نظمت جامعة الروح القدس – الكسليك، مؤتمرها الدولي الخامس عن “الحضور اللبناني في العالم”، بدعوة من مكتب مفوض رئيس الجامعة للنشاطات وبالتعاون مع كلية الفلسفة والعلوم الإنسانية وكلية الحقوق والمعهد العالي للعلوم السياسية والإدارية في الجامعة، في قاعة يوحنا بولس الثاني، بحضور النائب نعمة الله أبي نصر، العميد دريد زهر الدين ممثلا قائد الجيش العماد جان قهوجي، الآباء المدبرين في الرهبانية اللبنانية المارونية نعمة الله الهاشم، أيوب شهوان وطوني فخري، رئيس الجامعة الأب الدكتور هادي محفوظ، مفوض رئيس الجامعة للنشاطات ومنظم هذا المؤتمر الأب جان مارون مغامس وحشد من السفراء والمغتربين الذين أتوا إلى لبنان خصيصا للمشاركة في أعمال المؤتمر وشخصيات دينية وديبلوماسية وعسكرية وتربوية واجتماعية وثقافية وإعلامية.
الأب مغامس
بدأ المؤتمر بكلمة تقديم للدكتور نيكولا بدوي، ثم ألقى مغامس كلمة قال في مستهلها: “احتفالا بيوبيل الرحمة الذي أعلنه قداسة البابا فرانسيس للعام 2015-2016، تتناول الندوة الدولية الخامسة، تحت عنوان “الحضور اللبناني في العالم” الأساس الوجودي الجوهري لطبيعة اللبنانيين. ولا بد من الاستشهاد هنا بقول جان جول فان روين: “يمكن فقط للشعوب والأمم والمجتمعات الوفية لتراثها. والمتجذرة في تقاليدها وهويتها التاريخية أن تصمد في وجه الأوقات العصيبة التي نمر بها”.
أضاف: “سيحاول هذا المؤتمر تسليط الضوء على مبدأي الحرية والسلام. فعلى مدى التاريخ، كانت الحرية في كل أشكالها موضوع بحث دائم وتدريجي، محبطة في كثير من الأحيان استبدادية الهياكل السياسية الاجتماعية والدينية الاجتماعية. تهدف الحرية إلى كل ما هو جيد، لأنها عمل الله”.
وتابع: “أما بالنسبة إلى السلام، فهو يرتبط بالدين. يشكل شباب لبنان دليلا على حيوية الحياة الروحية وقوتها لأن الله يحمي أرضه وشعبه. يتميز الشباب اللبنانيون بكونهم متدينين جدا، مثل الفينيقيين، الذين كانوا سلميين وغير قادرين على التعامل مع الظروف العدوانية والدموية نظرا إلى حسهم الديني. ففي السابق، كان الفينيقيون يبرمون معاهدات سلام من خلال استدعاء آلهتهم، الذين كانوا يصطحبونهم معهم في سفرهم. إذا، ما الذي فعلناه بالقيم التي يرتكز عليها لبنان؟ لقد تخلينا عن الفكرة الكامنة وراء هذه القيم، والتي تشكل أساسا وجوديا للبنان. لقد تخلينا عن قيم المواطنة وأدخلنا الفساد والظلم والرقابة. لقد فشلت جمهوريتنا بالمحافظة على سمتها العالمية ولم تعد مكانا للخير العام. ويبدو أن جذورنا الروحية فقط هي قادرة على وضع الأمور في نصابها الصحيح، والسماح للبنان ومحيطه بالوقوف مجددا. جمهوريتنا ميتة، عاش لبنان. لماذا؟ السبب هو أن لبنان ليس “المدينة الفاضلة”. إنه واقع ناس يتمتعون بجذور مسيحية ومسلمة ودرزية، تشكل قلب المشرق كأرض الديانات السماوية ومهد الحضارات القديمة”.
وخلص في الختام: “من جهتهم، يشعر المهاجرون الذين غادروا بلادهم بسبب الحرب أو المجاعة أو الثورة أو انعدام فرص العمل بالحنين إلى وطنهم الذي يجدون فيه الإيمان والقيم الإنسانية والحياة الأسرية واحترام البشر والدين والحرية والخير العام والقانون. ولا بد من التساؤل هنا لماذا هذه الأسس الإنسانية الصلبة ليست مشتركة بين الدول، لكي يسود السلام، وبخاصة أننا نعيش في عصر عولمة بدون حدود؟”.
الأب محفوظ
بعدها، تحدث رئيس جامعة الروح القدس- الكسليك الأب هادي محفوظ معتبرا أن “مفهوم “اللبناني والعالم” ليس بجديد بل قد بدأ منذ عقود عدة، ولايزال حتى يومنا هذا فخرا وعلامة مميزة، وسيبقى كذلك في المستقبل. يستلزم هذا الوجود اللبناني المستمر في العالم مختلف جوانب الحركة والتفاعل، وقبل أي شيء، مختلف جوانب الحياة”.
أضاف:”كم من مرة نشهد على حركات لا يمكن تفسيرها، تكون عرضة لظروف مختلفة، مثل الطموح أو المتطلبات الاجتماعية أو حتى العقبات والقيود؟ فنجد عندها، بشكل غامض، حركات ذاهبة باتجاهات مختلفة ستؤثر، جوهريا، في حياتنا وفي مسار التاريخ. ومن شأن هذه الأفعال أن تسهم، أولا، في زيادة التفاعل بين البيئة الأصلية والبيئة المضيفة، وثانيا، أن توسع نطاق النشاط الإنمائي، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو ببساطة الشخصي”.
وختم بالقول: “قد تظهر هذه الحركات على أنها غير قابلة للتوضيح وعفوية، إلا أننا نملك قناعة عميقة بأن الجذور تقودنا إلى تغير ملحوظ في التاريخ، أكان تاريخ إنسان أم عائلة أم ربما قرية أم حتى مجتمع بأكمله. إنها لظاهرة مذهلة، وإن دراسة مختلف جوانبها والتأمل في أسبابها ونتائجها من خلال أنشطة متعددة، مثل مؤتمرنا اليوم، سيكون الطريق الأمثل لبناء تاريخ خاص للكثير من الأفراد وبناء تاريخ جماعي أيضا”.
الجلسات
وشارك في المؤتمر سفير لبنان السابق في واشنطن سيمون كرم متطرقا إلى مسألة “مستقبل لبنان ومسيحييه في منطقة تسودها الاضطرابات”، وسفير لبنان السابق في أميركا الشمالية والجنوبية واليابان ولدى الأمم المتحدة سمير شما متناولا موضوع “الاغتراب اللبناني بين الواقع والمرتجى: لمحات ومخاطر والحقائق المجهولة في الاغتراب اللبناني”، ورئيسة المجلس الإنديزي السابقة ووزيرة الصناعة والتجارة السابقة في الإكوادور وسفيرة الإكوادور السابقة في واشنطن إيفون خويس باقي التي ناقشت “تأثير اللبنانيين في أميركا اللاتينية”، بالإضافة إلى نخبة من الأكاديميين والباحثين من جامعات لبنانية وأجنبية مختلفة وأسماء لبنانية لمعت في الخارج في المجالات كافة.
واختتم المؤتمر بمداخلة للأب جان مارون مغامس بعنوان “الحضارة اللبنانية: رسالة سلام وحرية”.
وتخلل افتتاح المؤتمر رسم حي للوحة من توقيع الفنان الرسام بيرنار رنو جسد فيها جامعة الروح القدس – الكسليك والمناظر الطبيعية التي تحيط بها من جبال وبحر ومساحات خضراء. كما تم افتتاح معرض لرنو في متحف الجامعة الأثري يستمر حتى نهاية الشهر الحالي.
وتجدر الإشارة إلى أن أعمال المؤتمرات السابقة عن الحضور اللبناني في العالم قد بدأت تصدر تباعا ضمن سلسلة منشورات جامعة الروح القدس – الكسليك (PUSEK) وقد صدر، حتى الآن، الكتاب الخاص بأعمال المؤتمر الأول.
وطنية