نظمت كلية العلوم الزراعية والغذائية ومركز “فينيكس” للدراسات اللبنانية في جامعة الروح القدس- الكسليك والسفارة الأوكرانية، مؤتمرا ومعرض صور فوتوغرافية بعنوان “المجاعة الكبرى: نتائجها على الشعبين اللبناني والأوكراني”، في حضور السفير الأوكراني إيهور اوستاش، رئيس جامعة الروح القدس – الكسليك الأب البروفسور جورج حبيقة ممثلا بنائب الرئيس للشؤون الإدارية الأب طلال هاشم، عميدة كلية العلوم الزراعية والغذائية الدكتورة لارا حنا واكيم، المدير التنفيذي لمركز “فينيكس” للدراسات اللبنانية كارلوس يونس، وحشد من الأساتذة والطلاب.
دكاش
بعد النشيدين الوطنيين اللبناني والأوكراني، وبعد إضاءة الشموع تخليدا لذكرى ضحايا المجاعتين، كانت كلمة تقديم للسيدة ريتا دكاش التي أشارت إلى أن “هذا المؤتمر هو ثمرة تعاون بين كلية العلوم الزراعية والغذائية وكلية الطب ومركز فينيكس للدراسات اللبنانية في الجامعة منذ كانون الأول 2017، بتمويل من النائب شوقي الدكاش المدير التنفيذي لشركة “جرجي الدكاش وأولاده”.
واكيم
ثم ألقت واكيم كلمة، جاء فيها: “مرت حوالى مئة عام على اندلاع الحرب العالمية الأولى التي شكلت حقبة مظلمة في تاريخ لبنان، ونتج منها أعلى معدل وفيات، فهي شكلت الكارثة الأكبر في تاريخ لبنان”.
وأشادت بمقولة جبران خليل جبران حين قال: “مات شعبي بصمت بينما أغلق العالم أذنيه لصراخه”. ولفتت إلى أن “لهذا الحدث التأثير الأكبر في رسم مصيرنا، فقد انطبعت هذه المجاعة في الذاكرة التاريخية لوطننا. ولا زلنا نجد صداها مدويا في ثقافتنا ومجتمعنا وسياساتنا وطريقة مقاربتنا للمشاكل العالمية”.
وأشارت إلى “أن المجاعة لا يجب أن تشكل قضية للإحتفال بها”، منوهة بما أكدت عليه منظمة الأمم المتحدة حين اعتبرت “أن غياب المجاعة لا يعني غياب الحاجةوكل مجاعة تحت إسم آخر هي أيضا مجاعة”. وشددت على “أن المجاعة ونقص الغذاء ليسا محفورين في تلك الحقبة التاريخية من الزمن فقط. من هنا، كان لمنظمة الأمم المتحدة أن تسلط الضوء على تعدد المجاعات في العالم، بحيث يصل عدد الجياع إلى 20 مليون شخص موزعين بين اليمن ونيجيريا وجنوب السودان والصومال، مؤكدة أن “ما يحصل لأولئك البشر لا يختلف بتاتا عما حصل لأسلافنا في الماضي. وكانت هذه المجاعة انطلاقة هجرة أعداد كبيرة من العائلات وانتشارها في أميركا وكندا وأستراليا وغيرها من البلدان، لتكون بذلك نقطة تحول في تاريخ تلك العائلات”.
ولفتت إلى انه “تجاه هذا الواقع، علينا أن نصمم على تقديم المساعدة. وتبقى الطريقة الأفضل لتذكر من قضى في المجاعة الكبرى هي إظهار تعاطفنا مع من يعيش الحالة نفسها اليوم واستقبال من يكابد بسبب كارثة طبيعية أو ظلم ما. نعيش اليوم في أمة تتمركز في وسط العالم وفي قلب البيت العربي الذي نساعد على بنائه. ونحن نؤمن بدورنا لخلق هذه الروابط المتينة التي تربطنا بالعالم أجمع وكل تلك الأمم التي أعطت مكانا لشعبنا”.
واختتمت كلمتها مشددة على “ضرورة التزام قانون إقرار ذكرى يوم المجاعة الكبرى المقترح من سعادة النائب الأستاذ نعمة الله أبي نصر والذي يقضي بتخصيص يوم الثاني من أيار ذكرى المجاعة الكبرى في لبنان”.
يونس
بعد ذلك، تحدث المدير التنفيذي لمركز “فينيكس” للدراسات اللبنانية كارلوس يونس الذي دعا إلى “أن تكون الذكرى المئوية للمجاعة الكبرى سببا لتكثيف الجهود من أجل تجميع الوثائق والصور والجرائد من لبنان والدول الأخرى لكي تكون مصدرا تاريخيا للدراسات والأبحاث في هذا الموضوع. وهذا ما يسعى مركزنا للقيام به عبر مجموعة من الخبراء الذين يبحثون عن مجموعات مماثلة. وتشكل هذه المجموعات ذاكرة البلد وتاريخه وهويته. وبالتالي، علينا أن نحافظ عليها كي تستفيد منها الأجيال الحالية واللاحقة وأن تتعلم منها…ويهدف الحفاظ على الإرث إلى إعادة رسم الخطوط العريضة للماضي ووضعه في متناول مختلف الأجيال”.
هاشم
ثم كانت كلمة للأب الهاشم ممثلا رئيسها الأب حبيقة، الذي أشار إلى أن “المجاعة هي حدث دراماتيكي ضرب التاريخ الديمغرافي للعالم، ولطالما كانت نتائجها محط بحث لدى الباحثين والاقتصاديين على مدى سنوات عدة، لاسيما وأن مئات آلاف الأفراد قد لقوا حتفهم بسبب تعرضهم للمجاعات. وقد ركزت الدراسات على نتائج المجاعات على الوفيات، في حين هناك جوانب أخرى مهمة قلما كانت محط بحثٍ. وبالتالي، إن الاستثمار في البحث في نتائج المجاعة على الأحياء وهجرة السكان ومختلف التغيرات الديمغرافية والأمراض والانحراف الوراثي يبقى نقطة مهمة في يومنا هذا”.
اوستاش
وختاما، ألقى اوستاش كلمة قدم فيها لمحة تاريخية عن “المجاعة الأوكرانية التي فرضها النظام السوفياتي آنذاك لضرب مقاومة الأوكرانيين وكبح الوعي عند الشعب الأوكراني ورغبته في تقرير المصير ولضمان سيطرة كاملة على الدولة بمختلف فئاته الاجتماعية. ومات 80% من الشعب الأوكراني في هذه المجاعة. ويختلف الباحثون حول الرقم المحدد للضحايا، فهو يراوح بين 5 و10 مليون ضحية. هذا ويتشارك اللبنانيون والأوكرانيون بمحطات تاريخية مشتركة حيث عانى لبنان بدوره من مجاعة ذهب ضحيتها ثلث شعبه. ونجتمع اليوم ليس بهدف مناقشة أسباب المجاعتين ونتائجهما فحسب بل أيضا لتكريم الضحايا الأبرياء”.
معرض صور وطاولة مستديرة
ثم جرى عرض وثائقي عن المجاعة الأوكرانية وافتتاح معرض صور فوتوغرافية حول المجاعتين اللبنانية والأوكرانية خلال الحرب. بعد ذلك، عقدت طاولة مستديرة لمناقشة موضوع “المجاعة الكبرى: لمحة تاريخية والنتائج العلمية”، بمشاركة باحثين من جامعات لبنانية وأوكرانية.
وطنية