ألقى القائم بالأعمال في بعثة الكرسي الرسولي الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك المونسينيور سيمون قصاص مداخلة أمام المشاركين في جلسة نقاش عقدها مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية. استهل الدبلوماسي الفاتيكاني مداخلته شاكرا الصين التي تشغل الرئاسة الدورية للمجلس على دعوتها لمناقشة هذه القضية وتسليط الضوء عليها داخل مجلس الأمن ووسط الجماعة الدولية. وذكّر بأن القضية الفلسطينية تُناقش أربع مرات سنويا داخل المجلس لافتا إلى ضرورة ألا تغض الجماعة الدولية، لاسيما مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، النظر عن أولوية عملية السلام الإسرائيلية ـ الفلسطينية.
وذكّر المونسينيور قصاص بموقف الكرسي الرسولي الداعم لحل الدولتين، من أجل التوصل إلى دولة فلسطينية تعيش بسلام وجنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل ضمن حدود معترف بها دوليا. وأكد أنه إذا شاء الشعبان الإسرائيلي والفلسطيني أن ينعما بالأمن والازدهار والتعايش السلمي فلا يوجد أي بديل عن التوصل إلى تسوية ـ من خلال التفاوض ـ تقود إلى حلول يتفق عليها الجانبان ويتباحثان فيها مباشرة بدعم من الجماعة الدولية.
واعتبر المسؤول الفاتيكاني أنه بغية التوصل إلى هذا الهدف لا بد أن يتفق الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني على الخطوات الواجب اتخاذها من أجل التخفيف من حدة التوتر ونزع فتيل أعمال العنف على الأرض. وذكّر قصاص في هذا السياق بالزيارة التي قام بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الإسرائيلي الراحل شمعون بيريز إلى الفاتيكان في صيف العام 2014 لافتا إلى أن البابا فرنسيس حثّ الجميع ـ في تلك المناسبة ـ على الصلاة من أجل السلام وعلى تعزيز ثقافة الحوار كي نترك لأجيال المستقبل ثقافة قادرة على وضع إستراتيجيات للحياة لا للموت، للاشتمال لا للإقصاء.
وإذ أشار قصاص إلى المخاطر الناجمة عن استمرار سياسة الاستيطان الإسرائيلية دعا الفصائل الفلسطينية إلى إظهار رغبة سياسية موحدة والعمل معا من أجل تلبية احتياجات الشعب الفلسطيني. ودعا أيضا إلى عدم نسيان القدس، هذه المدينة المقدسة بالنسبة لليهود والمسيحيين والمسلمين، وقال إن الكرسي الرسولي يجدد التأكيد على مواقفه التي تتماشى مع مواقف الجماعة الدولية ويجدد دعمه للتوصل إلى حل شامل وعادل ودائم لقضية القدس بشكل يضمن حرية العبادة وحرية وصول جميع المؤمنين إلى الأماكن المقدسة وذلك بغض النظر عن جنسياتهم وانتماءاتهم الدينية.
هذا ثم عبّر الدبلوماسي الفاتيكاني عن أسف الكرسي الرسولي لسقوط العديد من القتلى في مختلف مناطق الشرق الأوسط بسبب الحروب والصراعات المسلحة، لاسيما في سورية واليمن وشمال العراق حيث تدعو الأوضاع الإنسانية المأساوية إلى التزام متجدد من قبل الجميع في التوصل إلى حل سياسي لكل هذه الصراعات. وقال إن البابا فرنسيس يثمّن الجهود الحثيثة للساعين للتوصل إلى حل سياسي للنزاع السوري وهو يشجع كل الأطراف المعنية على العمل من أجل عملية سياسية يقودها السوريون تؤدي إلى مرحلة انتقالية شاملة وسلمية ترتكز إلى بيان جنيف الصادر في الثلاثين من حزيران يونيو 2012.
ولم تخلُ كلمة قصاص من الإشارة إلى أهمية الحضور المسيحي في الشرق الأوسط لافتا إلى أن الجماعات المسيحية متواجدة في المنطقة منذ ألفي سنة حيث عاشت بسلام إلى جانب باقي الجماعات. وقال إن الكرسي الرسولي يحثّ الجماعة الدولية ـ من خلال مجلس الأمن الدولي ـ على عدم نسيان هؤلاء وهو يؤمن بأن احترام الحريات الدينية ومبدأ المساواة أمر بالغ الأهمية من أجل التوصل إلى تعايش سلمي ومثمر بين الأفراد والجماعات والأمم في منطقة الشرق الأوسط والعالم كله. وختم المونسينيور سيمون قصاص مداخلته في مجلس الأمن الدولي مذكرا بأن وضع حد للسياسات المرتكزة إلى قوة السلاح والتوصل إلى حل سلمي للصراعات في المنطقة، بما في ذلك الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، سيعيدان الثقة في العمليات السياسية والحلول التفاوضية.
إذاعة الفاتيكان