شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | ماذا تقول الكنيسة في الإرهاب؟
ماذا تقول الكنيسة في الإرهاب؟
مكافحة الإرهاب

ماذا تقول الكنيسة في الإرهاب؟

عن أبونا

محاضرة البطريرك ميشيل صبّاح، بطريرك القدس للاتين السابق، التي ألقاها خلال مؤتمر الي عقدته أمانة عمّان الكبرى حول “الإرهاب: الجذور، الظاهرة، آليات المكافحة”، في 25 آذار 2006:

موضوع تفكيرنا في هذا المؤتمر هو الإرهاب. وإذا تكلمنا على الإرهاب تكلمنا على أمور عدة، أولها سر الشر في حياة الإنسان فرداً أو مجتمعاً، وثانيا صلة الإرهاب بالدين بما أن الإرهاب يدَّعي العمل باسم الدين والدفاع عنه، وثالثاً العلاقة بين الشعوب.

أولاً سر الشر في حياة الإنسان فرداً أو جماعة

هو الشر الذي يحدثه الناس في حق الناس. حادثة الحادي عشر من أيلول استرعت انتباه العالم وأوجدت حالة خاصة في العالم في مواجهة شر أسمته الإرهاب. وهناك أحداث كثيرة وحالات كثيرة من الشرور التي نعاني منها، ومنها مآسي الجوع والحروب المتكررة في مختلف بلدان العالم في إفريقيا وفي أميركا اللاتينية وآسيا، وفي عالمنا العربي، في العراق اليوم وفي فلسطين.

يبدأ الشر الجماعي في ذات الإنسان الفرد. جاء في الكتاب المقدس على فم يعقوب الرسول: “من أين تأتي المخاصمات والمعارك بينكم؟ أما تأتي من أهوائكم التي تعترك في أعضائكم؟ تشتهون ولا تنالون، تقتلون وتحسدون، ولا تستطيعون الحصول على ما تريدون فتخاصمون وتعتركون” (يعقوب 4: 1-2). والله سبحانه وتعالى يتعامل مع جميعنا بصبره الطويل أو بعقابه وثوابه في مرحلة من مراحل حياتنا، قبل الوصول إلى الآخرة، بطريقة لا ندركها. قال السيد المسيح في مَثَل: “إن رجلا زرع زرعا طيبا في حقله. وجاء عدوه فزرع بعده بين القمح زؤانا. فلما نما الزرع ظهر معه الزؤان. فجاء الخدم وقالوا لرب البيت: أتريد أن نستأصل الزؤان من بين الزرع؟ قال: لا، مخافة أن تضرّوا القمح وأنتم تجمعون الزؤان. دعوهما إلى يوم الحصاد… (راجع إنجيل القديس متى 13: 24-30).

دعوا الخير والشر إلى يوم الحصاد، سواء في الآخرة أو في هذه الحياة نفسها، لأنه ما من خطيئة في حياة فرد أو شعب إلا وتلقى عقابها أو ثوابها في هذه الحياة نفسها. وفي هذا المعنى نفسه، أي في سر صبر الله أمام شرور الإنسان، قال السيد المسيح أيضا: إن الله “يطلع شمسه على الأشرار والأخيار ويُنـزل المطر على الأبرار والفُجّار” (المصدر نفسه 5: 45). فالله سبحانه صابر على شر الإنسان، وعلى كل أنواع الشرور بما فيها الحروب، ما يقال فيها إنها عادلة وما هي ظالمة، والإرهاب وغيره…

وتاريخ البشرية مليء بشر الحروب. وفي نظر الشعوب كلها، وَلَّدَت الحروبُ أبطالا وحضارات، وقد غاب عن ذهنهم ويغيب عن ذهننا حتى اليوم كيف وُلِدَ الأبطال، أي غابت عن ذهننا حقيقة الموت والتقتيل والكراهية والدماء البشرية المسفوكة في كلا الجانبين، فهي دماء بشرية. وهذا سر ما زال يرافق حضاراتنا اليوم وإيماننا ومفهومنا لدياناتنا وللدفاع عن النفس ولحقوقنا وحقوق الشعوب معنا.

ثانياً: ما هو الإرهاب وما صلته بالدين؟

في إحدى الرسائل الراعوية التي وجهناها إلى أبنائنا المؤمنين، والكلام كان على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ومواقف العنف فيه، جاء في الرسالة:

“الإرهاب هو ممارسة العنف على طرف ثالث بقصد الضغط على العدو، مثلَ احتجاز رهائن لا مسؤولية لها مباشرة في الصراع. أو هو ممارسة العنف من قبل الدولة أو الجماعات المنظَّمة أو الأفراد على أناس أبرياءَ مثلِ الصغار والأطفال والمدنيين عامة الذين لا ضلع لهم في الصراع، ولو أنهم جزء من الشعب الذي هو طرف في الصراع. مِثلُ ذلك أيضا: إلقاء القذائف على المدنيين، والعقاب الجماعي، ورد الدولة على العنف بعنف مثلِه أو أشدَّ منه، والتعذيب، واختطاف الأشخاص، ومعاقبة الأهل والأقارب بدل الشخص المسؤول، والاغتيـالات في صفوف الخصم، والتفجيرات في الطرق والساحات العامة الخ…

الإرهاب عمل لا منطقي ولا معقول وغير مقبول كوسيلة لحل أي نزاع. ولكن في حالة الإرهاب، المجرمون اثنان: أولا المنفذون للعمل والمخططون له والداعمون له. وثانيا هؤلاء الذين هم سبب في استمرارية أوضاع جائرة تولِّد الإرهاب وتسبِّبه”.

في هذا الواقع ماذا تقول الكنيسة؟ إنها تكرر وصية الله سبحانه القائلة: لا تقتل. تُسمِعُها لمن قَتل باسم الله غير مميز بين بريء ومقاتل، ولمن قاتل وقَتل ليحرم شعبا حريته، أو ليسيطر على موارده الطبيعية، أو ليزيل من المنطقة خصما يقدر أن يقف في وجهه. لجميع هؤلاء تقول الكنيسة ويقول الله: لا تقتل.

وفي الإرهاب عنصر آخر هو الدين. يُقتَل الناس باسم الله. ويُقتَلون من غير تمييز بين مقاتل وبريء، وبين طفل وامرأة وشيخ طاعن في السن. ونتساءل: ما هو دور الديانة في كل هذا؟ وما الذي يؤدي إلى المواقف الدينية المتطرفة؟ وأخيرا، أصحيح أن الديانات تولد الحروب وتفرق بين الناس بدلا من أن تقرب بينهم؟

الديانة هي أولا الإيمان بالله الواحد الأحد خالق الكون، وهي ثانيا محبة لجميع خلق الله. قال السيد المسيح: “أحبب الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل قوتك وكل ذهنك. وأحبب قريبك حبك لنفسك” (ر. لوقا 10: 27؛ ر. تثنية 6: 5 وأحبار 18:19). ولا بد من التوفيق طبعا والتنسيق بين هذه المحبة وبين حق الدفاع عن النفس وعن كرامة كل إنسان. لأن المحبة لا تقبل أي شكل من أشكال الطغيان والظلم، ولا هي تنازل عن أي حق من حقوق الإنسان.

الديانة هي ذاكرة الماضي للشعب وللفرد المؤمن. وهي نور للحاضر والمستقبل. المؤمن الصادق ينظر إلى الصعوبات الحاضرة ويعمل على رأب الصدع بحسب ما تمليه عليه علاقته بربه. وبنور الإيمان في القلب، يَنفَذُ المؤمن إلى إدراك سر الله ومشيئته من وراء الأحداث الحاضرة، وبقوته يتغلب على عقبات الحاضر ومظالمه وإحباطاته وعلى كل ما يبدو فيه مستحيلا. فالديانة في حالات الصراع هي مصدر أمل مؤسس على نور الله.

وكلنا يعلم أن الديانة في الشرق تنفذ إلى جميع مجالات الحياة الخاصة والعامة وتنعشها وتؤثر فيها. كل شيء يبتدئ وينتهي باسم الله وكل شيء يتم باسم الله. باسم الله تبدأ الحرب وباسم الله توقع معاهدات السلام. ولهذا فإن لصوت رؤساء الدين وتوجيهاتهم أثرا حاسما في نفوس المؤمنين في كلا الطرفين: فهم يقدرون أن يدعوا إلى السلام ويقدرون أن يحملوا على الحرب والعنف، فتتحول الديانة إلى تطرف ديني وإلى عنف يمكن أن يصل إلى الإرهاب، فتُرتكب حينئذ أشنع أعمال العنف باسم الله الرحيم والمحب للبشر، ويقوم المؤمنون بالقتل وانتزاع الحياة باسم الله الذي هو مصدر الحياة. والأسباب المؤدية إلى المواقف المتطرفة كثيرة وهي: استمرار الظلم على مستوى الأفراد والشعوب، وعلاقة القوي بالضعيف التي تستند على القوة فقط، ومادية التكنولوجيا العصرية وتسخيرها للقيم الروحية بصورة خفية أو ظاهرة لمصالح الدول القوية. فيبدو التطرف الديني في هذه الحال بمثابة الملجأ الأخير للضعيف الأعزل حين يصبح مقهورا عاجزا عن إحقاق الحق وإزالة الباطل. ولكن هناك أيضا سببا آخر وخطير وهو فهم غير سليم للديانة.

التطرف الديني يحوِّل الديانة من عبادة الله إلى عبادة الذات الفردية أو الجماعية. في هذه الحال يُحِلُّ المؤمن نفسه محل الله. فبحجة الديانة أو الدفاع عن مصالح الله، يسعى المرء بوعي أو بغير وعي إلى الدفاع عن مصالحه الخاصة فردا كان أم شعبا. وفي مثل هذه المواقف يبدو صحيحاً أن الديانات تفرق بين الناس وتولد الحروب.

يبدو ذلك صحيحاً إذا نظرنا إلى تصرف بعض المؤمنين اليوم أو في التاريخ الماضي. الأصل في الديانات أن توحد الناس فيما بينهم وأمام ربهم. وإنما الذي يفرق بين الناس هو سوء فهم بعض المؤمنين أنفسهم لدينهم ولما يطلبه الله منهم. فليست الديانة هي السبب في التفريق بين الناس، بل مصدر التفرقة والمخاصمات والحروب هم الناس أنفسهم الذين يسيئون فهم الدين أو يسيئون استعماله.

ثالثاً: العلاقة بين الشعوب

ومن الأصول المولدة للإرهاب أيضا المظالم التي تسمح الشعوب القوية لنفسها بأن تفرضها على شعوب أخرى أضعف منها. حرب العراق مثال على ذلك. والصراع الفلسطيني الإسرائيلي مثال آخر على ذلك. والعلاقات بين الشعوب في ما يختص باستغلال الموارد الطبيعية للشعوب ومنها البترول العربي مثال آخر. هناك خلل في العلاقات بين الشعوب ولا بد من نظام جديد يقوم على احترام متساو لكل الشعوب، قوية كانت أم ضعيفة.

قال قداسة البابا يوحنا بولس الثاني للرئيس الأمريكي بوش في رسالة شهيرة له قبل بدء حرب العراق: إن الحرب لن تأتي بحل بل ستأتي بشرور كثيرة جديدة. وهذا ما حصل. ولما أصر الرئيس على موقفه قال له البابا: ستؤدي حسابا عن هذه الحرب أمام ضميرك وأمام الله وأمام التاريخ. وكلنا نعلم اليوم الشرور الكثيرة التي نجمت عن تلك الحرب.

جاء في وثيقة المجمع الفاتيكاني الثاني بعنوان “الكنيسة في عالم اليوم” (الفقرة 83): “إن الشرط الأول لبنيان السلام هو إزالة الخلافات بين الناس ابتداء بالمظالم، فهي التي تغذي الحروب. والكثير منها ناجم عن التباين الشاسع بين الأفراد أو الشعوب في المجال الاقتصادي، والبعض الآخر عن روح السيطرة وعن احتقار الأفراد أو الشعوب” لأنها ضعيف أو محرومة.

فالعلاقة بين الشعوب اليوم مبنية على مصالح قومية أنانية، يَفرض فيها القويُّ رؤيته وإرادته في التصرف بمقدرات غيره. والعالم اليوم مرتبط كله بعضه ببعض، فلا يستغني أحد عن أحد، القوي بحاجة إلى الضعيف ومواردِه وقبول مخططاته، والضعيف بحاجة إلى القوي ليبقى ولا يزول، ولكن مع الفرق أن القوي يفرض إرادته والضعيف يحوِّل إذعانه إلى حكمة وتعقل. وهناك من يلجأ إلى الدين فيستنجد به ويجد فيه مصدر مقاومة لسيطرة القوي، ويلجأ في مقاومته ليس فقط إلى سبل المقاومة المشروعة في التعامل بين الشعوب، بل يلجأ إلى الإرهاب، فيشوه وجه الدين ويهدد أمن العالم والمجتمعات البشرية.

رابعاً: محاربة الإرهاب

الإرهاب يجب أن يحارب حيثما وجد وعلى أي وجه ظهر. ولكنه يجب أن يحارب في مبادئه أولا: باسم الله لا يُقتَل إنسان. “ليس الله إله أموات بل إله أحياء” (إنجيل القديس متى 22: 32). باسم الله يحيا كل إنسان وباسم الله كل إنسان مدعو للدفاع عن الحياة. باسم الله لا تزرع الكراهية في قلب إنسان: فمن أحب الله أحب جميع أبناء الله. قال يوحنا الرسول في رسالته الأولى: “إذا قال أحد إني أحب الله وهو يبغض أخاه كان كاذبا. لأن الذي لا يحب أخاه وهو يراه لا يستطيع أن يحب الله وهو لا يراه” (1 يوحنا 4: 20).

الإرهاب يقاوم في كل مكان يظهر فيه وفي أية صورة يظهر فيها ويحارَبُ في الأصول المولِّدة له.

أولا: التفسير المخطئ للدين هو إحدى هذه الأصول. ومن ثم الضرورة للتربية الدينية الصحيحة التي تجعل الديانة طاقة بناء للحياة والتعاون مع الآخر، ولا سيما في هذا العصر الذي لم تبق فيه ديانة ما وحدها في أي بلد في العالم. بل أصبحت الديانات تتجاور في كل مكان تقريبا. فأصبح من الضروري أن تحدد التربية الدينية مواقف المؤمنين ممن لا يدينون بديانتهم. وهناك اتجاهان ممكنان: إما اعتبار الآخر في الدين الآخر كافرا وخصما وإما اعتباره خليقة لله، ومن ثم فهو إنسان يجب قبوله واحترامه والتعاون معه ولو كان مختلفا في موقفه الديني، وذلك بغض النظر طبعا عن موازين القوى المادية أو العددية. ويُتَّهَم الإسلام اليوم بأنه يسير في الاتجاه الأول فيربي المؤمنين على أن الآخر في الديانة الأخرى هو كافر وخصم، وبذلك فهو يغذي إرهابيين. وهذه هي الصورة التي يقدمها مع الأسف الإرهابيون اليوم معلنين ومصرحين أنهم باسم الله وللدفاع عن الدين يسيرون في سبل الموت التي اختاروها. وأمام هذه الظاهرة نقول إننا جميعا مسؤولون في كيفية فهمنا لديننا، وكيفية توجيه الأجيال الصاعدة في التربية الدينية ولا سيما في ما يختص بالمؤمن المختلف في عقيدته وإيمانه.

الديانة المسيحية، في قسم كبير من الغرب، ومنذ الثورة الفرنسية في أواخر القرن الثامن عشر، تعثر بها أهلها وثاروا عليها، وبدل إصلاح المؤمنين حكموا عليهم بالموت وأزالوا الديانة من الحياة العامة، ليصبح الناس في الحكم، حكاما ومحكومين، سواسية مهما كانت عقيدتهم، أكانت مختلفة أم كانوا منكرين لكل إيمان. ونقول إن هذا الموقف أيضا لا يكفي ولا يبرئ الإنسان من شر الحروب والتعثر في التعامل مع الآخر. الديانة لا تُلغَى من حياة البشرية. ولكن إيمان المؤمن بحاجة إلى تنبيه وتوعية مستمرين لكي يبقي الإيمان لديه طاقة للحياة لا للموت، وليس طاقة تغذي النعرات المخاصِمة والمولِّدة للحروب والمجابهات.

ثانياً: العالم اليوم بحاجة إلى نظام عالمي جديد فيه مساواة بين الشعوب في توزيع الثروات والتصرف بها، ليس على أساس شعوب قوية وأخرى ضعيفة. بل على أساس شعوب تتمتع كلها بالكرامة نفسها وتتعاون بالتساوي لتبني عالما أفضل، لا يخضع فيه بعضها لبعض على أساس القوة والمصلحة القومية الذاتية. جاء في الوثيقة المجمعية “الكنيسة في عالم اليوم”: إن تضامن الجنس البشري اليوم يفرض إقامة تعاون دولي أعمق في الحقلين السياسي والاقتصادي. فبالرغم من أن جميع الشعوب تقريبا نالت استقلالها السياسي، إلا أنه يلزمها حتى الآن أن تتحرر من التباين الشاسع في الحالة الاقتصادية ومن الخضوع المفرط لقوى اقتصادية عالمية تتحكم بها. ما زال العالم ينتظر وضع حد للفروق الراهنة بين شعوب متخمة وشعوب جائعة. ولإرساء نظام اقتصادي عالمي حق يجب أنه يوضع حد لجشع الأرباح الطائلة والمطامع الوطنية الأنانية والرغبة في السيطرة السياسية والاستحكامات العسكرية… (راجع وثائق المجمع الفاتيكاني الثاني، الويقة “الكنيسة في عالم اليوم” فقرة 85).

خاتمة

وخلاصة القول إن من أراد صادقا استئصال الإرهاب يجب أن يبتدئ بذاته الداخلية، ويرى هل فيها أصول تؤدي إلى الإرهاب. ثم ينظر الحكام ولا سيما حكام الدول الكبرى والمسيطرة على مقدرات شعوب العالم إلى مواقفهم، ليروا ما في مواقفهم وإملاءاتهم على الشعوب من أخطاء أو مقاييس مزدوجة تولد الإرهاب. من هنا يبدأ استئصال الإرهاب في الأسرة البشرية اليوم. لا شيء يبرر الإرهاب. ولكن هناك أسبابا تغذيه ولا بد من القضاء عليها. قال السيد المسيح: “طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إلى البِرِّ، فَإنَّهُمْ يُشْبَعُونَ. وطُوبَى لِلسَّاعِينَ إلى السَّلامِ لأنَّهُمْ أبْنَاءَ الله يُدْعَوْن” (متى 5: 6 و9).

رؤيتنا المسيحية الأساسية هي أن الله هو خالق الجميع، الأفراد والشعوب كلها. وكرامة كل إنسان هي من كرامة الله. وكلنا متساوون في هذه الكرامة. وفي هذا تتأصل المساواة بين الشعوب والأفراد في الحقوق والواجبات. وبناء على هذا لا بد من أن يعترف كل واحد بحقوق الآخر، بل ومن واجبه ألا يعيق الآخر في تتميم واجباته وتحصيل حقوقه. كل فرد وكل شعب يحق له ويجب عليه أن يطالب بجميع حقوقه إذا ما وقع عليها اعتداء، ومن واجبه وحقه أن يتمتع بكامل حريته لتتميم جميع واجباته والدفاع عن جميع حقوقه. بل ويجب مساعدة كل فرد وكل شعب في سعيه في طلب العدل، لأن تحقيق العدل يؤدّي إلى تحقيق السلام للجميع. من غير العدل، أي إذا هُضمت الحقوق وبقيت مهضومة، تبقى طريق السلام مسدودة. الفقر والحرمان والإذلال تربة خصبة تولد الإرهاب. وكذلك تربية دينية منغلقة على ذاتها ورافضة للآخر. كل واحد منا مسؤول عن الحياة والموت في بيئته ومجتمعه وفي العالم: الإنسانية بحاجة إلى بناء عالم جديد وهي قادرة إن قصدت، نحن بحاجة إلى بناء عالم جديد على هذه الأرض نفسها، بحسب ما جاء في الكتاب المقدس: “للموت لن يبقى وجود بعد الآن، ولا للحزن ولا للصرخ ولا للألم… لأن العالم القديم قد زال” (رؤيا 21: 4). نرجو أن يكون عالم الإرهاب هو العالم القديم الذي يزول فنرى إنسانية واعية مدركة لجميع واجباتها وحقوقها متمتعة بكرامة متساوية، وشعوبُها متكاتفة لا للموت بل للبناء والحياة.

 

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).