لله ان يستغني عمن أحب اذا شاء ولكنه لا يشاء. هو الوحيد القائم في جوهره محبا حتى قدر صاحب الإنجيل الرابع ان يقول في رسالته الأولى: “الله محبة” (١يو ٤: ١٦). أنت مقيد بالمحبة وتعرف انك ان استغنيت عنها تصبح عدما. للإنسان ان يختار العدم اذا أراد الخطيئة أي له ان يذوق الموت الروحي قبل ان يفنى جسده. له ان يستغني عن الله ولو لازمه الرب. الكفر من حريتنا.
الموت الروحي اختيارنا. ليس عند الله على أحد جبر. أنت لا تخلص اذا لم ترد. هذا شرط وضعه الله على نفسه لكي تبقى أنت حبيبه. تفعيل الله لحبه اياك رَبطه بقبولك هذا الحب. فأنت إلى السماء بإرادتك وإلى الجحيم بإرادتك. الخلاص ليس تحرير الله اياك مما كان يضطرك. هو أيضًا مرتبط بقبولك لحريتك. هو ان تعرف ان الله رآك وضمك اليه. أنت ليس عليك الا ان تقبل الانضمام.
اعرف الله محبا ولكن رؤية ذلك ما أُعطيت الا للأبرار. ان الأبرار وحدهم يعرفون ويعطون من يعطون ولا أحد يعرف الا اذا نال الحرية. الحرية من ماضيه، من حاضره، من ذاته، لست في حاجة إلى فلسفة لأقول اني لا أعرف ذاتي الا بمرآة هي الآخر لأن الذات العارفة هي الذات المحبة أي التي لا تعرف نفسها موجودة الا اذا أَحبت. المحبوبية، كإعطاء المحبة، اتكلم هنا سيكولوجيا لا إلهيا. إلهيا، أنت تحب ولا تطلب المقابلة. لقد قال الله: “أحبوا بعضكم بعضا!” ما قال مرة اسعوا ان تكونوا محبوبين وليس ما يؤكد ان الناس اذا أحببتهم يبادلونك ذلك.
وجع الله انه يحب ولو لم نبادله المحبة. هذا شأنه لأن “الله محبة” (١يوحنا ٤: ٧) قد تحب أحد الناس ولا يحبك. شأنك أنت ان تبقى في ما طلبه الله اليك. “أحبوا بعضكم بعضا” أمر من المسيح. لكن السيد ما ظن مرة ان لك بعد المحبة قبولا لها عند من أحببت. الله ما وعد الناس بالتعاطف. هو أمرنا ان نحبهم من جهتنا قبلوا أم لم يقبلوا. أنت تخلص نفسك بمحبة، تعطيها.
لقد أمرك الله ان تحب الآخر ولكنه ما قال ان الآخر يتأثر دائما بهذا ويرد لك عاطفتك. أنت تحب مجانا. هكذا هي محبة الله اياك. تحب من لا يحبك بالقوة نفسها التي تحب من أحبك لأن الله ما قال انك ان أحببت أحدا يستجيب هو لك. قال تحب الناس لكي تكمل لهم محبة الله لهم، لكي يحيوا.
الله حتى يبقى على احتضانك لم يشترط عليك ان ترد له عطاءه. يريدك من أجل نفسك ولو لم تكافئه على شيء. الرب هو المجانية المطلقة التي لا تطلب شيئا لنفسها ولكنها تعدك بكل عطاء من فوق.
الرب يسرّ بما أخذت منه لأنه أغناك. لا يرفض حبك اياه لأن هذا الحب يعززك أنت ويقدسك ويبقيك. منذ فترة لا أحب عبارة الحوار مع الله ليس لأنه غير قائم ولكني أخشى ان يحس الإنسان بصورة مؤكدة انه عديل الله. على الاخوّة التي جعلها يسوع بينه وبين البشر يبقى الله فوق. عندما نقول نحن المسيحيين ان الله نزل إلى الأرض لا نعني انه طريح الأرض. هو أراد ان يقول فقط انه بالحب عشير الإنسان. هذا لم يكن في الأديان القديمة.
تدرب على فكرة ان ليس بينك وبين الله تجارة. انه هو وحده المعطي وأنت تتلقى. واحدة سألك ان تشكره ليس لأنه في حاجة اليك ولكن لكي يروضك على الحب. أعرف من مجانيته ان تكون كريما. أعط، أبذل نفسك بلا انتظار شيء من الناس. اذا فعلت الصالحات لا تنتظر من ربك مكافأة. ليس الله تاجرا. انه يعطي من يشاء ومتى شاء. أنت تعامل ربك معاملة مجانية اذا فهمت انك لا تقدر ان تستغني عنه. تحبه من أجل نفسه، لا بسبب من عطائه. هو يعطيك لأنه صالح. أنت فقط تشكر.
غدوتُ الآن لا أحب عبارة الحوار مع الله: أنت ليس لك عليه دالة بدليل قولك له: “أعطنا أيها السيد ان نجسر بدالة وندعوك أبا”. هو يعطيك بروحه ان تخاطبه فيعترف بك ابنا. بنوتك له عطاء مجاني منه. أنت ليس لك حق على الله. أنا لا أحب هذا القول اننا طبيعيا في حديث مع الله. انه هو يعطيك قدرة الكلام اليه. روحه فيك اذا أنت كلمته والا لا كلام. في حقيقة الصلاة ان روح الرب فيها هو الذي يخاطب نفسه. لذلك في كنيستي نطلب الروح القدس عند مباشرة أية صلاة. نخشى الا يكون روحه ساكنا في أرواحنا.
النهار