لجبالنا اللبنانية ألف قصة وقصة، ولجبل حرمون او جبل التجلي او جبل الشيخ، شيخ الجبال، قصص عديدة إذ قدّسته الاديان على اختلافها على مر العصور.
هناك سار السيد المسيح وتجلى، ولسنوات بقي اهل المنطقة يسيرون على خطاه. وهذه السنة في نهاية الاسبوع الاول من شهر آب سيحيي اهل المنطقة هذه الذكرى على طريقتهم “لنسر حيث سار المسيح” مشروع سياحة بيئية دينية ثقافية، ومخيم سياحي اطلقته لجنة مهرجانات راشيا، مع اتحاد بلديات جبل الشيخ، وجمعية حرمون للمكفوفين، في رعاية وزير السياحة ميشال فرعون.
هذه المسيرة كانت بدأتها جمعية حرمون للمكفوفين في عيد التجلي في 5 آب من كل عام، وفي ظل الظروف الامنية الصعبة بدأ عدد المشاركين في المسيرة يتقلص الى ان توقفت منذ سنتين.
المرشد السياحي مهدي فايق اقترح على لجنة مهرجانات راشيا ان تستعيد السير الى الجبل في عيد التجلي، فتم الاتصال بالامين العام للمدارس الكاثوليكية الاب بطرس عازار وهو اعتاد على متابعة هذه المسيرة ورئيس جمعية حرمون للمكفوفين ميشال مالك، فرحبا بالموضوع وكذلك رئيس اتحاد بلديات جبل الشيخ العميد مروان زاكي. ووافقت وزارة السياحة على رعاية المشروع وكذلك تبنيه ليصبح محطة سياحية سنوية اول نهاية اسبوع من شهر آب كما اوضحت لـ”النهار” منسقة المشروع المهندسة المعمارية ليليان جامو معلولي.
واوضحت ان التجمع سيكون الساعة السادسة مساء السبت 2 آب في ساحة راشيا الوادي لتنطلق مسيرة سلام نحو سفح الجبل، للوصول الساعة السابعة مساء، حيث ستبدأ صلاة تأمل وسلام بمشاركة ممثلين عن كل الطوائف. وهذه السنة الصلاة على نية مسيحيي الشرق المضطهدين، واطفال غزة وسوريا والعراق. وسيتم عرض وثائقي عن جبل حرمون مستوحى من كتاب “حرمون من آدم الى المسيح” (حقائق لم تكشف بعد) للدكتور نبيل ابو نقّول، ودراسة اعدتها المهندسة معلولي وفيها لمحة عن عيد التجلي حيث تجلى المسيح بصورة الرب امام 3 من تلامذته. “في الدراسة وثائق تاريخية تظهر ان جبل حرمون هو المكان المذكور في الاناجيل الاربعة، اولا لارتفاعه، وثانيا لقربه من قيصرية فيليبوس التي ذكرها الانجيل ولقدسية هذا الجبل من التوراة الى يومنا هذا مرورا بكل الاديان، وعليه آثار لمعابد قديمة، مثل قصر عنتر، وهو اعلى معبد”.
والى الجانب الروحي، تحدثت عن الجانب البيئي لهذا الجبل ونقاوة الهواء، وتنوع الاعشاب المفيدة التي تنمو على سفحه. واوضحت ان احياء فكرة السير على خطى المسيح، ليس ممارسة دينية روحية فقط، انما للتشديد على اهمية المكان من حيث جماليته ورمزيته بالنسبة الى كل الطوائف، وكذلك تنوعه البيئي. “بعد المسيرة والصلاة عشاء قروي ستعده السيدات من جمعيات المنطقة، وتستفيد منه في تسويق انتاجها، كما يستفيد منه المشاركون من خلال تناول وجبة صحية من منتجات الجبل. يليه شرب “المتي” وهو تقليد في المنطقة تأكيدا على العيش المشترك الذي طالما تحلت به. وبعد مراقبة النجوم وسهرة نار عائلية، يبيت المشاركون في خيمهم للصباح، ليتقاسموا من جديد وجبة الفطور الصحية من منتجات البلدة. ويبدأون نهارهم بمسيرة على الجبل مع المرشد السياحي، ويتذوقوا مونة البلدة ويتبضعوا قبل مغادرتهم، العسل والدبس والخروب ومشتقات حليب الماعز”.
ويشار الى ان لجنة مهرجانات راشيا انبثقت من لجنة انماء قضاء راشيا التي اسسها السيد وهبي ابو فاعور، بالتعاون مع اتحادي بلديات قلعة الاستقلال وجبل الشيخ، وجمعيات المجتمع الاهلي في المنطقة. وتهدف الى احياء المنطقة سياحيا وثقافيا وبيئيا لما تختزنه في طياتها من قصص وحكايات تاريخية عظيمة، وكذلك لتحفيز اهلها خصوصا واللبنانيين عموما، للتمتع بخيراتها على كل الاصعدة، وابراز غناها الروحي والثقافي والبيئي.
رلى معوّض / النهار