انطلقت في واشنطن اعمال مؤتمر “دفاعا عن المسيحيين”، وبدا من الوهلة الاولى انه يحظى برعاية فاتيكانية ممثلة بحضور رئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري، والسفير البابوي السابق في العراق فرناندو فيلوني، وباجماع ديني مسيحيي يتمثل بمشاركة بطاركة الشرق الاوسط واساقفتهم يتقدمهم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والذي قال انه يعول على نتائج فعالة للمؤتمر في تثبيت المسيحيين في ارضهم، وهذا ما يفسر مشاركته في المؤتمر.
رئيس منظمة “الدفاع عن المسيحيين” توفيق بعقليني، والمدير التنفيذي للمنظمة الاميركي اندرو دوران يعقدان اليوم مؤتمراً صحافياً يعرضان فيه لاهمية القمة والنتائج المرجوة منها في تحريك الادارة الاميركية وايجاد رأي عام اميركي داعم للحضور المسيحي في الشرق وتثبيته في هويته وارضه وحضارته المشرقية، في ظل موجة التهجير التي يواجهها.
وقبل الاستقبال المسائي الذي يقام في فندق “اومني شورهام” ستكون كلمة للكاردينال ساندري ولجون اشكروفت، المدعي العام الاميركي السابق الذي عمل في مرحلة 11 ايلول 2001 على وضع قوانين ضد الارهاب وتبنى هذا المسار في عمله العام والشخصي.
اكثر من الف شخص يشاركون في المؤتمر، ومن بينهم نحو ثلاثين من اعضاء الكونغرس الاميركي، الى ممثلين لأحزاب “المستقبل” و”القوات اللبنانية” الذي شكل وفداً يرأسه النائب جوزف المعلوف، والكتائب الذي اوفد الوزير آلان حكيم، و”التيار الوطني الحر” الذي يشارك من خلال وفد اغترابي في الولايات المتحدة، يتقدمه المسؤول في التيار طوني حداد.
توفيق بعقليني نجح في العمل منذ سبعة اشهر على اطلاق المؤتمر بتوقيت محوري نظراً الى ما يشهده الوجود المسيحي في الشرق بدءاً من العراق، وفي تكوين فريق عمل من الاميركيين المتطوعين في غالبيته، وهو يعتبر “أن المؤتمر نجح لمجرد الحضور الكثيف الذي يشهده، واللقاءات المهمة المرتقبة في الكونغرس والبيت الابيض. وفي حين لم يتأكد بعد لقاء الوفد والرئيس الاميركي باراك اوباما، توقعت مصادر ديبلوماسية ان يتم اللقاء الخميس في ذكرى الحادي عشر من ايلول التي يخاطب فيها الرئيس الاميركي شعب بلاده حول استراتيجيته في مواجهة الارهاب التكفيري. وتأتي في الموازاة في الاطار نفسه، الجولة التي يقوم بها وزير الخارجية الاميركي جون كيري في المنطقة، ويتوقع ان تشمل لبنان.
صحيح ان لا احد ينفي تمويل رجل الاعمال جيلبير شاغوري المؤتمر وسعيه الى عقده، ولكن جميع المشارين يؤكدون ان لا خلفية سياسية وراءه سوى العمل على شد عصب الوجود المسيحي في الشرق والبلدان التي يتعرضون فيها للاضطهاد والتهجير.
ويقول بعقليني “إن شاغوري ليس محسوباً على احد ولا يعمل لطرف او لفئة بل للمسيحيين جميعاً ليس في لبنان وحده بل في كل الشرق الاوسط. ويشير بعقليني الى ان أياً من الاحزاب اللبنانية لا يقاطع المؤتمر، رغم ان الدعوات لم توجه الى احد باستثناء البطاركة، وقد حضر الجميع بمبادرات شخصية.
ورأى النائب جان اوغاسبيان الذي وصل والنائب الدكتور عاطف مجدلاني ومستشار الرئيس سعد الحريري الدكتور غطاس خوري بعد ظهر الاثنين الى واشنطن للمشاركة في المؤتمر، “ان الانتقادات للمؤتمر ليست في مكانها، فهو في غاية الاهمية، في ظل وجود البراكين المحيطة بلبنان والتي لن يكون في منأى عنها، ولذلك اراد الرئيس سعد الحريري من خلال مشاركة وفد “المستقبل” القول إن الأوان قد حان للتدخل من أجل حماية المسيحيين من الخطر الذي يتهدد وجودهم في الشرقط.
نائب رئيس المؤسسة المارونية للانتشار” نعمت افرام ابدى ثقته بنجاح المؤتمر، واعرب عن “خجله” لتوجيه البعض انتقادات ضده، في حين تشهد المنطقة همجية غير معهودة تستلزم عقد مثل هذا المؤتمر. وقال: “على من ينتقد ان يصلح الثغر والنواقص اذا ما وجدت، او العمل على عقد مؤتمر آخر للغاية عينها”.
رئيس اساقفة نيويورك للموارنة، المطران غريغوري منصور، والذي كان اول من بادر الى المساعدة في ترجمة فكرة عقد المؤتمر، لا ينفي انه كانت له ملاحظات كثيرة في البداية، “ولكن تم تصويب المسار وتوحيد الجهود من اجل تفعيل التواصل بين الكنائس في الولايات المتحدة والشرق، وحض الادارة الاميركية على القيام بجهود سياسية وديبلوماسية وبعمل جاد يرمي الى ترسيخ المسيحيين في أرضهم وفي هويتهم المشرقية، وهذا هو الهدف الذي سيخرج به المؤتمر” ليست قضية مسيحيي الشرق وحدهم، بل قضية الانسان في الشرق الواقع بين تطرف من هنا وتطرف من هناك، واذا كان الغرب سيقوم بعمل ما، فعليه دعم سيادة، واستقرار لبنان لانه التعبير السياسي والحضاري للمسيحيين في كل الشرق، واذا انهار، لا سمح الله، فسيكون الانهيار الكامل للديموقراطية والحرية في كل المنطقة… النموذج اللبناني يجب الحفاظ عليه لأنه نموذج فريد للشرق والغرب”.
النهار