَ ، لماذا الإنسان أعنفُ وأقبحُ من الحيوان..!
هل يقتلُ الحيوانُ شبيهه .. ؟ الافعى لا تقتل أفعى أخرى إلّا ما ندرْ… الصراعُ من أجل البقاء، يطبّقُ ، إلى حدّ ما، على فصائل بعض الحيوانات ، فهذه هي الغزيرة الحيوانيّة وتوازن الطبيعة (لا على حساب ورأس الإنسانيّة – تُطبّق مسألة توازن الطبيعة!) وصراعها من أجل البقاء، لانها لا عقلَ ولا وعيٍ لها. لكن، المشكلة والمصيبة القاتلة، إنْ طُبّقتْ هذه المقولة ” الصراع من أجل البقاء ” على الإنسان، والبشرية، وحصلَ ويحصل هذا ، كما نرى الآن في صراعات العالم الدمويّة من أجل البقاء بصورةٍ جميلةٍ ، أو البقاء من أجل المصالح والمنافع الخسيسة المريضة. هذه هي الإنسانيّة التي يريدها العالم السوداويّ . تحيا هكذا إنسانيّة من فعلْ الشرّ – إبليس.. لكونها ليست من الله المحبّة أبدًا.. لانّ الأفعى لا تلدُ إلّا الأفاعي .. والإرهاب لا يلدُ إلّا إرهابًا وفـــتكا، وابليس لا يلدُ إلّا أولاده المتشيطنينَ، لا يلدونَ بشرًا وإنسانيّة .. ولا أبناءً لله .هذا ما حاربه الربّ سيدنا يسوع المسيح في تجاربهِ مع العالم الأسود المظلم .. الشر. أراد َ ابليس أن يضع يسوع في جانب مظلمٍ من العالم بعيدًا ومنفصلًا عن الله الآب .. وعن الإنسانيّة، والإلهية الحقة.. إلى عالم الوهم والخيال والقباحة.. لكنْ، كان له يسوع في المرصادْ ، وهيهاتُ من ألاعيبهِ، يريد الشرّ أن يضعنا في موقع – الشراهة ، والمظاهر ، والسلطة المريضة .. لكنْ يسوع وضعنا في موقع يليق بأبناء الله ، بالحبّ والطاعة والرحمة والتواضع والتخلّي..
حقا لم تلد الأفعى إلّا الأفاعي ، ولم يلدُ الله الآب إلّا الإبن الحقّ
بقلم عدي توما / زينيت