من المفترض، اذا ما حدثت تطورات طارئة، أن ينتخب مجلس الجامعة اللبنانية في جلسة قبل ظهر اليوم، خمسة مرشحين لرئاسة الجامعة، ترفع الى وزير التربية والتعليم العالي، ليختار في النهاية مجلس الوزراء اسماً يعينه رئيساً للجامعة اللبنانية.
ليس مبالغاً القول أن أمام مجلس الجامعة اللبنانية غير المكتمل، بسبب وجود عمداء بالتكليف، مهمة تاريخية تتمثل بانتخاب 5 مرشحين من بين 40 مرشحاً لرئاسة الجامعة. وهو اليوم أمام مهمة صعبة، كون المرشحين الذين حسمت لجنة تلقي الترشيحات باستيفائهم الشروط الأكاديمية، من طوائف مختلفة، فيما منصب الرئيس يعود حصراً الى الطائفة الشيعية وفق توزيع المناصب على الفئة الأولى في الدولة، على رغم أن لا نص قانونياً في قانون الجامعة يقضي بذلك. لذا ستكون المهمة معقدة أمام المجلس، ليس في مواجهة المحاصصة واختيار الأسماء سلفاً، بل في حسم الخيار الأكاديمي ومرجعيته، قبل أن يصبح الأمر في عهدة مجلس الوزراء.
لكن مهمة مجلس الجامعة أيضاً، لا تبدو مستحيلة، اذا علمنا أنه مجلساً أكاديمياً أصيلاً، لم يكن قائماً في تعيين رئيس الجامعة الحالي الدكتور عدنان السيد حسين عام 2011، والذي عينه مجلس الوزراء من خارج الترشيحات الأكاديمية. لذا، مجلس الجامعة اليوم ملزم انجاز هذه المهمة اليوم قبل الغد، تجنباً للوقوع في الفراغ وفي احتمالات التمديد غير القانونية. فموقع رئاسة الجامعة يدخل ابتداء من 13 آب المقبل في دائرة تصريف الأعمال، على الأقل وفق قانونيين في الجامعة، باعتبار أن مجلس الوزراء عليه أن يختار اسم الرئيس قبل شهرين من انتهاء ولاية الرئيس الحالي في منتصف تشرين الأول المقبل، وسط جدل بين نظام الجامعة الذي يقول بتكليف العميد الأكبر سناً في حال العجز عن انتخاب رئيس وتعيينه، وتعديلات القانون 66 غير الواضحة في هذا السياق. واذا لم ينجز مجلس الجامعة عملية الانتخاب ويسارع مجلس الوزراء الى اختيار اسم الرئيس، ستدخل الجامعة في حالة جدل، انطلاقاً من احتمالين، اما تكليف العميد الأكبر سناً رئاسة الجامعة الى حين تعيين الرئيس، وهو في هذه الحالة عميد كلية العلوم الدكتور حسن زين الدين، بعد إحالة الدكتور غسان شلوق الى التقاعد مع انتهاء الولاية الحالية للرئيس، وإما التمديد لرئيس الجامعة الحالي، حيث القانون لا ينص صراحة على هذا الأمر. وفي الحالتين هناك جدال واجتهادات، انما الأمر قد يؤدي الى ارتدادات سلبية على الجامعة، وهي ليست اليوم في عصرها الذهبي، تبعاً للمشكلات التي تعانيها على أكثر من صعيد أكاديمي ومالي واداري.
واذا كان يحق للمستوفي الشروط الترشح لمنصب الرئاسة من أي طائفة كانوا، وهو ما فعله عدد من الأساتذة معنوياً، وللقول أن هناك شروطاً أكاديمية يجب اتباعها، الا ان المعلومات تشير الى أن الحاسم في قرار تعيين رئيس الجامعة هو الثنائي الشيعي “حزب الله” و “حركة أمل”. وعلى هذا الأساس ستخرج الصفة الأكاديمية لانتخاب الرئيس لمصلحة المرجعية السياسية والطائفية التي تختار وفق ما تريده، الا اذا سارت الرياح بما لا تشتهي سفن الثنائي وانتخب مجلس الجامعة بمكوناته السياسية أيضاً أسماء ليست من دائرة اختياره، علماً أن لائحة من 5 أسماء مرشحين من الطائفة الشيعية يروج لها للانتخاب في مجلس الجامعة، اختارهم الثنائي على حساب أسماء أخرى من الطائفة ومن غيرها من الطوائف. واذا سار مجلس الجامعة في هذا الأمر، ستظهر غلبة التسويات والمحاصصة السياسية والطائفية على حساب الأكاديمي، من دون أن يعني ذلك عدم كفاءة الأسماء المرشحة والمختارة.
ولعل مواصفات رئيس الجامعة تنطبق على عدد كبير من المرشحين، لكن اختيار أسماء سلفاً وكأنه محاولة ضغط على مجلس الجامعة، يعمق جراح الجامعة التي تعاني من ممارسات كثيرة، فيها من الفساد وتجاوز المعايير الأكاديمية، وان كان هناك معاهد لا تزال تقدم مستوى عالياً. واذا كنا نتحدث عن المرشحين الشيعة، فهناك خمسة أسماء يجري التداول بها لدى “الثنائي الشيعي”، فماذا نفعل بأسماء شيعية أخرى لا تقل شأناً أكاديمياً؟ الى اسماء من طوائف أخرى. لكن على مجلس الجامعة أن يختار لمصلحة الجامعة ويؤدي دوره كاملاً من أجل مستقبلها.
ابراهيم حيدر
النهار