ألقى مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى مكاتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف رئيس الأساقفة إيفان يوركوفيتش مداخلة أمام المشاركين في لقاء اللجنة التحضيرية الثانية لمؤتمر إعادة النظر في اتفاقية منع الانتشار النووي والمزمع عقده في العام 2020. استهل الدبلوماسي الفاتيكاني مداخلته مشيرا إلى تنامي التوتر وانعدام الاستقرار على الساحة الدولية وأضاف أن الكرسي الرسولي يود التأكيد مجددا على قناعته بأن العلاقات الدولية لا ينبغي أن تكون رهينة للقوة العسكرية والتهديد المتبادل وتخزين الأسلحة. ولفت إلى أن البعثة الفاتيكانية تود محاكاة الحكمة البشرية والإرادة الصالحة لدى الأشخاص من أجل التأكيد على ضرورة نزع الأسلحة النووية ومنع انتشارها. وشدد سيادته على أن أسلحة الدمار الشامل، لاسيما الأسلحة النووية، تعطي شعوراً مزيفاً بالأمن لافتا إلى أن وهم السلام المرتكز إلى الخوف يبقى أمراً سطحياً في أفضل الحالات، خصوصا وأن الأشخاص يطمحون إلى السلام الحقيقي الذي هو عكس الخوف. واعتبر المطران يوركوفيتش أن هذه الرغبة متجذرة في قلب الكائن البشري، وتستمد جذورها أيضا من الخالق الذي جعل جميع البشر أعضاء في العائلة البشرية الواحدة. وهذه الرغبة لا يمكن أن تتحقق من خلال الوسائل العسكرية وحسب أو عن طريق حيازة الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل.
بعدها ذكّر مراقب الكرسي الرسولي المؤتمرين بأن منع الانتشار النووي ونزع هذا النوع من السلاح، ليسا مسؤولية خلقية وحسب إنما هما واجب قانوني تجاه كل فرد من أفراد العائلة البشرية. ولم تخلُ المداخلة من الإشارة إلى التوترات والخلافات وليدة تصنيع المزيد من الأسلحة النووية والعمل على تطويرها وتحديثها لافتا إلى أن هذه الأسلحة تساهم في نشر ذهنية الخوف والعنف والتسلط وهذا الأمر يحمل انعكاسات على أفراد العائلة البشرية برمتها. وأشار المطران يوركوفيتش إلى أن البابا فرنسيس يذكّر في أكثر من مناسبة بوجود صلة وطيدة بين أعضاء الأسرة البشرية وأنه لا يمكن أن نعتبر أن البعض قادرون على التنعم بالسلام بعيدا عن أمن الآخرين وسلامهم. هذا فضلا عن وجود صلة بين المصالح الأمنية القومية والأمن الدولي. وتحدّث سيادته بعدها عن الرابط القائم بين نزع الأسلحة النووية والتنمية البشرية المتكاملة التي قال عنها البابا بولس السادس إنها الاسم الثاني للسلام. واعتبر الدبلوماسي الفاتيكاني – في هذا السياق – أنه ليس باستطاعتنا أن نبلغ هدف تخفيض نسبة الفقر بمعزل عن جهود السلام ونزع السلاح. وتوجه إلى الحاضرين داعيا إياهم ليتخيلوا ماذا كان ليحصل لو خُصصت كل المبالغ الطائلة التي تُنفق على تطوير وتحديث الأسلحة النووية من أجل مساعدة الفقراء وتمويل برامج التنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز قطاع التربية والصحة ومكافحة التدهور البيئي. في ختام مداخلته أكد المطران يوركوفيتش أنه بغية بناء عالم خالٍ من السلاح النووي علينا أن نحرر القلب البشري من الخوف والمشاعر العدائية.
إذاعة الفاتيكان