هو من أعظم آباء الكنيسة، وقديسها… غير أنه من المعروف أن أوغسطينس لم تكن له بدايات “تقية” تبشر بالقداسة تلك… فحتى سنته الثانية والثلاثين وكان أسقف هيبو لا يزال يعيش حياة أقل ما يقال فيها أنها لا تليق بالايمان الحقيقي.
ولكن ما الذي أحدث هذا التحول الكبير في قلب أوغسطينس؟؟؟
لا شك أن عوامل عدة أدت الى ثمرة التوبة هذه:
– صلوات وشهادة حياة المحيطين به، ولا سيما والدته القديسة مونيكا…
– توبة بعض المقربين منه، لا سيما الصبية التي أنجب منها،خارج إطار الزواج المقدس ، إبنه Adeodatus. فعندما أصبح واضحا أن الزواج لن يتم عقده بسب صعوبة ستظل ضائعة في تاريخ هذا القديس… إختبرت الصبية توبة قوية: فأنهت علاقتهما غير المشروعة و انسحبت الى حياة صلاة وتأمل: “كانت أقوى مني “، كتب القديس اوغسطينس، “وقامت بتضحيتها بكل شجاعة وكرم … أما أنا فلم أكن صلب بما فيه الكفاية لتقليدها في ذلك…”
– يبقى أن قراءة الكتاب المقدس وسيّر القديسين كان لها التأثير الأكبر على قلب أوغسطينس الباحث عن “الحقيقة”. كلمتين بدلت بشكل مباشر حياته :
فبينما هو يبكي على تعلّقه بالخطيئة و هو جالساً في حديقة أحد أصدقائه في ميلانو، سمع أوغسطينس صوت خافت يقول: tolle, lege = “خذ واقرأ”
ففتح الكتاب المقدس و قرأ من رسائل القديس بولس:” …البسوا الرب يسوع المسيح، ولا تصنعوا تدبيرا للجسد لأجل الشهوات ” (رومية 13: 13-14) وبين قراءته الكتاب و سيّر القديسين لاسيما أنطونيوس الكبير ، حوّل فصح ال388 الى قيامة فعلية دافناً حياة الخطيئة و تائباً متشبثاً بحياة القيامة. تعمّد و بدأ حياة النعمة التي ستجعله معلماً في الكنيسة.
يُقال أن الجهل ليس نقص في العلم إنما شح في إقتناء الحكمة الإلهية… وزمننا يزخر بأصحاب العلم المحصننين بآخر صرخات التكنولوجيا و لكن حياتهم خالية من ثمار الإيمان يمشون دروب الهلاك على ما قال هوشع النبي ” هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ ” (6:4). فقد إنشغلوا عن حياة الشركة مع الله بمصالحهم الخاصة ففقدوا المعرفة التقوية، وصاروا كمن هم في ظلمة الجهل و”لم يسروا بمعرفة طرق الله” (أي 21: 14).
“الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة” (يو 6: 63)… فهلم اليوم،بشفاعة أوغسطينوس، نفتح الأذهان و القلوب لكلام الملكوت.
أنطوانيت نمور / زينيت