قال سيادته إننا نعيش في زمن مطبوع بالاضطرابات، معتبرا أن التهديد الأكبر الذي يُحدق بالبشرية اليوم يتمثل في السلاح النووي. وشدد أوزا على أن المعاهدات الدولية بهذا الشأن تتعرض دوماً للخرقات ومن بينها معاهدات تم إلغاؤها، هذا فضلا عن كون منظومة مراقبة الأسلحة ضعيفة جدا. قال الدبلوماسي الفاتيكاني إن سباق التسلّح النووي تجدد، كما أن التطور التكنولوجي يجعل عملية المراقبة صعبة جداً بالنسبة للجماعة الدولية. وذكّر أوزا بأن البشرية مسؤولة عن حماية الأرض، التي هي بيتنا المشترك، من الدمار الذي يمكن أن ينجم عن الأسلحة النووية. ومن هذا المنطلق يتعين على الدول ألا توفّر أي جهد يرمي إلى إزالة الأسلحة النووية بشكل كامل، كي تتمكن العائلة البشرية من التنعّم بثمار السلام.
هذا ثم ذكّر مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك بالرسالة العامة “السلام في الأرض” للبابا يوحنا الثالث والعشرين وقال إنه لا يمكن أن نعتبر أنه باستطاعة الجماعة الدولية أن تلجأ إلى الحرب كأداة من أدوات العدالة. وشدد أنه انطلاقاً من هذه القناعة الراسخة قرر الكرسي الرسولي أن يصدّق على معاهدة منه الانتشار النووي، ومعاهدة حظر التجارب النووية بالكاملة ومعاهدة حظر الأسلحة النووية. وأكد أوزا في هذا السياق أن الكرسي الرسولي واثق تماماً بأن هذه المعاهدات الدولية الثلاث هي قطع حيوية ضمن هندسة نزع السلاح النووي، وهي تتكامل مع بعضها البعض، من أجل التوصل إلى عالم خالٍ تماما من الأسلحة النووية.
بعدها أشار المسؤول الفاتيكاني إلى أن احترام الوعود التي قطعتها الدول الموقّعة على تلك المعاهدات يتطلب العمل الدؤوب من أجل استئناف الحوار والتصدي لانعدام الثقة لأن هذا الأمر يطبع وللأسف عملية نزع السلاح. ورأى أن مؤتمر إعادة النظر في معاهدة منع الانتشار النووي والذي سيُعقد خلال العام القادم سيشكل فرصة ملائمة من أجل إعادة إحياء هذا الحوار.
المعاهدة الدولية التي تحدث عنها رئيس الأساقفة أوزا حظيت بموافقة الجمعية العمومية للأمم المتحدة في العام 1968 ودخلت حيز التنفيذ في الخامس من آذار مارس من العام 1970، وهي تدعو الدول التي تملك سلاحاً ذرياً إلى العمل على إتلاف هذه الأسلحة بالكامل. وتطالب المعاهدة الدول التي لا تملك هذا النوع من السلاح بعدم السعي إلى الحصول عليه. أما معاهدة حظر السلاح النووي فقد تمت الموافقة عليها في العام 2017 وستدخل حيز التنفيذ بعد تسعين يوماً من إبرامها من قبل خمسين دولة على الأقل.
البابا فرنسيس كان قد تطرق إلى موضوع نزع السلاح النووي في أكثر من مناسبة لاسيما في السابع من كانون الثاني يناير من العام الجاري أثناء استقباله أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي لتبادل التهاني بحلول العام الجديد. وقد عبر البابا في تلك المناسبة عن قلقه حيال ظاهرة سباق التسلح على الرغم من كل المعاهدات التي وقعتها الجماعة الدولية بهذا الشأن خلال العقود الماضية. وقال إنه يندد أيضا بالتهديد باللجوء إلى هذا النوع من السلاح معتبرا أن هذه الممارسة ليست خلقية خصوصا لأن ذلك يعزز منطق الخوف ليس لدى الأطراف المتنازعة وحسب إنما وسط العائلة البشرية برمتها.
مواقف الكرسي الرسولي بشأن السلاح النووي عبر عنها أيضا أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بارولين خلال مشاركته الشهر الفائت في مؤتمر الأمم المتحدة لتسهيل بدء نفاذ معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية. وتحدث عن قناعة الكرسي الرسولي بأن حظر التجارب النووية وعدم انتشار الأسلحة النووية ونزع السلاح النووي مترابطة فيما بينها، ويجب تحقيقها في أسرع وقت ممكن. ووصف نيافته هذه المعاهدة بعامل أساسي في الجهود الدولية الساعية إلى السلام والأمن في العالم. وأشار أيضا إلى زيف فكرة الردع النووي، وقال: ليس صحيحا أن الأسلحة النووية تضمن الأمن أو السلام، فلا يمكنها أن تقود إلى عالم يتمتع بالاستقرار والأمن.
أخبار الفاتيكان