الإيمان هو الركيزة التي نبني عليها حياتنا المسيحية. إيماننا يجب أن يكون قويًّا كالصخر لا يتزعزع، ولكن نرى في مجتمعنا اليوم عدة علامات للإنحراف في الإيمان وقد تكلم عنها سيادة المطران أنطوان نبيل العنداري في رسالته الراعوية الثالثة عشرة تحت عنوان “مسيرة الإيمان وأخطار الإنحرافات”.
هناك عدة علامات للإنحراف في الإيمان وأبرزها تلك الفسحات الإعلامية التي تستضيف منجمين وقارئين للغيب والأبراج والعتب على من يصدقونهم ويتابعون أخبارهم! أصبحت موجة العرافين والمنجمين تسيطر شيئًا فشيئًا على مجتمعنا اليوم وهي أشبه “بتسونامي” على حد تعبير سيادته، فيحتار الشخص الى من يلجأ، هل الى منجم، أم قارئ كف، أم عرّاف…من دون أن ننسى بالطبع أولئك الذين “يتواصلون مع الأرواح” ويمارسون شتى أنواع السحر لدرجة أن الأشخاص ينحرفون وراءهم متناسين دينهم ومعتقداتهم.
ما هي أسباب هذه الإنحرافات؟
تبدأ هذه الإنحرافات بالظهور بخاصة حين يواجه المرء انزعاجًا أم ضيقًا أم تحديات تعترض حياته العائلية، أم ضائقة اقتصادية…هنا، ينطلق اليائس باحثًا عن مصادر تعزية، عن سند لا يجده، فيلجأ الى عالم الغيب على حساب الإنجيل والإيمان…ما هو السبب الأساسي لهذا اللجوء؟ أهو الجهل أم النقص في التنشئة على الإيمان؟…
لدينا اليوم أطباء متخصصون بعلم النفس والإرشاد يقتصر واجبهم على مساعدة من هم بحاجة أم بوضع يماثل لما ذكرناه، ولكن وللأسف لا ندري لم لا يكتفي الإنسان بما يقدمه الطب هل لأنه يخاف من أن يوصف “بالمريض”… فيزور عرافًا أم منجمًا بدلا من ذلك ليطلب المشورة والنصح.
الإنسان بطبيعته يسمو نحو الكمال، ومن باب التنجيم وقراءة الغيب تقدم له هذه الفرصة على طبق من فضة فلم لا يستغلها ليسبر غور ما لا يعلمه كائن سوى الله فيصبح كل شيء في متناول يديه؟
الإنسان في بحث دائم عما هو جديد…في هروب لا نهاية له
أولا يجذب عالم المستور الإنسان لأنه وكما ذكرنا يحوي على أشياء تبدو جذابة ولا يدري بها أحد ومنها يسد حاجته ولو مؤقتًا للشعور بالطمأنينة والإكتفاء. ناهيك عن أن الإنسان فضولي يسعى لمعرفة مستقبله وخفاياه فيطمئن إن كان الوضع إيجابيًّا، وإن لم يكن فهو سيسعى لتعديله ويعمل على تغييره.
لا يمكننا أن نغض الطرف عن سيئات هذا العالم الذي بعد أن جر اليه الكثيرين، وقد تعلقوا به، انتهى بهم الأمر مختلين أم مستعبدين أدمنوا على استشارة الوسطاء: “إنه بحق فعل اللعب بالنار.”
تحذير…اصحوا واتبعوا إيمانكم
علينا أن نسلط الضوء ونذكر ونعيد ونكرر أنه لا يجب أن ننجر وراء هذه الإنحرافات وننسى إيماننا، فنحن نؤمن بإله واحد “له إسم معلوم هو الله كشف لنا عن ذاته وأحبنا حبًّا لا حدود له.” نحن نعلم أن الله في بحث دائم عنا نحن الضالين الذين نسعى للسعادة بعيدًا منه، وهو قد أرسل ابنه الوحيد ليخلصنا فهل من حب أعظم من هذا الحب؟
يمكننا أن نعزو هذا الإنحراف الى نكران العلاقة مع الله الذي يجعل الخوف مسيطرًا على الإنسان فينطلق باحثًا عن السعادة في مكان آخر. ويختم سيادة المطران بقول مأثور أعجبني سأشارككم إياه ألا وهو: “الناس إذا ما انقطعوا عن الإيمان بالله، هذا لا يعني بأنهم لا يؤمنون بشيء، بل يؤمنون بأي شيء.” ألم يعبد الشعب المختار العجل الذهبي؟
Zenit