عقدت “حركة الارض اللبنانية” مؤتمرا بعنوان “الارض ليست سلعة …الارض وجود”، في مطرانية سيدة النجاة في زحلة، برعاية راعي ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش وحضوره، وشارك فيه وزير العدل القاضي سليم جريصاتي، نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي، النواب ايلي ماروني، جوزيف المعلوف وطوني بو خاطر، الوزير السابق غابي ليون، النائب السابق كميل معلوف، المطران جوزيف معوض، المطران مار يوستينوس بولس سفر، رئيس مؤسسة لابورا الاب طوني خضرا، رئيس المؤسسة الاجتماعية المارونية الاب نادر نادر، المهندس لويس كرم ممثلا المدير العام للتنظيم المدني، رئيس بلدية زحله اسعد زغيب، وعدد من رؤساء بلديات البقاع واعضاء من حركة الارض.
مطر
بداية، كلمة “حركة الأرض” ألقاها رئيس بلدية القاع بشير مطر، أشار فيها الى أن الحركة “أسست من أجل الدفاع عن أراضي المسيحيين”، وقال: “إننا نعيش في زمن الفتوحات الإسلامية، لأن البعض يعتقد أنه إذا كان هناك أرض للمسيحيين يمكن استهدافها، أو ربما في ثقافتهم يمكن أسلمة الأرض”.
واضاف: “إذا كان لبنان “رسالة”، حسب البابا القديس يوحنا بولس الثاني، فعلينا أن نحافظ على الأرض لأن الإنسان بلا أرض هو إنسان بلا وطن”.
واعتبر أن “العملية التي تستهدف أراضينا ليست بيوعات فقط، بل استيلاء في بعض الأحيان”، مؤكدا “أن هناك من يعمل على تغيير عامل الإستثمار ويتلاعب بالتخطيط، من أجل أن يضع يده على الأرض”. وأشار الى أن “منطقة القاع وبعلبك كانت ذات غالبية مسيحية، أما الآن فالنصف على الأقل غادر المنطقة، رغم أن هناك أراضي مفرزة يتم التعدي عليها”.
وتابع: “إذا اعترضنا أو جابهنا مخالفة نتهم بالطائفية. نؤكد أننا أخذنا قرارا بأننا لا نريد ان نغادر منطقتنا، لن نخاف ولن نستسلم في وجه من يريد أن يعتدي علينا”، معتبرا “أن القضاء في المنطقة “نائم”، حيث لا يتم توقيف أي معتد بل يخلى سبيله بسند إقامة”.
وختم: “إذا لم ندعم المواطن المسيحي، فلن تستطلح الأمور فعليا، وبالتالي علينا خلق النفس والعصب المسيحي، فلن نقبل أن نبقى أهل ذمة”.
خضرا
وكانت كلمة لرئيس مؤسسة “لابورا” اعتبر فيها “ان موضوع المسيحيين في الوظائف العامة يكمل موضوع بيع الأراضي”. وقال: “يوازي شعار “أرضي هويتي”، شعار آخر “وظيفتي هي ضمانتي واستمراريتي واستثماري”.
وشدد الاب خضرا على “أهمية التوازن الإسلامي – المسيحي في كل مراكز الدولة، كي يشعر المسيحي أنه مشارك فيها ويستمر كي لا يتخلى عن أرضه”، لافتا الى ان إدارات الدولة تضم 374000 موظف، منهم 100 ألف موظف متقاعد، و 27400 في الخدمة الحالية ينقسمون على 76 ألف عسكري و180 ألف مدني. مجلس الخدمة المدنية يعترف بوجود 39700 موظف، وبالتالي هناك 140 ألف موظف في خانة “التشبيح”. فعلى سبيل المثال، في المركز الآلي في وزارة المال هناك 687 موظفا منهم 680 موظفا ينتمون الى الأحباش من عكار، وتم تعيينهم في انتخابات 1996. في الجمارك 1000 موظف من الشوف”، مشيرا الى ان “مجموع رواتب وتعويضات الـ 274000 موظف تبلغ 13 مليار دولار سنويا”.
واعلن ان المسيحيين يدفعون 62% مما تدفعه الدولة في إطار مساعدات تبلغ نحو 20 مليار دولار سنويا، في حين يستفيدون من 3 مليار دولار اي 12،5% موزعة على مشاريع في مناطقهم ورواتب في الوظيفة العامة.
ووصف الفارق بالأرقام بالكارثة الكبيرة، وكشف أن مسحا أجرته “لابورا” في العام 2013 على النوادي الاجتماعية من كفرشيما الى جبيل، يظهر أن 18 ناديا مسيحيا تلقوا مساعدات بقيمة 82 مليون ليرة، في المقابل نادي الشقيف الذي تترأسه السيدة رنده بري يحصل سنويا على 150 مليون ليرة”.
وشدد خضرا على “ضرورة خلق فرص العمل في القرى المسيحية كي يبقى ابناؤها فيها”.
الاب نادر
من جهته، اعلن الاب نادر: “ان البطريركية المارونية في بكركي أنشأت بتاريخ 25/06/1987 هيئة رعوية اجتماعية تابعة لها برعاية البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، تتمتع بالشخصية المعنوية وهي مجانية خيرية لا تتوخى تحقيق الربح وتعرف باسم “الصندوق الاجتماعي الماروني”. ثم منحت هذه الهيئة صفة المنفعة العامة بموجب المرسوم رقم 12741 تاريخ 01/08/1998. وقد قامت في بداية الحرب اللبنانية بتقديم المساعدات في مجالات الغذاء والصحة والتعليم وفي ما بعد في مجالات السكن والانماء.
انجز الصندوق 2500 شقة في مناطق جبل لبنان في عهد البطريرك صفير”.
اضاف: “مع بداية عهد البطريرك الراعي وبناء على طلبه قمنا بالتوجه الى المناطق اللبنانية في الاطراف. فكان مشروع القرية جنوب لبنان وأرده والقبيات في شمال لبنان وزحله في منطقة البقاع، مؤكدا ان “الاهداف هي: خدمة الشباب من أجل تأسيس عائلة مسيحية وبالتالي التجذر في مناطقهم، اضافة الى خدمة ذوي الدخل المحدود”، مشيرا الى ان شروط الانتساب وقبول المشتركين تقوم على الطريقة الآتية: بعد موافقة مجلس الادارة على اقامة المشروع تعتمد الآلية التالية:
اولا: المرحلة التحضيرية:
تختار الإدارة العقار، يقدم الراغبون طلبات الانتساب، ترسل الطلبات الى المصرف الذي تحدده المؤسسة، لدراسة اوضاع المنتسبين ومدى امكانية استفادتهم لاحقا من مؤسسة الاسكان، يقيم مجلس الإدارة ملف المنتسب ويقرر بشأن قبوله، ويبلغ صاحب العلاقة مضمون القرار.
ثانيا: مرحلة الانتساب:
تمتد من تاريخ الانتساب وقبول المشترك، الى حين انجاز الخرائط وتلزيمها الى احدى الشركات. يسدد المنتسب خلال الفترة المذكورة الى المؤسسة اشتراكات شهرية ودفعة أولى تحدد في حينه.
– بعد تلزيم المشروع، يختار المنتسب شقته. وتوقع معه المؤسسة اتفاقية بيع قيد الانجاز الى حين الانجاز.
ثالثا: توقيع اتفاقية حتى التسجيل النهائي:
تبدأ عند توقيع اتفاقية ثلاثية بين المؤسسة المارونية والمصرف والمنتسب، أهم بنودها:
1- يمنح المصرف الشاري تسهيلات مصرفية يدفعها الى المؤسسة تسديدا لثمن الشقة الى حين انجاز اعمال البناء والحصول على الافراز المؤقت او قيد الانشاء.
2- تتعهد المؤسسة بعدم تسجيل الشقة على اسم الشاري الا بعد اجراء التأمين عليها من قبل المصرف.
3- يوقع الشاري وكالة غير قابلة للعزل بالشقة قبل الإفراز لصالح المصرف.
4- بعد الافراز يؤمن المصرف رصيد ثمن الشقة عن طريق قرض من مؤسسة الاسكان ويحول الى حساب المؤسسة الاجتماعية المارونية.
5- يتابع المنتسب تسديد أقساطه الى المصرف مباشرة”.
ماروني
والقى النائب ماروني، كلمة اعتبر فيها ان “الوطن أرض وشعب ومؤسسات”، وقال: “نسعى منذ سنوات طويلة لبناء المؤسسات الدستورية اللبنانية، كذلك سعى كثيرون ونسعى في أي موقع الى حماية الأرض، فكما أرض الوطن هي سيادتنا وكرامتنا وحريتنا هكذا أرضنا هي كرامتنا ورابطنا مع وطننا، لذلك لا بد من التنويه بالدور الكبير الذي تلعبه “حركة الارض اللبنانية” والاستاذ طلال دويهي في الدفاع عن الارض التي هي وجود وسبب وجود”.
واضاف: “لقد قيل الكثير حول “حركة الارض اللبنانية”، فقد نظمت مؤتمرات عديدة وكلها تصب في محاولة ايجاد الحلول لمعضلة بيع الارض وخصوصا أراضي المسيحيين لغير المسيحيين وأراضي اللبنانيين لغير اللبنانيين. واذا كانت الاخيرة وجدت الحلول من خلال قوانين عديدة صدرت، إلا أن التحايل على القانون مزدهر وبيع الأراضي وبمساحات شاسعة ما زال مزدهرا. وهذا ما يتطلب تشديدا في الرقابة على حسن تنفيذ القانون بشفافية كما تشديد العقوبات على المخالفين. لكن في هذا المؤتمر أعتقد أن التوجه الاول هو لمحاولة ايجاد حلول للمشكلة الأكبر التي تغير حركة الارض اللبنانية وتغير مالكيها وهو بيع أراضي المسيحيين لغير المسيحيين”، مشيرا الى “أن القانون والدستور يحميان حق الملكية و حق التصرف”.
وشدد ماروني على ان “الأهم هو حماية الوجود المسيحي في لبنان، لأنه لا لبنان دون المسلم القوي والمسيحي القوي والمسيحي لا يكون قويا دون أرضه، ولأننا جميعا حرصاء على حماية صيغة العيش المشترك وعلى عدم تغيير ديموغرافية البلد وفرز المناطق طائفيا ومذهبيا”.
وقال: “يسعى مخلصون ونحن معهم، لمنع تفاقم هذه الظاهرة التي إن استمرت ستغير وجه لبنان فلا يعود وطن الرسالة ولا وطن التعايش”، مؤكدا “ان هناك أسبابا عديدة لهذه الظاهرة أهمها: الحرب اللبنانية، الهجرة، التهجير، الخوف على المصير، القلق من المستقبل، الحاجة وغير ذلك من الأسباب”.
اضاف: “ولأن حملات التوعية أخذت مساحة كبيرة لعدم بيع أراضي المسيحيين لغير المسيحيين ولم تنفع، نعم لم تنفع لأن المواطن بحاجة الى حلول، فكما الداء يحتاج الى الدواء فإن هذه المشكلة تحتاج الى الحل النهائي. فلا نستطيع أن نبقى عبر الشاشات والإذاعات والجرائد والمؤتمرات نقول لا يجوز هذا البيع، إنه مضر لأن الفقير الذي لا يجد أمامه شار مسيحي ومضطر الى المال سيبيع أيا كان. والخائف من العودة الى مناطق التهجير يحتاج الى الاطمئنان والسلام والثقة، وهذا ما لم يتوافر حتى الساعة في لبنان العاجز عن تأليف حكومة وعن تأمين الكهرباء وإقرار قانون إنتخابي حديث وحل أزمة السير وايجاد فرص عمل للمقيمين وللمهاجرين اذا عادوا أو قلنا لهم عودوا. اذا هذا المسيحي البائع الذي لم يجد الشاري المسيحي ماذا يفعل”.
وتابع ماروني: “قدر لي أن أشارك في بحث هذا الموضوع في مؤتمر عقد منذ سنوات في بيت الدين، كما أشارك حاليا في لجنة نيابية منبثقة عن لقاء القيادات المارونية في بكركي، مهمتها هذا الموضوع. واليوم إذ أتيحت الفرصة أمامي فإني أقترح ما يلي:
– أولا: الداء يحتاج الى دواء.
– ثانيا: البائع المسيحي يحتاج الى شار مسيحي.
– ثالثا: يجب إنشاء البنك المسيحي العقاري أو الشركة العقارية المسيحية ومهمتها شراء العقارات من البائع المسيحي اذا لم يكن هنالك شار مسيحي والبنك أو الشركة تستثمر – تبيع متى وجد الشاري. وهنا أشير الى زيارات قمت بها شخصيا الى مراجع حالية عليا أبدت إستعدادها لتسهيل قوننة مثل هكذا مؤسسات”.
واشار الى ان “مصادر التمويل هي الإغتراب المسيحي، رجال الأعمال المسيحيون، الكنيسة على اختلاف مذاهبها”.
وختم: “نعم نحن بحاجة الى الدواء لا فقط الاشارة الى الداء. نحن بحاجة لنقول للمواطن نحن الى جانبك لا فقط إرشاده ونصحه وهو يحتضر. بكلمة أخيرة أقولها: تعالوا نقدم ولا نتأخر حتى لا نبكي لبنان الذي لم نعرف كيف نحافظ عليه”.
المعلوف
اما النائب المعلوف فقد تلا امام المشاركين في المؤتمر إقتراح القانون الرامي الى تقييد عملية بيع العقارات التي يتجاوز مساحتها حدا معينا، الذي كان قد قدمه الى مجلس النواب، وفيه:
المادة الأولى: تخضع لأحكام هذا القانون، عقود البيع التي تجري على العقارات غير المبنية والتي تزيد مساحتها عن ثلاثة آلاف متر مربع، سواء كانت هذه العقارات ممسوحة أم غير ممسوحة.
المادة الثانية: يسثنى من الخضوع لأحكام المادة الأولى أعلاه عمليات البيع والشراء التي تقوم بها الدولة أو البلديات أو تلك التي تجري بين الزوج والزوجة أو بين الأصول والفروع لغاية الدرجة السادسة.
المادة الثالثة: خلافا لأي نص آخر يطبق على معاملات البيع المذكورة في المادة الأولى ما يلي:
1- يقوم صاحب الملك في العقار المراد بيعه بإبلاغ البلدي المجلس، الواقع ضمن نطاقه العقار المنوي بيعه، بشكل أصولي بعملية البيع سواء أكانت العقارات المراد بيعها مفرزة أم غير مفرزة.
2- يدرس المجلس البلدي الطلب المقدم من مالك العقار ويبت به في جلسة تنعقد وفق الأصول، وذلك خلال مهلة 45 يوم من تاريخ إيداعه الطلب. إن عدم الإجابة في المهلة المحددة يعد موافقة على عملية البيع.
3- عند عرض الموضوع على المجلس البلدي يكون للمجلس أن يختار بين الموافقة على البيع أو ممارسة حق الشفعة عبر شراء العقار المراد بيعه بنفس المواصفات والثمن أو عبر تأمين مشتر للعقار المذكور من أبناء القرية التي يقع العقار المذكور ضمن نطاقها العقاري الذين يملكون عقارات مجاورة.
4- يمارس القائمقام مهام المجلس البلدي بالنسبة لعقود البيع في المناطق التي لا يوجد فيها بلدية.
5- بإستثناء الحالة التي يمارس فيها المجلس البلدي حقه بشراء العقار المراد بيعه بنفس الثمن، يتوجب على المشتري دفع رسم الدلالة والبالغ قيمته 5% من ثمن المبيع للبلدية حيث يقع العقار.
المادة الرابعة: يحظر على أمناء السجل العقاري ومعاونيهم إجراء أي تسجيل لعقود البيع أو الشراء المشمولة في المادة الأولى ما لم يبرز البائع إفادة من البلدية بالموافقة على البيع أو إبراز إفادة تؤكد قيامه بتقديم الطلب إلى المجلس البلدي ومرور المهلة المحددة دون البت فيه.
المادة الخامسة: تحدد دقائق تطبيق هذا القانون عبر مراسيم تصدر في مجلس الوزراء بناء على إقتراح وزيري المالية والأشغال العامة والنقل.
المادة السادسة: يلغى كل نص مخالف أو لا يأتلف مع هذا القانون.
المادة السابعة: يعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسمية.
الأسباب الموجبة
نصت الفقرة “ي” من مقدمة الدستور على أن لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك. وعليه فإن الهدف الأساسي الذي سعى له اللبنانيون في وثيقة الوفاق الوطني التي أضحت جزءا من الدستور، تركز على أهمية الحفاظ على العيش المشترك وصونه بكل السبل، وبالتالي منع أي إنتقاص من حقوق طائفة أو مجموعة ما مكونة لنسيج المجتمع اللبناني، وهو ما يتطلب عملا دؤوبا لإزالة مشاعر الخوف والغبن لدى فئات الشعب كافة.
ونصت الفقرة “و” من مقدمة الدستور على أن “النظام الإقتصادي حر يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة”، كما نصت الفقرة “ط” من المقدمة عينها على أن “أرض لبنان لكل اللبنانيين. فلكل لبناني الحق في الإقامة على أي جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على اساس أي إنتماء كان ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين”.
إن حماية الملكية الفردية أمر مقدس، وهو ما أكدت عليه المادة 15 من الدستور التي منعت نزع أحد عن ملكه إلا تحقيقا للمصلحة العامة وبشرط تعويضه تعويضا عادلا، وربطت ممارسة هذا الحق بحصوله ضمن حدود القانون. فأجازت صدور قوانين تفرض تقييد ممارسة حق الملكية من دون أن يشكل ذلك مساسا بجوهر المادة 15 وباقي الحريات التي كفلها الدستور والقوانين، ومن هذه القيود حق الشفعة وحق الإنتفاع وحق الإرتفاق وسوى ذلك من قيود.
إن عمليات بيع الأراضي التي تحصل على نطاق واسع في بعض المناطق من دون رقابة أو حسيب، سواء أكانت تحصل لصالح جهات محلية أو أجنبية، باتت تشكل مصدر خوف وقلق لدى فئات واسعة من اللبنانيين، كما أدت إلى تحويل جزء كبير من الريف إلى مجمعات عمرانية مبنية بشكل فوضوي دون ترتيب، تفتقد للتخطيط وللمقومات الهندسية والجمالية المطلوبة. كما باتت تهدد بحدوث تغيير ديموغرافي في مناطق عدة ما سوف ينعكس مستقبلا على الإستقرار وعلى الثقة والعيش المشترك بين اللبنانيين.
ان تركز سلطة مركزية في العاصمة غالبا ما يجعلها بعيدة عن احتياجات الأقليم الخاصة، ولهذه الغاية ركز الدستور اللبناني على أولولية تحقيق اللامركزية الإدارية التي من أولى تجلياتها إعطاء الصلاحيات للمجالس البلدية المنتخبة لممارسة السلطة المحلية ضمن نطاقها بما فيه وضع السياسة الإسكانية والعمرانية ضمن النطاق البلدي والحد من فوضى العمران غير المنظم الذي يؤدي إلى تشويه جمال القرى والإضرار بالبيئة، الأمر الذي ينعكس تمكينا للشعب من مباشرة شؤونه المحلية الإدارية، كون السلطة المحلية أكثر معرفة بحاجات اقليمها ومرافقه والاقدر على تأمين حسن سير المرافق العامة المحلية، متجنبة الأبطاء والروتين في أداء عملها نظرا لقربها واستجابتها السريعة إلى تحقيق مستلزمات حسن سيرها.
إن إعطاء البلديات بعض هذه الصلاحيات يؤمن الحفاظ على المصلحة العامة ويؤدي إلى تجانس العمل ضمن النطاق البلدي بما يلائم الصالح العام، وذلك عبر تسهيل قيام المجالس البلدية برسم السياسات الإسكانية المحلية ومباشرة النشاطات الإقتصادية وتنمية السياحة وتنفيذ مشاريع مشاريع مدنية وجماعية وتأمين المحافظة على التراث المحلي ودعما له. ومن أولى هذه الصلاحيات الواجب منحها للمجالس المحلية المنتخبة (البلديات) صلاحية ممارسة حق الشفعة على بعض العقارات ضمن النطاق البلدي، وذلك عبر إعطاء المجلس البلدي الحق في شراء العقارات الواقعة ضمن نطاقه عبر ممارسة حق الشفعة هذا سواء لصالح البلدية أو لصالح تنفيذ سياستها العامة للإستثمار والتخطيط.
وقد حدد القانون المدني الفرنسي أربع حالات للممارسة حق الشفعة وهي: حالة الشيوع، حالة المستأجر، حالة الأعمال الفنية، وحالة الأدارات المحلية في التنظيم المدني. وفي الحالة الأخيرة يحيل القانون المدني الفرنسي الى قانون التنظيم المدني حيث نص في مواده على أنه من الممكن للمجالس البلدية، وذلك لغاية تنفيذ “تجهيز” أو لعملية تنظيم، أن تؤسس لنفسها حق ارتفاق في محيط أو عدة من نطاقها.
Article L211-1
Les conseils municipaux des communes dotées d’une carte communale approuvée peuvent, en vue de la réalisation d’un équipement ou d’une opération d’aménagement, instituer un droit de préemption dans un ou plusieurs périmètres délimités par la carte. La délibération précise, pour chaque périmètre, l’équipement ou l’opération projetée.
Ce droit de préemption est ouvert à la commune. Le conseil municipal peut décider de le supprimer sur tout ou partie des zones considérées. Il peut ultérieurement le rétablir dans les mêmes conditions…
كما جاءت المادة 300 من القانون الفرنسي المذكور لتشرح وتعدد الحالات التي تشملها عمليات التنظيم المذكورة سابقا، والتي تهدف إلى تنفيذ مشروع مدني، أو سياسة محلية للسكن، أو للمحافظة على النشاطات الاقتصادية أو توسيعها، أو لتشجيع وتنمية السياحة والهوايات، أو لتنفيذ مشاريع جماعية أو مراكز أبحاث أو تعليم عالي، أو محافظة على النظافة، أو للتجديد المدني، أو محافظة على التراث أو دعما له في المساحات المبنية أو غير المبنية.
Article L300-1 :
Les actions ou opérations d’aménagement ont pour objets de mettre en œuvre un projet urbain, une politique locale de l’habitat, d’organiser le maintien, l’extension ou l’accueil des activités économiques, de favoriser le développement des loisirs et du tourisme, de réaliser des équipements collectifs ou des locaux de recherche ou d’enseignement supérieur, de lutter contre l’insalubrité, de permettre le renouvellement urbain, de sauvegarder ou de mettre en valeur le patrimoine bâti ou non bâti et les espaces naturels…
من هنا، أتى إقتراح القانون ليضع بعض القيود على بيع العقارات غير المبنية والتي تتخطى مساحتها حدا معينا، وذلك عبر الإشتراط لصحة البيع إبلاغ المجلس البلدي حيث يقع العقار بعملية البيع والثمن، وإمهاله مدة محددة لممارسة حقه بإستملاك العقار لصالح المنفعة العامة مقابل بدل عادل، أو شراء العقار المراد بيعه عبر ممارسة حق الشفعة أو تأمين مشتر للعقار من أبناء البلدة الذين يملكون عقارات مجاورة للعقار المراد بيعه، وبنفس الشروط والسعر المعروض. وإلا يكون لزاما على المجلس البلدي الموافقة على عملية البيع ويعد سكوته بعد إنقضاء المهلة بمثابة قبول بالبيع.
إن إقتراح القانون المقدم يهدف، إلى إيجاد حل يكفل الإبقاء على الملكية الفردية وتأمين ممارسة الأفراد للحريات التي كفلها الدستور والقوانين، ويرمي بالمقابل إلى الحد من الفوضى العمرانية في القرى وتقييد عملية المتاجرة بالأراضي، من دون أن يؤدي ذلك إلى الإضرار بالمالكين أو إلى الحد من حرياتهم. وذلك رغبة وإيمانا بضرورة العمل على حفظ وصيانة العيش المشترك بين أبناء الوطن الواحد وتجنبا لأي تغيير ديموغرافي أو تحوير في إستعمالات الأراضي عبر تحويل القرى الصغيرة إلى أماكن للتجمعات السكانية المشادة دون مراعاة لأبسط المعايير الفنية والهندسية والبيئية والجمالية المطلوبة.
ان اللبنانيين عامة يسعون إلى تعزيز أسس الشراكة والعيش المشترك ويسعون لإزالة كل أسباب التفرقة والخوف والإستقواء التي يشعر بها بعض اللبنانيين، ما يقتضي البحث عن حلول جدية لهذه المشكلة التي تقض مضاجعهم.
إننا إذ نتقدم بإقتراح القانون هذا إلى المجلس الكريم نأمل الآخذ به وإقراره”.
جريصاتي
والقى الوزير جريصاتي كلمة بعنوان “الأرض وحركة الأرض” والوثيقة والدستور”، وجاء فيها الاتي:
ان مفهوم الوطن يرتكز على عناصر ثلاثة: أرض وشعب وخاصية قومية. الكيان يصبح وطنا عند توافر هذه العناصر مجتمعة فيه، بالاضافة الى اعتراف أممي به. اما الدولة فهي تجسيد سلطوي وملازم للأوطان. من هنا اهمية الأرض والحفاظ عليها حيث انها، بالمقارنة، بأهمية الجسد في حياة الانسان. ان الوطن اللبناني والدولة اللبنانية لا يخرجان عن هذه المعادلة المعتمدة في العلم السياسي. لبنان وطن سيد حر مستقل، نهائي لجميع ابنائه، واحد أرضا وشعبا ومؤسسات، في حدوده المنصوص عنها في الدستور والمعترف بها دوليا، والنظام السياسي فيه جمهوري ديموقراطي برلماني يقوم على احترام الحريات العامة والعدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين من دون تمايز او تفضيل (على ما تنص عليه ايضا المادة 7 من الدستور)، والنظام الاقتصادي فيه حر يكفل الملكية الخاصة، وارضه ارض واحدة لكل اللبنانيين، حيث يحق لكل لبناني الاقامة على اي جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا يفرز الشعب على اساس اي انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين، على ما تنص على كل ذلك مقدمة الدستور اللبناني المستقاة حرفيا من “المبادىء العامة” المستهلة لوثيقة الوفاق الوطني”.
اضاف: “اما المادة الاولى من الدستور، فتنص على ان لبنان دولة مستقلة ذات وحدة لا تتجزأ وسيادة تامة، ما يعني اكتمال عناصر قيام الوطن اللبناني والدولة اللبنانية من حيث المبدأ. الا ان التلازم بين العناصر الثلاثة، اي الشعب والارض والخاصية القومية، انما يأخذ منحى فريدا ومتميزا في الحالة اللبنانية التي توائم بين كل هذه المبادىء من جهة، وبين خاصية لبنان من حيث انه وطن مكوناته طوائفية بامتياز تعيش معا في ظل دستور يساوي بين المسيحيين والمسلمين في الحياة العامة، بانتظار دولة المواطنة، اي الدولة المدنية التي يرشد الدستور ذاته الى سبل بلوغها. ان مقولة “توقف العد”، التي سرت بعد الطائف، لا يمكن ان تعني بأي حال من الاحوال ان ليس للديموغرافيا اثر على الحياة العامة او ان كل انحسار لانتشار اي مكون من مكونات الوطن الطوائفية على ارضه لا يعني، في مكان ما، بداية تقوقع وتجزئة وتقسيم، وهي اخطار جدية انزلها الدستور منزلة المحظورات الكيانية”.
وقال: “ان هذه المقدمة تقودنا الى مسألة ذات حساسية بالغة تتعلق بارتباط الديمغرافيا المسيحية بالارض، حيث الانتشار على مساحة الوطن، واهمية الحفاظ على الارض، ضمانة للوجود، لا سيما عند اختلال العامل الديموغرافي. نعم، ان مسألة الارض هي مسألة مسيحية بامتياز، وهي تساوي بالمقارنة المسألة المشرقية التي هي ايضا مسألة مسيحية بامتياز”.
وتابع: “لن اعود الى التاريخ القديم، ولكن دعوني على الاقل ان اقسم مداخلتي زمنيا الى قسمين: ما قبل تأسيس “حركة الارض” في 12 حزيران 2013 بالعلم والخبر الرقم 1080، وما بعد هذا التأسيس، ذلك ان هذه الحركة نزلت الى الميدان ورفعت غاياتها الى مرتبة التصدي للتغيير الديموغرافي في لبنان والعمل على منع بيع اراضي المسيحيين عبر التوعية وعقد المؤتمرات (على ما هو مؤتمرها الثاني اليوم في زحلةوالبقاع) والمساهمة في الدفاع عن الوجود المسيحي في اراضيه، على ان يصار الى تحقيق هذه الغايات وفقا للقوانين والانظمة المرعية الاجراء.
اولا- ما قبل “حركة الارض”:
اكتفي بذكر ثلاثة مواقف مبدئية من مرجعيات روحية وزمنية مسيحية مستقاة من التاريخ الحديث:
1- المذكرة التي تقدمت بها الكنيسة المارونية الى رئيس مجلس الوزراء الاسبق الشهيد رفيق الحريري بتاريخ 6 اذار 1998 اثر زيارته الصرح البطريركي في بكركي للوقوف على احوال المسيحيين الاجتماعية والاقتصادية والادارية والسياسية، حيث ورد حرفيا في الشأن السياسي وبمعرض إبراز قلق المسيحيين، السؤال المحوري الآتي: “لماذا هذا التهافت على شراء أراضي المسيحيين في مناطقهم وإغراؤهم على بيع أراضيهم في المناطق المشتركة، في حين أن الشعار المرفوع هو الانصهار الوطني؟”.
2- البيان الختامي الصادر عن “المجمع البطريركي الماروني” في دورته الثانية في 27 تشرين الاول 2004 الذي شارك فيه عن طائفة الروم الملكيين الكاثوليك غبطة البطريرك غريغورويس الثالث لحام وممثلون عن الطوائف الارثوذكسية والانجيلية وسائر الطوائف الكاثوليكية في لبنان، والسفير البابوي لويجي غاتي، فضلا عن موفدين عن الطوائف الاسلامية، حيث ورد “ان لبنان الذي يعتبره الموارنة والمسيحيون وطنهم الزمني او الروحي لا يزال يتعرض لاخطار، منها ان “ارضه لا حماية لملكيتها، وهي مباحة للقادرين على شرائها بفعل فقر الفقراء من اهله الذين يتزايد عددهم يوما بعد يوم”، ما يدل على ان تملك الارض ليس فقط من الداخل، بل ايضا من الخارج، من دون التقيد بالضوابط على محدوديتها التي يلحظها قانون تملك الاجانب الساري المفعول والواجب التعديل.
3- وثيقة الطروحات المسيحية اللبنانية التي وضعها فخامة الرئيس العماد ميشال عون في 3 كانون الاول 2007، انطلاقا من ان لبنان من دون مسيحييه ليس وطنا، تماما كما هي حاله من دون مسلميه، ومن ان استهداف المسيحيين قد ادخل لبنان في مسار انحداري تتوجب معه معالجة مكامن الخلل والتعامل مع جذور المشكلة وليس مع ظاهرها، حيث ورد ان خطرين داهمين يتهددان لبنان ومسيحييه، هما “خطر التوطين الذي من شأنه ان يغير المعادلة الديموغرافية القائمة على توازن حساس ودقيق اصلا. وخطر الفائض المالي الذي يستعمل في شراء الاراضي وتبديل هويتها، وهذا ما يضع لبنان مرة اخرى في دائرة وصاية جديدة ويضرب فلسفة السيادة والقرار الوطني الحر”.
واكد ان وثيقة الطروحات هذه تخلص الى تحديد طريق الخلاص من مسار انحداري تفككي الى مسار تصحيحي استنهاضي ، بـ”الانتقال من مرحلة الاعتراض والممانعة الى فعل المقاومة السياسية الكفيلة وحدها المحافظة على الوجود والدور المسيحيين. وقال: “في هذا السياق الخلاصي وجدت “حركة الأرض”.
ثانيا- ما بعد “حركة الارض”:
تأسست كما قلنا في 12 حزيران 2013 وكان ممثلها لدى الحكومة رئيسها الحالي الصديق السيد طلال محسن الدويهي، وهي حركة ميدانية، عملانية، توثيقية، ناشطة ومتوثبة للحفاظ على الارض عامة، ذلك ان الحفاظ على الوجود المسيحي في ارضه من شأنه الحفاظ ايضا على سائر الهويات الوطنية.
بقاعنا الحبيب، الذي يعنينا فيه سهله واتصاله بالعمق العربي والمشرقي، معروفون أهله بالتمسك بالارض المعطاء التي كانت يوما اهراءات الشرق. الا ان هذه الارض تعاني، بالملك الخاص والمشاع البلدي والوقف، من حالات وضع يد في اكثر من موقع، لعل القاع اشدها خطرا. يكفي ان هذه الحركة، عند نشأتها، لم تلاق استحسان الجميع، حتى ان البعض في حينه رأى ان اهدافها لا تراعي مقتضيات احكام وثيقة الوفاق الوطني والدستور او حتى قانون الملكية العقارية تحديدا (القرار الرقم 3339 تاريخ 12/11/1930) الذي تنص مادته 11 ان الملكية العقارية هي حق استعمال عقار ما والتمتع والتصرف به من ضمن حدود القانون والقرارات والانظمة، او قانون الموجبات والعقود النافذ منذ 11/10/1943 والتي تنص مادته 166 على ان للافراد ان يرتبوا علاقاتهم القانونية كما يشاؤون بشرط مراعاة النظام العام والاداب العامة والاحكام القانونية الالزامية”.
وسأل: “بالله عليكم، هل من قانون يسمو قواعد العيش المشترك التي لا شرعية لاي سلطة او نص يناهضها؟ هل ان اعادة العمل ببراءة الذمة المحلية عند التفرغ العقاري امر مستهجن؟ هل ان التصدي لانشاء مدينة صناعية وزيادة عامل الاستثمار في بلدات شوفية حالا دون اغراقها في مشاريع كبرى بعناوين براقة تخل بالهوية والديموغرافيا، امر مشبوه وطنيا؟ هل ان ايجاد حل قانوني وعملي ونهائي لاراضي القاع الحبيبة والانتهاء من معاملات الفرز والضم التي تلكأت بالماضي دولة عاجزة او متواطئة عن ايقاظها من سباتها العميق والمفتعل، يضر الميثاقية والعيش معا ام يحيي الوجود المنوع ويحميه في ارض التنوع والتلاقي؟ هل ان هذه الجمعية، بوظيفتها الايديولوجية، تقوي الانتماء الوطني وتعززه او توهنه، طالما ان لبنان هو وطن العيش الواحد؟ هل ان خوف المسيحيين في غير محله من ان تباع الارض وتضيع الهوية، فتنحسر الديمغرافيا والملكية معا؟ ألم تجد هذه الاشكاليات النفسية والوطنية معا حلا لها في وثيقة الوفاق الوطني إن أحسنا تطبيقها بكامل احكامها من دون اسنتسابية او انتقائية، على ما جاء في خطاب القسم؟ وصل احدهم الى حد طلب حل الجمعية اذا لم تقم بتعديل اهدافها، متخوفا من بعثرة الهوية الوطنية، ولم ينل بالطبع مبتغاه (عبد اللطيف فاخوري- مقال منشور في “النهار” عدد 11 آب 2013).
واكد “ان زمن الحمايات القنصلية والمتصرفيتين والوصايات قد ولى، حتى إن استعادة لبنان استقلالية قراره وسيادته على ارضه، وجب على قادة الرأي فيه والذين اختارهم الشعب لتولي شؤونه وشجونه، ان يلتفتوا الى كل ما من شأنه ان يتهدد الكيان الذي ارتضيناه وطنا جامعا سنة 1926 ومستقلا سنة 1943. قالها، فخامة الرئيس العماد ميشال عون، ساطعة ناصعة في رسالة الاستقلال: الارض اعطتنا هوية يجب ان نحافظ عليها لا ان نتعامل معها كسلعة تجارية نعرضها للبيع في الاسواق الخارجية، فان بعناها فقدنا الهوية، والشعب بلا أرض هو لاجىء، والارض بلا شعب هي مشاع”.
وختم: “الى “حركة الارض”، كل ثناء وكل تشجيع على الرسالة التي تقوم بها بكل تفان وشجاعة، مع التمني بأن نصل الى تشريع يحمي الارض والهوية والوجود والدور، لكل مكونات الوطن، من دون افتئات او تغليب مصالح او توسل المال لزعزعة الانتماء الوطني الحقيقي الذي لا يتحقق وينمو الا مع الارض”.
الفرزلي
ثم تحدث الفرزلي، مقترحا تسمية المؤتمرات التي تعقدها “حركة الأرض” بـ “من لا أرض له لا سماء له”.
وقال: “ربما هناك بعض الإستطرادات من قبل الزملاء الذين تناوبوا على الكلام تحتاج الى بعض التدوير في الشكليات لكن يمكن تجاوزها”، وسأل: “عندما لم تكن الأرض للمسيحيين، كيف أقدم المسيحيون على تملكها، لأنهم شعروا أن هذه الأرض هي ارضهم ويريدون أن يتجذروا فيها”.
وتابع: “لماذا هذا الشعور اليوم بأنه يجب بيع الأرض، وسأتجاوز مسألة الحرب حيث كان هناك الغمز والهمس وبعض الإغراءات والتهديد، لمشاريع معينة أو لتفريغ مناطق معينة”.
وأضاف: “أما الآن فلماذا لا يدافع المسيحي دفاعا مستميتا عن الأرض، ويعتبر أنه إذا باع الأرض وكأنه “باع قطعة منه. فلماذا هذا الشعور لم يتوفر، ولماذا يجب ان نكون بحاجة لحركة مثل “حركة الأرض”؟! علينا أن نسأل أنفسنا هذا السؤال”.
وتابع: “أصبح المسؤول المسيحي في المؤسسات الدستورية بمعظمه مستملكا في كنف الآخرين، وشعر أن القرار في المنطقة لم يعد قراره، بات هذا هو الشعور العام، فدفع الى النزوح. وعندما بدأ النزوح في العام 1952 من بعلبك، كان هناك عائلات لها صولات وجولات في تاريخ المدينة، لكنها نزحت لأنها شعرت بأنه لم يعد لها مكان، بالإضافة الى الأسباب الاقتصادية والاجتماعية”.
وقال: “بعدما تحققت الخطوة الأولى، المتمثلة بإعادة تمركز المكون المسيحي في الساحة المركزية الدستورية، لكي ينعم المسيحي كشريك تحت سقف الدستور عبر إنتخاب من هو ممثل المكون الذي ينتمي إليه، وعندما تألفت الحكومة أتى فيها 15 مسيحيا بخيار مسيحي. وإذا لم يستكمل كل هذا بقانون للإنتخابات النيابية يحصن هذا المسار على قاعدة الحفاظ على العيش المشترك وتحت سقف الدستور، وبالتالي فعبثا تحاولون. لذلك القضية النضالية المركزية التي هي مسألة عقارية وأرضية وبنيوية وروحية، وإذا لم تتركز القضية على هذه المسألة (قانون الإنتخابات) فعبثا تحاولون أن ينبت لدى هذا المواطن المسيحي شعورا بأن هذه الارض باقية له وبالتالي يتم التمركز فيها”.
وناشد الفرزلي المؤسسات الكنسية المسيحية من بطاركة ومطارنة ورهبان وراهبات، أن لا تتأخر في استنهاض الناس في مسألة إنتاج قانون إنتخابي جديد، لافتا الى أن مذكرة بكركي الوطنية ذكرت بشكل واضح ضرورة إنتاج قانون إنتخابي سيادي يمنع الأكثريات من أن تقبض على الأقليات.
وقال: “اننا نشهد ونشتم رائحة محاولات الإلتفاف لإجهاض كل ما تحقق في الشهرين الماضيين من إنجازات على مستوى إعادة تصحيح المسار الدستوري للسلطة، وذلك تحت عنوان “الضغط أو الوقت أو لا مجال لإصدار قانون إنتخابي جديد”، فنذهب الى إنتخابات نيابية لم تكن ضرورية منذ 3 أو 4 سنوات، بل باتت ضرورية اليوم من أجل العودة الى تطبيق قانون الستين معدلا، تحت مسميات ايضا في غاية الخطورة وتشهد على كيفية إنتهاك الأرض وتحديدا في بعلبك”.
وتابع الفرزلي: “كذلك عندما يتحدثون عن نقل المركز الماروني من بعلبك الى بشري، أو نقل مركز طرابلس الى البترون. كل هذا التحييك يهدف الى تقديم “بخشيش” معين لجهات من أجل العودة الى قانون الستين”.
وأكد “أن المؤامرة الكبرى على المكون المسيحي في لبنان وعلى دوره هو الحفاظ على قانون مسخ من أجل الإستتباع والإذلال وإنتاج واستيلاء النواب في كنف الآخرين. وبالتالي، نكون أمام نهاية مسيرة القدرة على امتلاك القرار في مناطقك”.
وقال الفرزلي: “لا أحد يستطيع أن يساير في موضوع وحدة الشعب والمؤسسات والأرض والعيش المشترك”، مشددا على “أن هذا العيش المشترك لا يكون على حساب الشريحة أو المكون الذي ننتمي إليه”، معتبرا أن “مسألة بيع الأرض هي النتيجة وليست السبب”.
وختم: “إذهبوا باتجاه استنهاض الذات لمحاسبة من يحاول ان يحول دون إنتاج قانون إنتخابي جديد يدحض قانون الستين، ويعيد إنتاج الوضع الى حيث يجب أن يكون على قاعدة العيش المشترك تحت سقف الدستور”.
درويش
ورحب المطران درويش بالمشاركين في المؤتمر في رحاب سيدة النجاة، وهنأ الوزير جريصاتي على ثقة رئيس الجمهورية به وثقة أبناء زحلة والبقاع، معتبرا ان وجوده في وزارة العدل “أعطى اللبنانين اطمئنانا بأن القضاء في لبنان سيعود ويكسب ثقة جميع اللبنانيين”.
وشكر درويش “مؤسس ورئيس حركة الأرض طلال الدويهي على عمله الدؤوب والتزامه هذه القضية التي تخص كل واحد منا، وهو يعرف كما نعرف كلنا أن المحافظة على الأرض تعني المحافظة على الهوية وتعني أيضا المحافظة على وجه لبنان الحضاري وعلى العيش المشترك بين الطوائف والمذاهب. فلبنان الرسالة لا يقوم إلا بجناحية المسلم والمسيحي”.
وقال: “الهدف من مؤتمرنا هو حث المسيحيين على المحافظة على أرضهم وهذا يعني المحافظة على وجودهم وعلى رسالتهم وعلى ترسيخ إيمانهم بالله وبكنيستهم وبتراثهم. لكن المحافظة على الأرض من أجل الأرض لا يكفي! المهم أن نجيد استعمالها وأن نخضعها ونستغلها من أجل خير الإنسان ورقيه، كما يقول الكتاب المقدس في سفر التكوين: “ها أنا أعطيتكم كل عشب يبذر بذرا على وجه الأرض كلها وكل شجر يحمل فيه بذرا، هذا يكون لكم طعاما” (تك1/29)”.
واضاف: “من هذا المبدأ نشجع “حركة الأرض”، وأنتم منها لنضع سوية استراتيجية واضحة وعملية، نعمل كلنا على تنفيذها بالتعاون بين المؤسسات الكنسية والفاعليات الاقتصادية والمؤسسات الخاصة، لنحافظ على الأرض ونسثمرها لصالح الإنسان. من هذا المنطلق يسرني جدا أن أعلمكم، وبعد اجتماعات مطولة في المطرانية وخصوصا بعد اللقاءات الكاثوليكية التي عقدناها في المطرانية السنة الفائتة، بأننا سنفتتح قريبا مكتب “التراث المسيحي” ومن مهامه الأساسية إجراء مسح شامل لأراضي المقيمين والمغتربين وتمتين العلاقة بين الأرض والإنسان”.
وختم: “من جديد أشكر طلال الدويهي وحركة الأرض ونحن على قناعه بأن نضاله بدأ يولد وعيا عند كثيرين كما بدأ يعطي ثمارا كثيرة. تأكدوا أن مطرانية سيدة النجاة ستكون في خدمتكم وستعمل معكم من أجل الحفاظ على هوية أراضيكم وذلك صيانة للعيش المشترك ولتمتين الشراكة بين مكونات مجتمعنا اللبناني”.
الدويهي
وفي ختام المؤتمر تحدث رئيس “حركة الأرض” الدويهي وشكر المشاركين وفي مقدمهم المطران درويش الذي فتح أبواب المطرانية لعقد هذا المؤتمر. وتمنى على البلديات القيام بمسؤولياتها، إذ يمكن للبلدية التصدي للبيوعات المشبوهة، داعيا الى إعادة العمل ببراءة الذمة.
وحذر الدويهي من “بيوعات غير مشروعة لسوريين تحصل أمام بعض كتاب العدل الذين يتجاوزون القانون اللبناني”، كما حذر من إقرارات البيع للفلسطينيين. ودعا البلديات الى استعمال صلاحيات لمنع المد الحاصل، ومن أبرزها وضع العقار المستهدف قيد الدرس”.
وطنية