ألقى مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك رئيس الأساقفة برنارديتو أوزا مداخلة خلال نقاش مفتوح عقده مجلس الأمن الدولي بشأن الأوضاع الراهنة في منطقة الشرق الأوسط. وعبّر سيادته عن امتنان الكرسي الرسولي لرئاسة الصين الدورية للمجلس لأن هذا البلد شاء أن يسلط الضوء على هذا الموضوع من خلال جلسة مجلس الأمن الدولي. ولفت إلى قلق الكرسي الرسولي إزاء خطر فشل حل الدولتين في وقت تراوح فيه عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين مكانها وإزاء الخطابات النارية وأعمال العنف والإجراءات الأحادية الجانب.
وأكد المطران أوزا أن البابا فرنسيس، وإزاء هذا السيناريو المقلق، يناشد السلطات الإسرائيلية والفلسطينية بالنظر إلى الحاجة الملحة للسلام بالنسبة للشعبين ويحثها على السير قدما بشجاعة في درب الحوار والمصالحة والسلام، لأنه لا يوجد أي خيار آخر. هذا ثم ذكّر رئيس الأساقفة أوزا بالزيارة التي قام بها البابا إلى الأردن وفلسطين وإسرائيل في شهر أيار مايو من العام 2014 والتي عبّر خلالها عن قلقه حيال مصير مدينة أورشليم، التي تشكل إرثا للديانات التوحيدية فضلا عن كونها تكتسب أهمية عالمية لأن اسم “أورشليم” يعني مدينة السلام، بيد أن هذه المدينة ما تزال تعاني من الصراعات الطويلة الأمد.
وأشار المسؤول الفاتيكاني إلى قناعة الكرسي الرسولي الراسخة بأن حل الدولتين يوفّر أفضل فرصة للتسوية السلمية. وعبّر عن هذا الموقف البابا فرنسيس في مطار تل أبيب عندما شدد على ضرورة الإقرار الدولي في حق دولة إسرائيل في الوجود والازدهار بسلام وأمن ضمن حدود معترف بها دوليا، فضلا عن إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة حيث يمكن للفلسطينيين أن يعيشوا بسلام وكرامة وحرية. ومن هذا المنطلق قال رئيس الأساقفة أوزا لا بد أن يصير حل الدولتين واقعا ملموسا لا مجرد حلم.
وذكّر سيادته أيضا بالنداء الذي وجهه البابا فرنسيس إلى السلطات الفلسطينية في بيت لحم في الخامس والعشرين من أيار مايو 2014: “لقد آن الأوان بالنسبة لكل واحد أن يجد شجاعة أن يكون سخيا وخلاقا في خدمة الخير العام، شجاعة صنع سلام يرتكز إلى إقرار الجميع بحق الدولتين في الوجود والعيش بسلام وأمن ضمن حدود معترف بها دوليا”. هذا وعبّر رئيس الأساقفة أوزا عن أمل الكرسي الرسولي بأن يشجع الاتفاق الشامل الذي توصل إليه مع دولة فلسطين ودخل حيز التنفيذ في الثاني من كانون الثاني يناير الماضي (يشجع) طرفي النزاع على الالتزام بصدق في التوصل إلى حل سلمي وتفاوضي. كما أن الكرسي الرسولي يتمنى أن يصير هذا الاتفاق مثالا للحوار والتعاون لاسيما بالنسبة لباقي البلدان العربية والمسلمة.
فيما يتعلق بالأوضاع الراهنة في لبنان دعا مراقب الكرسي الرسولي إلى إيلاء اهتمام أكبر بهذا البلد الذي يستضيف عددا كبيرا من اللاجئين القادمين من البلدان المجاورة، وشدد أيضا على ضرورة أن ينتخب البرلمان اللبناني رئيسا للجمهورية لأن لبنان لا يملك رئيسا منذ سنتين تقريبا في خضم الأوضاع الصعبة التي تجتازها منطقة الشرق الأوسط. ولم تخل مداخلة رئيس الأساقفة أوزا من الإشارة إلى ضرورة العمل على مكافحة التطرف والأصولية عن طريق اتخاذ خطوات سياسية ترمي إلى استئصال ظاهرة الإرهاب في العديد من بلدان المنطقة وأفريقيا الشمالية لافتا إلى أن هذه الظاهرة لا يمكن التغلب عليها من خلال الوسائل العسكرية وحسب إنما لا بد من العمل على معالجة أسباب الإرهاب.
وشدد الدبلوماسي الفاتيكاني على أهمية الدور الذي ينبغي أن يضطلع به القادة الدينيون على هذا الصعيد نظرا للمسؤوليات الملقاة على عاتقهم إذ إنهم مدعوون للتنديد بمن يلجؤون إلى الدين لتبرير العنف. في ختام مداخلته أمام مجلس الأمن الدولي سلط مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة الضوء على ما تتعرض له الجماعات المسيحية وباقي الأقليات العرقية والدينية في منطقة الشرق الأوسط من تمييز وقتل وتهجير لأنهم لا يتقاسمون وجهات النظر الأيديولوجية أو الدينية لمضطهديهم وحث الجماعة الدولية على الإصغاء لصراخ هؤلاء الأشخاص ومساعدتهم.
إذاعة الفاتيكان