حينما نذكر قلب يسوع في هذا الشهر، فإننا نذكر محبَتَه الكبيرة لنا طوال العصور …. فالقلب الرحيم والمتواضع هو مركز المحبة وهذه المحبة ، تظهر عظمةَ الحب الإلهي للجنس البشري
إنّ هذا الحب هو يســــوع بالذات ـ الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس ـ أنْ يتجسّدَ من العذراء مريم ، وبتواضعه أصبح واحداً منا فوُلِدَ من أجلِنا ليرسِمَ لنا طريقَ الله ، فهو الطريق والحق والحياة (يو 6:14) ، بل والحياة الأفضل .
ولِدَ في مغارة بيت لحم ليعلِّمَنا عَظَمَةَ التواضع ، وغِنى الفقر ، وبساطةَ الحياة وروح الطفولة البريئة، التي تقود إلى السماء.
وقَبْلَ موتِهِ وقيامتِهِ رسم لنا سرَّ الافخــــارستيا المقدس ليغذينا بسر تواضــعه من جسدِه ودمِه.
وبحبُّه الامتنـــاهي أرسل لنا الروح المعزّي ( روحه المتواضعة ) وروح أبيه القدوس، ليكون معنا ويشجعنا ويقوينـــا في هذه الحياة الفانـــــية لنواصلَ رسالةَ المحبة التي زرعها في قلوبِ عِبادِه المتواضعين .
نعم، هكذا أحبَّ يسوع البشر، أحبَّهم محبةً لا توصف، ويوحنا الإنجيلي يقول:”مــــا مِنْ حُبٍّ أعظمُ من هذا، أنْ يبذُلَ الإنساننفسَه عن أحبائه” (يو 13:15)
فقد أحبَّ والدَيه مريم ويوسف وخضعَ بتواضع لهما في الناصرة، كما سار في طريق الجليل وأورشليم مُعْلِناً ملكوت الله فشفى المرضى وأقام الموتى وطهّر البُرص وفتح أعين العميان، فكان السامريُّ الصالح ، وكان الأبُ الرحوم .
وأشفق على الجموع، وبــارك الأطفال، وغفر خطـــــايا المجدلية، وقَبِلَ زكّا والعشّار، وسقى السامريةَ ماء الحياة.
وعلّم الشعب بأمثالٍ كثيرة……. ومحبتُه هذه جعلته يختار أضعفَ الناس وأبسطَهم ليكونوا له رسلاً يُعلنون البشارة الإنجيلية في أقاصي المسكونة لكي يَخلُص جميع الناس على يدِه (مر 16:16).
فكم هو حَريٌّ بنا ونحن في هذا الشهر المقدس أن ندرك معنى الوداعة التي اتصف بها يسوع وعظمة التواضع المقدس الذي امتلك قلب يسوع
فعلينا بالتأمل والصلاة للروح القدس بتواضـــع ليمنحنا نعمة إدراك المحبة التي بها أحبنا الله ، ونواصل نشر رسالة المحبة، والتواضع بين البشر الذين نعيش معهم .
فنتساءل ماهية الصفة الأساسية والمهمة أذا ؟ التي ينبغي أن نتعلمها من الرب يسوع المسيح في هذا الشهر المبارك؟
أنا مُتأكّد أن الكثير منكم سيقول المحبّة – هذا المفهوم صحيح بالطبع ، فهو أحبنا حقاً إلى أقصى الحدود. آخرون سيقولون الخدمة بصبر- وهذا أيضا صحيح ، وليس خطأً.
كثيرا ما نتكلم عن الفضـــائل بل ونكتب مجلدات عنها ، ولكـــن هي بعيدة كل البعد عن حياتنــا ومعيشتنــا اليوميــة ، فلا يوجد إنســان أن كان رجلٍ أو امرأة في العــالم كان قادراً على تجسيد النعمة التي يعيشها ، كما فعل الرب يسوع، حتّى آخر نفسٍ له.
بالرغم من أهمية كل ما ذُكِر عن صفات لدى الرب يســوع، لكن هذه الصفات ليست ما قصــده يسوع عندما وصف نفسه مرة واحدة في الكتــــاب المقدّس بقوله….. ” تعلموا مني ،لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ..” (متى 11: 29) يمكن استخلاصها من قلبه الوديع المتواضع : أنه غير متكبر. وبالنسبة لشهادة الرب يسوع، تلك الصفة هي تواضعه الذي علينا تطبيقها في حياتنا.
يا قلب يسوع الأقدس
لقد أعلنت حين ظهورك للقديسة مرغريتا مريم رغبتيك في ان تملك على البيوت المسيحية، فها إننا نلبي طلبك اليوم معلنين إياك ملكاً على بيتنا وكل الساكنين فيه.ومن الآن وصاعداً نرغب في أن نعيش حياتك وأن ننمي في نفوسنا الفضائل الإلهية التي بها نحصل على السلام وهكذا نكون قد ابتعدنا عن الملذات الدنيوية الفانية التي لعنتها. املك يا رب على عقولنا بواسطة الأيمان، واملك على قلوبنا بحبك المضطرم يوميا ، في سر الافخارستيا المقدس .
صـــــــــــلاة :
كم يختلف قلبي عن قلبك، يا يسوع الحبيب، فبينما أراك مثال اللطف والرحمة والوداعة، أراني دائم الغضب والتشكي والتذمر، لا أحتمل أدنى هفوة لا بل أدنى كلمة مضادة لي.فاصفح عن احتدادي هذا، واجعلني في كل الظروف الصعبة المعاكسة لي أن أقتدي بلطفك ووداعتك فأتمتع على الدوام بالسلام المقدس. فيا يسوع أجعل قلبنا مثل قلبك تماما .آمين