شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | مار مارون والمارونية
مار مارون والمارونية
مار مارون

مار مارون والمارونية

مار مارون

القديس مارون هو راهب ناسك، آرامي العرق وسرياني اللغة ، نشأ في مدينة قورش شمال شرقي انطاكيا (تركيا حالياً) وقد إختار القديس مارون قمّة في ضواحي قورش على علو نحو 800 متر، كان قد أقيم عليها قديماً هيكل وثني لتكريم الشياطين، وكانت هذه المنطقة قد خلت من سكانها، فقصدها مارون في النصف الثاني من القرن الرابع وكرّس هذا المعبد لله وعبادته.

كان القديس مارون يقضي ايامه ولياليه في العراء غير آبه بغضب الطبيعة ولكنّه كان متى اشتدّت العواصف يلجأ الى خيمة نصبها بالقرب من ذاك المعبد، مع العلم بأن تلك الخيمة كان قد صنعها القديس من جلود الماعز التي كانت منتشرة بكثافة في تلك الأرجاء.

لقد هجر مارون الدنيا ليتنسّك في تلك الجبال، يقضي ايامه بالصوم والصلاة والتقشّف.

 

ولد القديس مارون حوالي سنة 350م وقد أرّخ حياته اسقف قورش المؤرخ الشهير تيودوريطس القورشي، صديق القديس مارون ومعاصره.
انصرف مارون إذاً لأعمال الصلاة والتقوى بالإضافة الى الأعمال اليدوية الشاقة لقهر الجسد، لابساً اللباس الخشن.

شاعت أخبار هذا القديس فقصدته الجموع من كل حدب وصوب ملتمسة شفاعته…فمنهم من لجأ اليه لمرض جسدي مزمن وآخرون لمرض نفسي ، فانصرف الى وعظ تلك الجماهير ومواساتها، ولعلّ القديس مارون هو الوحيد الذي أنعم عليه الرب بنعمة الشفاء وهو لا يزال على قيد الحياة ، فكان يشفي امراض الجسد والنفس، كما ينهي الجموع عن المحرّمات زارعاً فيها بذور التقوى والإيمان ، حيث أثرّت هذه الأعمال بالآلاف ورسّخت ايمانها وقوّة عزيمتها…

هرب القديس مارون من الناس، فلحقته اينما حلّ… اعتزل الشهرة على قمة جبل منفرد فشهرته أعماله وذاع صيته في الأمبراطورية البيزنطية التي كانت تسيطر على الشرق بأكمله ، فذكره القديس يوحنا فم الذهب (مؤرخ معاصر لمار مارون) من بكوكوزا في ارمينيا وكان القديس المذكور قد عرف مارون شخصياً.

يعتبر الدكتور فؤاد افرام البستاني أن اقرب الأشخاص الى مارون كان الراهب زابينا الذي أولاه القديس الكثير من الإحترام وأوقر شيخوخته واقتدى ببعض طرقه في الزهد والتقشّف، حتى أن بعض المؤرخين اعتبر أن الراهب زابينا قد يكون معلّم مارون ، بينما اعتبر البعض الآخر أن زابينا ما هو إلاّ التلميذ المفضل للقديس المذكور، ولكن من الثابت أن هذا الراهب قد وافته المنية قبل مارون ، مما دفعه الى الإيحاء للمقربين اليه في رغبته بأن يدفن على مقربة من مرقد زابينا.

مات القديس مارون حوالي سنة 410م (ليس هناك من تاريخ مؤكد فمنهم من يعتبر سنة 422م) ولم تنفّذ وصيته، فتنازعت الجموع على جسمانه الطاهر مما أدّى الى نشوب صراعات بين القرى القورشية، الى أن ظفرت به القرية الأقوى في جنوب قورش، فنقلته اليها وأقامت عليه كنيسة…

أما المؤرخ تيودوريطس القورشي فيذكر أن جسمان مارون كان قريباً من مركز ابرشيته وهذا ما استنتجه الأب هنري لامنس (مستشرق بلجيكي) في القرن التاسع عشر حين اعتبر ان الجسمان قد يكون في “شمال سوريا، جنوب قورش في نحو نصف ساعة بينها وبين حلب…”

لم يكد القديس مارون يترك الحياة حتى كان الآلاف من اتباعه من مشارق الأرض ومغاربها يتقاطرون على جبال قورش سالكين طريق مارون في التنسّك…

تكريماً لهذا القديس العظيم، شيّد الأمبراطور البيزنطي مرقيانوس سنة 452م، ديراً يحمل إسمه لا ندري بالضبط موقعه حالياً إنما من المحتمل أن يكون بجوار بلدة معرّة النعمان في سوريا الثانية.

انتسب رهبان كثيرون الى هذا الدير، فدعووا برهبان دير مار مارون، كما انضوى ايضاً عدد لا يستهان به من الراهبات ولعل اشهرهن : مارانا، وكيرا، ودومنينا… ومن المفارقة أن تكون تلك الأسماء تعني جميعها “السيدة العذراء” باللغات السريانية والبيزنطية واللاتينية التي كانت سائدة آنذاك.

مات القديس مارون متنسكاً عفيفاً، ولكنه لم يمت حتى رأينا أبناءه الروحيين المشرَّفين باسمه، ينتشرون تحت كل كوكب. غير انّ المارونية تركز كيانها في لبنان بعد أن بشر تلامذة مار مارون اهله، وفيه بسقت دوحتها وامتدّت أغصانها إلى أنحاء الدنيا.

لقد كان مارون للكنيسة جمعاء ولم يكن يوماً حكراً على الطائفة المارونية دون سواها، فنجد ذكراً لإسمه لدى طائفة الروم الأرثوذكس ضمن لائحة قديّسيها.

قال عنه المؤرخ تيودوريطس:” كانت الحمّى تخمد بظّل بركته ، والأمراض على اختلافها تشفى جميعها والأبالسة تنهزم بعلاج واحد منه وهو الصلاة…”

فمن يقوَ على كنيسة قديّسها مارون!!!؟؟؟

المارونية ما هي؟

أولئكَ الآتونَ من البعيد، المستقرّون في الأعالي، الهادفون إلى الأبعد، مَن هم؟ ما شأنهم في تاريخ الشرق؟ في تاريخ لبنان؟ أيّة كلمة رسالة أعطُوا ليحملوا؟ أيّ دورٍ أُنيطَ بهم تحقيقه؟ ما المبدأ الهدف الذي يحرّكهم؟

محبّون مضحّون محبّة سامريّ الإنجيل وتضحيته. وُدعاء مسالمون وداعةَ المساكين بالروح، اشدّ غيرة على مجد الله وكرامته منهم على مجدهم وكرامتهم. أجمل بيتٍ في قراهم ومُدنهم بيت الله، وأعلى تمثال على ذُراهم ومنعطفاتهم تمثال للعذراء…

المارونية – هذه الروحيّة الباقية من نهج الموارنة القدامى – هيَ في الواقع:
تراثٌ روحيٌّ يشدُّ الموارنة إلى الإنجيل، إلى السيّد المسيح الإله المتجسّد، بالقديس مارون مثالهم في عيش الإنجيل ببساطة وإخلاص، بتفانٍ وبطولة؛
وهيَ ايضاً تراثٌ حضاريّ يربطهم بمسيحيّي بطريركية انطاكية ومدرستها الفكرية الكبرى، ونهجها الثنائيّ في فهم شخصيّة المسيح الإله الكامل والإنسان الكامل. فبفضل هذه العقيدة وهذا المفهوم الثنائي لطبعَي السيّد المسيح، ارتبطت الكنيسة المارونية، منذُ القرن الخامس (451 في المجمع الخلقيدوني) بكنيسة روما، فكان هذا اللقاء مبدأ لعلاقات دهريّة طيّبة، سوف يشكّل – مع الزمن – صفةً من صفات المارونية، تقيها خطر الإنغلاق على الذات، وتسمح لها بالانفتاح على الشمولية العالميّة.

فالمارونية إذن، ليست مفهوماً مدنياً صرفاً ولا مفهوماً دينياً صرفاً، بل هيَ احدى انجح تجسّدات الفكر العملي والتركيب المسيحي في هذه المنطقة. لقد استطاعت، بما لها من دفعٍ روحيّ، ولأبنائها من اخلاص العيش في صميمها، أن توحِّدَ معاً، في ذاتها، التقوى الشخصيّة والأمانة الكبرى للمسيح وللكنيسة الجامعة بما أنّها ديانة، والثقة المُطلقة بالإنسان المتجدّد والأمانة الكبرى لخطّها الحضاريّ بما أنّها أمّة. إستطاعت أن تكون، في الوقت نفسه، ديانة ودولة، من غير أن تدوّل الدين وتديّن الدولة.

وأذا حاولنا الايضاح اكثر، قلنا إنّ المارونية هيَ، من حيثُ النشأة، مذهبٌ فكريّ إنطاكيّ، دينيّ مدنيّ بذات الوقت، ذو صبغة مميّزة متّصلة مباشرةً بحضارة قديمة هي الحضارة الآرامية السريانية. وقد ارتبطت بواسطة روما بالحضارة العالميّة، وطُبعت بطابع مسيحيّ خاصّ هو طابع روحانية القديس مارون، قبل أن تكون طائفة حسب المفهوم المتداول للكلمة، محصورة العدد، تدور في حلقة الصراع الطائفي في سبيل البقاء. فالتمسّك بالخط الحضاريّ الأصيل والارتباط بالمسيحيّة العالميّة، مع الحفاظ على روحانية القديس مارون، كلّها متماسكة، كفَلَت هذا النوع من الوجود المسيحي والتاريخي للموارنة.

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).