بينما يتابع البابا فرنسيس باسقطاب أنظار وسائل الإعلام في كل أنحاء العالم، وصلت أعمال الكرسي الرسولي في الأمم المتحدة إلى أبعد من المتوقّع بالرغم من المداخلات العديدة التي قام بها في اجتماعات مختلفة. وقد عبّر الكاردينال بيترو بارولين أمين عام حاضرة الفاتيكان عن أمله بأن تعمل الدورة التاسعة والستين بشكل أكثر أخوي ومتحد في أثناء حديث وجهه في 29 أيلول إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وبعد أن عدّد مجموعة من المشاكل كالعنف والنقص في احترام الحرية الدينية طالب الكاردينال بارولين بالترويج لثقافة السلام. وأما في الأسابيع التي تتالت، قام المراقب الدائم للكرسي الرسولي لدى الأمم المتحدة رئيس الأساقفة برنارديتو أوزا بسلسلة من المطالبات وجهها إلى الأمم المتحدة في ما يخصّ مواضيع مختلفة. ووصف الخطاب الذي ألقاه حول حقوق الإنسان في 29 تشرين الأول حق العيش وحق حرية المعتقد والفكر والدين وأشار إلى أنّ هذه الحقوق هي منتهكة في أنحاء كثيرة من العالم.
وصرّح رئيس الأساقفة: “إنّ الحق بحرية الرأي والمعتقد والدين هو حق من حقوق الإنسان وهو جد أساسي ولطالما كان وسيكون من صلب النضال للاعتراف بحقوق الإنسان الأساسية”. وكان قد وجّه رئيس الأساقفة أوزا كلمة حول موضوع الزراعة والأمن الغذائي حيث سلّط الضوء على “المفارقة التي تحصل بين العديد من الناس الذين يموتون جوعًا وبين الكمية الكبيرة التي يتمّ هدرها على الطعام”. كما أنه اعترف بالتقدم الحاصل من أجل تقليص عدد الأشخاص الذين يعانون الجوع المزمن إنما يبقى مئات الملايين من الناس الذين لا يجدون كمية كافية للطعام. إنّ القضاء على الجوع ليس هدفًا للنمو الاقتصادي فحسب بل هو “واجب أخلاقي”. ثم أشار إلى عنوان السنة الذي اتُخذ في اليوم العالمي للغذاء: “الزراعة العائلية: إطعام العالم، الاهتمام بالأرض” قائلاً بإنّ العائلة هي المفتاح لإنهاء الجوع” ودعا إلى الاعتراف بدور العائلة.
وصرّح رئيس الأساقفة أوزا في 27 تشرين الأول في خطابه حول موضوع العولمة والاعتماد المتبادل بأنّ العولمة تحتاج إلى إفادة الجميع. وذكر: “يمكن للعولمة أن تجلب الكثير من الفوائد إنما يمكنها أيضًا أن تملك تأثيرات سلبية على بعض المجموعات. بالتأكيد، كما هي الحال مع غالبية المساعي البشرية، تعمل العولمة من أجل الخير أو الإساءة بحسب الأخلاقيات والسياسات التي تقود العملية.
وذكر أحد تحديات العولمة وهي الهجرة التي تثير العديد من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والدينية فضلاً عن تزايد الاتجار بالبشر والأشكال العديدة من العبودية: “إنّ هذه الأشكال الجديدة من العبودية هي مناقضة للعولمة التي تقودها ثقافة اللقاء والقيم مثل التضامن والعدالة”.
ثم تحدّث رئيس الأساقفة أوزا في 23 تشرين الأول عن موضوع القضاء على الفقر وطالب بإيجاد سياسات واستراتيجيات مبنية على مكافحة الفقر المدقع وإظهار تضامن أكثر. وتطرّق إلى موضوع انخراط المرأة بشكل أكبر في تقدّم المجتمع وقال: “إنّ إقصاء النساء والفتيات من التعليم وتعريضهنّ للعنف والتمييز ينتهك كرامتهنّ وحقوقهنّ الإنسانسية الأساسية”. كما أنّ الوضع في الشرق الأوسط كان موضوعًا آخر تناوله سفير الكرسي الرسولي فتحدّث في 21 تشرين الأول عن مساعي البابا فرنسيس من أجل الدعوة لاحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان في المنطقة. وأما في ما خص “الوضع المروع الذي تعيشه سوريا” فقال بإنّ الكرسي الرسولي دعا كل الأفرقاء أن يوقفوا الانتهاكات الجسيمة التي يقترفونها لحقوق الإنسان الأساسية وعلى المجتمع الدولي أن يساعد الأطراف على إيجاد الحل”.
وختم: “علينا أن نستشفّ الدروس من فشلنا من أجل إيقاف هذه الفظائع الأخيرة من الإبادات الجماعية مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وحان الوقت لأخذ القرارات الشجاعة”.
وفيما يتعلّق بالذكرى السنوية العشرين للمؤتمر الدولي للسكان والتنمية في 9 تشرين الأول، فسّر رئيس الأساقفة أوزا بأنّ الكرسي الرسولي يحذر من التحديات العديدة من أجل النمو الاقتصادي والاجتماعي. ودعا من جديد إلى الحاجة “لتعزيز دور العائلة بكونها عنصر حيوي نحو في النمو الاجتماعي والاقتصادي”.
إنّ المداخلات التي قام بها الكرسي الرسولي في الشهر الفائت هي ليست إلاّ جزء من المطالبات والنشاطات التي يقوم بها. إنّ حضور الممثلين عن الكنيسة الكاثوليكية في الأمم هو خير دليل على مسؤوليتها تجاه الخير العام للإنسانية جمعاء.
***
نقلته إلى العربية ألين كنعان – وكالة زينيت العالمية.