الى “النادي الوطني للصحافة” في واشنطن انتقل كل رؤساء الطوائف المسيحية المشاركين في مؤتمر “الدفاع عن المسيحيين”، لإعطاء اشارة انطلاق المؤتمر ومن خلاله رفع الصوت ازاء ما يجري في الشرق الاوسط من اضطهاد وتهجير للمسيحيين.
وقد تناوبوا جميعاً على الكلام بدءًا من رئيس أساقفة واشنطن الكاردينال دونالد ويرل الذي تحدٰث عن فظائع يعانيها المسيحيون في العراق وسوريا ولبنان والشرق الاوسط، داعياً الى الحذر مما يجري.
رئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري نقل البركة البابوية للمؤتمر ودعا الى الصلاة من أجل السلام.
والى رؤساء الطوائف، كانت كلمات لنواب اميركيين وممثلي جمعيات ومؤسسات، دعت جميعها الى التركيز على تهجير المسيحيين والتضامن مع قضيتهم، والتحذير من ان الشرق لن يبقى كما هو اذا خلا من الوجود المسيحي.
واعتبر بطريرك الارمن الارثوذكس آرام الاول ان “القضية يجب ان تكون معركة عالمية، وهي اليوم من اجل الدفاع عن حرية الطوائف في الشرق، وغداً ستكون في مكان آخر. اما بطريرك الكاثوليك غريغوريوس الثالث فقال “ان الهدف واحد وهو العيش المشترك، آملاً بأن يكون لدى الرئيس الاميركي باراك اوباما وقت للاستماع الى المؤتمرين”.
فيما أشار نائب رئيس منظمة من اجل الدفاع عن المسيحيين رداً على سؤال الى ان لا موعد محدداً حتى الآن مع الرئيس الاميركي.
وبعد الكلمة التي ألقاها، في الندوة الصحافية، اختصر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الموقف في دردشة مع الاعلاميين، دعا فيها الولايات المتحدة الى “موقف اكثر وضوحاً وخطوات اكبر لحماية المسيحيين الذين يتعرضون للقتل والتهجير على يد داعش والمنظمات الارهابية.”
وقال: “الشرق وطن المسيحيين، وهم اليوم مهددون فيه بالزوال. نحن جئنا الى واشنطن لنقول بأنه لا يحق لأحد بأن يترك المجتمع البشري وكأننا عدنا الى العصر الحجري، كما حصل مع المسيحيين في العراق والموصل، حيث اجبر الناس على ترك منازلهم بالقوة فيما العالم العربي والغربي لم يحرك ساكناً. فهل يجوز ألّا يستطيع احد ايقاف هذا الوحش الزاحف في اتجاه الناس”.
واضاف: “نحن هنا لنقول ان على المجتمع العربي والاسلامي اولاً والغربي ثانياً ان يعرفا ان المسيحيين ليسوا أقليات ونحن الاصل منذ ألفي سنة في العراق وسوريا ومصر والاردن”.
واعتبر ان “دول العالم مجبرة على ردع التنظيمات الارهابية ووقف الدعم لها، ومجبرة ايضاً على اعادة الذين هجروا من بيوتهم وتأمين الحماية لهم”.
وقال: “جئنا الى أعظم مدينة للقرار لنقول انه لا يمكن ان نعيش شريعة الغاب. ومن هذا المكان نستطيع ان نخاطب العالم كله فنقول: لسنا هنا من أجل الدفاع عن مجموعات صغيرة بل عن المجتمع البشري. ومن المعيب ان يسكت العالم عن مجموعات تكفيرية وارهابية تقتل الناس اياً كانوا، يجب ان يكون هناك مسؤولية متكاملة بين الدول العربية والاسلامية لأن هذه الحركات منبثقة منها وتشوه الاسلام، ونحن ضنينون في ان يبقى الاسلام في جوهره الحقيقي”.
وبصلاة مشتركة، بدأ رؤساء الطوائف المسيحية قمتهم التي شارك فيها نواب اميركيون وفرنسيون. وفي هذا اللقاء، تليت رسالة البابا. وافتتح الكاردينال ساندري الصلاة برسالة أكد فيها ان هذه الوقفة هي من اجل الدعم واظهار الوحدة الروحية من خلال الصلاة وعبارات السلام”.
وصلى من أجل “كل الشعوب الطيبة في الشرق الاوسط، أكانوا يهوداً ام مسيحيين ام مسلمين، وكل شعوب الارادة الطيبة الذين يتعذبون من اجل الحرية والايمان”.
ثم كانت له الكلمة الافتتاحية، وفيها خصّ بالشكر على تنظيم المؤتمر السفير جيبلبير شاغوري. ثم تحدٰث عن “عذاب المسيحيين والاقليات في الشرق، وعن ثقافة قطع الرؤوس وفرض الجزية والاكراه بالدين والاعتداء على النساء وتحطيم الكنائس ودفع المسيحيين للاستسلام او للهجرة، إضافة الى قضية دفع الاطفال الى حمل السلاح في سن العاشرة”. وسأل “بأي حق تساق فتيات كسبايا؟”.
وقال إنه لا يشارك الرأي من يقول ان هناك حرباً يشنها الاسلام على المسيحيين.
واعتبر ان “الوجود المسيحي في سوريا والعراق كان جزءا مكوناً لهذين البلدين، والحالة التي نشهدها من فظائع وبربرية لا تزال مستمرة في بعض الدول”. وشدّد على عودة من هجروا الى منازلهم وأرضهم. وكانت لافتة مداخلة رئيس اساقفة نيويورك للموارنة المطران غريغوري منصور الذي قال: “ان العالم اذا كان العين بالعين يعني انكم ستكونون من دون سن ومن دون عين. وتحدّث عن ثلاثة خيارات لا يمكن السير الا بواحد منها وهو اللجوء الى المقاومة اللاعنفية الوسيلة المطلوبة والتي يتم السعي لتحقيقها، فالصلاة وعدم القيام بأي شيء، ليست الوسيلة، واعلان الحرب وتدمير كل من يدمرنا هو ايضاً ليس الوسيلة التي يريدها الله، انما قيادة مقاومة غير مسلحة هي ما يريدنا الله ان نقوم به”.
أما النائب العام الاميركي السابق جون اشكروفت المعروف بأنه يميني متطرف، فرأى ان الحدث هو باجتماع الحاضرين كرسل سلام. ورأى “ان الايمان لا يكون بأن يفرض معتقد على الآخر، والحرية هي أن نكون مختلفين عن بعضنا، والديموقراطية مسار والحرية هي نتيجة، داعياً الى “تنظيم هذا التحرك من أجل تشكيل قوة دفع”.
أما رئيس منظمة “من اجل الدفاع عن المسيحيين” توفيق بعقليني، فأشار الى “ان هذا المؤتمر ليس الا بداية في معركة الدفاع عن الحرية والديموقراطية وحقوق الانسان”.
وعلى هامش الاستقبال الحاشد الذي أقيم في الفندق، أوضح السفير جيلبير شاغوري “أن هذه القمة ستكون مؤسسة وهذه انطلاقتها وستستمر، وهدفها حماية المسيحيين في الشرق”، مؤكداً انها مؤسسة “بعيدة كل البعد عن السياسة، ولذلك لم ندع اي سياسي للمشاركة في القمة”.
واشنطن – هدى شديد
النهار