لم يصدف في أكثر من مرة التقيتها، أن مرّت أكثر من عشرة دقائق، من دون أن تحضر “الوكالة الوطنية للإعلام” في حديثها، أو ان تستغل انقطاع الكلام، لإجراء اتصال هاتفي متابع، او لقراءة سريعة للأخبار المنشورة على صفحة الوكالة.
تعترف بأنها مقصّرة تجاه عائلتها، لصالح الوكالة المؤتمنة عليها، والتي “لا يربطها بها دوام رسمي”، إنما علاقتها بها محكومة بآفاق “النجاح والدقّة والأمانة”، وهذا ما يمكن أن يلمسه أي متصفّح للوكالة الوطنية، الذي لا يمكنه أن يقفز أو يغضّ الطرف عن البصمات الواضحة التي أرستها وتواصل إرساءها مديرة “الوكالة الوطنية” لور سليمان، منذ تسلّمها مهامها وحتى تاريخه، لتصحّ تسمية العصر الحالي للوكالة بالعصرالذهبي منذ انطلاقتها، لناحية الحيادية، وسرعة الخبر، والخدمات الإعلامية التي توفّرها.
“ليبانون فايلز” التقى سليمان في مكتبها في وزارة الإعلام، حيث تحدّثت عن حبها وشغفها بالصحافة منذ أن كانت في الثالثة عشر من عمرها، حتى بدأ هذا الحب بالتحوّل من حلم إلى واقع نشأ وكبُر معها”.
وتابعت سليمان “دخلت إلى الجامعة في العام 1989، ومشروع التخرّج هو الذي أدخلني إلى سوق العمل، حيث بدأت العمل في “صوت لبنان” ثلاث سنوات كمذيعة ومحرّرة، وعملت في “وكالة الأنباء المركزية” وجريدة “العمل” في الوقت ذاته، ثم استقلت من عملي في إذاعة “صوت لبنان”، وكانت قد توقّفت جريدة “العمل” عن الصدور، وانتقلت بعدها إلى جريدة “الديار”، قبل أن أتركها في العام 1997،لأسباب عائلية تتعلّق بتغيير مكان السكن، وواصلت عملي في “الوكالة الوطنية”، حيث كنت أمينة سر تحرير، ثم أصبحت سكرتيرة تحرير في 2004، ورئيسة تحرير في العام 2005 حتى عام 2008 حين تمّ تعييني مديرة للوكالة”.
ولفتت سليمان إلى أنها “حقّقت ذاتها في الوكالة، على الرغم من حبها للعمل الإذاعي”، مؤكدة أنها “لم تعمل يوماً بعقلية الدوام، إنما تتابع العمل بحسب المقتضى حتى خارج أوقات العمل”.
وأضافت: “الوكالة تعني لي الكثير، وحتى عندما كنت رئيسة تحرير أذكر جيداً انتظارنا الطويل لصدور التشكيلة الوزارية، ولم أغادرالمكتب يومها إلى حين نشر الوكالة للخبر”.
وعن المعايير المهنية للتعاطي مع الأخبار في الوكالة الوطنية، ولا سيما في ظل التجاذبات السياسية ، قالت سليمان: “ملتزمون الحياد ونحن لسنا طرفاً ولا يمكن أن نكون تابعين لطرف ما، والأولوية عندنا هي لمقرّرات الحكومة، والتزمنا الحياد والنأي بالنفس في الشأن السوري ونركّز على أخلاقية الخبر، ونسمح لأنفسنا بالتدخّل فيه لحذف الكلام النابي واستبداله بثلاث نقاط”.
وعن التدخّلات أو الضغوط السياسية التي تمارَس على “الوكالة الوطنية”، لمواكبة أو تعديل بعض الأخبار ، قالت سليمان: “بطبيعة الحال إن الجميع يحب أن يواكب ويبرز أخباره، إنما نحن، ملتزمون بالمعايير المهنية”.
وعن الإنجازات التي حقّقتها، منذ تسلّمها إدارة الوكالة قالت سليمان: “كانت الوكالة تصدر بلغة واحدة هي العربية، وباتت تصدر بثلاث ( العربية، الفرنسية، والانكليزية)، والآن نحن بصدد التحضير لإصدارها باللغة الإسبانية، وهي كانت تُعنى بالأخبار المحلية، في وقت باتت الأخبار الإقليمية والدولية في صلب اهتماماتها، وتبويب “إعرف لبنان”، والآن باتت الأخبار ترفق بالصور. وتبث الوكالة ثلاث نشرات صوتية باللغة العربية، وواحدة باللغة الفرنسية وأخرى باللغة الإنكليزية. كما عملنا على تعزيز، وتبويب الأخباربشكل يؤمّن القراءة والبحث بشكل أسهل، كما عملنا على تسهيل عملية نقل الخبر ونسخه، لتسهيل استخدامه من قبل الوسائل الإعلامية”.
وتحدثّت سليمان عن “بعض المظلومية التي تلحق بالوكالة الوطنية التي تشكل الرافد الأساسي لوسائل الإعلام اللبناني، التي تغيّب إسم الوكالة، وتنسب الخبر إلى مصادر صحافية، لا سيما فيما يتعلق بالأخبار الأمنية الخاصة بالوكالة، في وقت تقوم فيه بعض القنوات مشكورة بذكر الوكالة الوطنية”.
وتابعت “لولا العوائق المادية لكان بالإمكان تحقيق تحسينات أكبر، إنما نحن نحاول قدر المستطاع، أن نجعل الوكالة في مصاف الوكالات الدولية المهمة، وقد نجحنا الآن في أن نكون حاضرين ومشاركين فاعلين في المؤتمر الدولي لوكالات الأنباء، وأصبحت الوكالة عضواً في الإتحاد الدولي لوكالات الأنباء، وفي اتحاد وكالات أنباء آسيا، وفي اتحاد وكالات أنباء البحر المتوسط، وفي اتحاد وكالات الأنباء العربية”.
وأضافت ” أعطيت هامشاً جيداً للمشاركة في بعض الندوات والمؤتمرات الخارجية، التي أثمرت طلب الوكالات الدولية توقيع اتفاقيات تعاون مع الوكالة الوطنية للإعلام، وهذا ما عرضه مؤخراً سفيرا الأرجنتين والمكسيك، بعدما وقّعنا اتفاقيات تعاون مع وكالات الأنباء التركية والإيرانية والسورية والجزائرية والكويتية واليونانية، ووكالات أنباء عربية ودولية أخرى”.
وقالت “عندما تنقل “رويترز” و”أ.ف.ب” الأخبار عن الوكالة يكون هذا مؤشراًعلى دقتها ونجاحها، وأمانتها في نقل الخبر”.
وعن تقييمها للأداء الإعلامي اللبناني، قالت سليمان أن “مشكلة الإعلام اللبناني، هي في غياب الدقة في نقل الخبرالسريع، حيث تسارع بعض المؤسسات إلى نقل خبر منشورعلى التويتر أو على الفايسبوك، وتقوم باقي الوسائل الإعلامية بنقله عنها، ما يسبب بلبلة وأذى معنوياً وفي بعض الأحيان مادياً للناس”.
وتابعت إن “السعي خلف خبر يجذب الإعلانات، يسبب ضرراً للبنان في بعض الاحيان، فعندما تعطي وسيلة إعلامية مساحة كبيرة للمسلحين، يكون هذا الموضوع خطيراً ومقلقاً”، قائلة “نحن أمتنعنا عن نشر أي تغريدة أو تصريح لـ “داعش” أو “النصرة”، والجميع يذكر يوم تفجير جبل محسن حيث نقلت جميع وسائل الإعلام تغريدة “داعش” التي أفادت أن منفّذي التفجيرين هما يمنيين، في حين لفت خبر الوكالة إلى أنهما لبنانيين، مورداً إسميهما”.
وعن أولوية ما تمارسه في وقت فراغها، أجابت سليمان بابتسامة: “الوكالة، فمن المستحيل أن أكون في البيت أو في إجازة وأشعر أنني منقطعة تماماً عن الوكالة، وزوجي متفهّم، ويفهم جيداً طبيعة عملي، فمثلاً إبان تفجير جبل محسن، كنا خارج البيت مع بعض الأصدقاء لتناول طعام العشاء، واضطررت إلى العمل، ولم يكن ممكناً أن اتابع عشائي بشكل طبيعي”.
وعن تصوّرها لشيخوختها وطموحها، ختمت سليمان “أرى نفسي في منزلي في الجبل أنا وزوجي، فحقه كبير علي، ولا بد أن يأتي يوم وأعطي عائلتي كل الوقت الذي تستحقه”.