كتب بسام أبو زيد في نداء الوطن
لبنان هو مخيم كبير يستقطب لاجئين فلسطينيين ونازحين سوريين وعدداً لا بأس به من طالبي اللجوء في العالم بواسطة الأمم المتحدة. لبنان هو مخيم كبير أيضاً للتدريب العسكري ففيه معسكرات فلسطينية داخل وخارج المخيمات وفيه معسكرات لفئات لبنانية أبرزها «حزب الله» وفيها وبحسب المعلومات المتوفرة يجري تدريب غير لبنانيين أيضاً.
هذا المخيم الكبير بشقيه المدني والعسكري نشأ لسبب واحد هو غياب الدولة، فتلك الدولة لم تتمكن من ضبط السلاح الفلسطيني الذي انتشر داخل وخارج المخيمات تحت عنوان تحرير فلسطين وأدى إلى ما أدى إليه من حرب في لبنان، ولم تكن تلك التجربة كافيةً فاستمرت تلك الدولة عاجزةً عن ضبط هذا السلاح حتى بعد الحرب وما زال موجوداً في المخيمات وخارجها ويدفع الفلسطينيون واللبنانيون ثمن وجوده.
هذا المخيم الكبير عانى أيضاً من تبعات سلاح «حزب الله» في الداخل والخارج ما تسبب له بعزلةٍ عربيةٍ وشلل داخلي نجم عنه تعطيل المؤسسات والإستحقاقات الدستورية وكل ذلك لأنّ الدولة غير موجودة ولأنّ قرارها مصادر أو لا أساس له.
هذا المخيم الكبير فشلت الدولة فيه في معالجة قضية النزوح السوري المستمرة، فهذه الدولة ومن كان في السلطة لم تكن لديهم أي رؤيةٍ أو خطةٍ موحدةٍ لمواجهة قضية النزوح السوري، بل إنّ ما كان لديهم إقتصر على أفعالٍ تثير غضب البعض ليسجلوا نقاطاً في السياسة والشعبوية والطائفية والمذهبية غير مدركين أنّهم بممارساتهم هذه أدخلوا لبنان في أخطر أزمة وجودية.
ويحاول البعض منهم اليوم سحب نفسه من مسؤولية هذه الأزمة رغم أنّه أكثر من تولى مواقع رئيسية وحساسة في السلطة غير أنّه فشل في تحقيق أي نجاحٍ على هذا الصعيد، فأخذ يلقي بالمسؤوليات على الآخرين وكأنّه لم يكن يوماً لا في مجلس نيابي ولا في حكومةٍ ولا في رئاسةٍ ولا في إدارات الدولة، وهل يعقل أنّ هذا الفريق لا حول له ولا قوة فأفشله خصومه في السلطة في كل المجالات التي تولاها؟ لماذا إذاً كان يدعي أن لديه حلفاء وأصدقاء في السلطة؟ ولماذا التفاهمات والحوارات السابقة واللاحقة مع من يسمون حلفاء؟ ولماذا استمر هذا الفريق في السلطة طالما أنّه تأكد انه لن يسمح له بالنجاح؟ هل بقي فقط من أجل تأكيد «المؤامرة» ضده ولو على حساب البلاد والعباد؟
إن كل من كان في السلطة سابقاً وراهناً ومن كان تحديداً يفترض أن يكون بيده القرار يتحمل تحويل لبنان إلى هذا المخيم الكبير، ولقد ارتكب هؤلاء أكبر جريمة بحق هذا البلد وأهله، فهم أسقطوا ما كان قد تبقى من دولةٍ أو ما وجد من أسسها، وهم وقفوا مرات ومرات إلى جانب الغريب ضد أبناء بلدهم، وهم من أتوا بمشاريع سياسية من أوطانٍ بديلةٍ وغيرها لتغيير وجه لبنان الحضاري المنشود له، وهم من يواصلون اليوم ارتكاب كل ما سبق مع محاولةٍ جديةٍ ليأخذوا دور الضحية بعدما مارسوا ويمارسون دور الجلاد.