أحيت مدرسة الحكمة الأم في بيروت، بدعوة من رئيسها الخوري عصام إبراهيم، عيد شفيعها القديس يوسف، عشية إحتفالاتها بمرور 140 سنة على تأسيسها. وترأس رئيس أساقفة بيروت للموارنة ولي الحكمة المطران بولس مطر الذبيحة الإلهية في كنيسة مار يوسف – الحكمة في الأشرفية، شارك فيها وزير السياحة ميشال فرعون والنائبان عبداللطيف الزين وناجي غاريوس وشخصيات.
وبعد الإنجيل، ألقى مطر، يحيط به المونسنيور نعمة الله شمعون والآباء عصام إبراهيم وبطرس فياض وجوزف غاريوس وجوزف عجيج، عظة قال فيها: “تجتمع اليوم عائلة الحكمة مثلها في كل عام، لتحتفل بالصلاة والفرح بعيد شفيعها القديس يوسف البتول. هو رأس العائلة المقدسة والمربي الصالح للطفل الإلهي، والحارس الأمين لمريم أم يسوع وأم الأسرة البشرية كلها. ولقد رأت الكنيسة على الدوام في هذا القديس العظيم، رمزا مشرقا للتضحية والعطاء، وعلامة فارقة في الأمانة والوفاء، وصورة بهية عن الجندي المجهول الذي تواضع إلى أقصى الحدود فرفعه الرب إلى أعلى المراتب. إنه الحضور المشع الذي اتخذته المدارس والجامعات ودور الاستشفاء والعناية بالمسنين شفيعا لها ومثالا للقيمين عليها في خدمة لا تتوخى سوى مجد الله وإكرامه. ونحن عائلة الحكمة، نتطلع إلى هذا القديس في مناسبة عيده الفضيل، لنسأله ضراعة من أجل نفوسنا، وحماية لوطننا نتوق إليها بالحب والدموع، ولنتأمل قبل كل ذلك بالسر الذي أحاطه في مسيرته بهالة خاصة من ضياء”.
أضاف: “أود في هذه المناسبة الحكموية العزيزة، أن أصلي معكم على نية جميع الذين أفنوا في خدمة هذه المدرسة أعمارهم، من رؤساء وكهنة ومعلمين، ومن إداريين وخدام متواضعين، كان دأبهم تعزيز هذه العائلة الكبرى التي انتموا إليها، ونشر روح خاصة في لبنان هي روح الثقافة والعلم، ونشر الحضارة من جهة، ومن جهة موازية بث روح الوطنية الصادقة المشبعة بالمحبة بين أبناء الطوائف في لبنان من مسلمين ومسيحيين، دون أي استثناء”.
وأكد أن “التاريخ يشهد على أن رافع صرح الحكمة وصانع أمجادها الأولى، المثلث الرحمات المطران يوسف الدبس هو الذي خطط ورسم لبلادنا الدعوة المشرقة، إذ جمع في مدرسته طلابا أتوا إليها من بيروت ومن جبل لبنان ومن جبل عامل ومن سهل البقاع شمالا وغربا ومن الشمال بكل أطرفه، فتعلموا فيها مع المعارف على أنواعها أن يعيشوا معا وأن يبنوا معا هذا المجتمع المتعدد والمتحاب الذي يشكل البيئة الحاضنة المثلى للدولة اللبنانية الواحدة ولمشروعها ومشروعيتها على السواء. ولقد كان هذا المطران المؤسس الذي لا نزال ننهل إلى اليوم من روحه وعطاءاته، ذلك الأب الصالح لأبرشيته في العاصمة وضواحيها، وذلك الأب الصالح في مدرسته، مدرسة المطران، للعائلة الحكموية بأسرها”.
وأكد أن “التاريخ يشهد على أن رافع صرح الحكمة وصانع أمجادها الأولى، المثلث الرحمات المطران يوسف الدبس هو الذي خطط ورسم لبلادنا الدعوة المشرقة، إذ جمع في مدرسته طلابا أتوا إليها من بيروت ومن جبل لبنان ومن جبل عامل ومن سهل البقاع شمالا وغربا ومن الشمال بكل أطرفه، فتعلموا فيها مع المعارف على أنواعها أن يعيشوا معا وأن يبنوا معا هذا المجتمع المتعدد والمتحاب الذي يشكل البيئة الحاضنة المثلى للدولة اللبنانية الواحدة ولمشروعها ومشروعيتها على السواء. ولقد كان هذا المطران المؤسس الذي لا نزال ننهل إلى اليوم من روحه وعطاءاته، ذلك الأب الصالح لأبرشيته في العاصمة وضواحيها، وذلك الأب الصالح في مدرسته، مدرسة المطران، للعائلة الحكموية بأسرها”.
وأشار الى “مشروع الحكمة برز إلى حيز الوجود بعد أحداث دامية جرحت التعايش الوطني في ظروف دولية كانت تتلاعب بمصائر الشعوب، عام 1860 وما جره من محن ومآس. فأراد بإلهام من الله وبحس وطني مرهف، أن يعود بأبناء لبنان إلى التقارب عن طريق العلم والتقدم الجامع، ليبنوا معا بيتهم الواحد على أسس من المحبة والسلام”.
ولفت الى “أننا سوف نحيي سنة 2015 ذكرى مرور مئة وأربعين سنة على تأسيس هذا الصرح وحمل رسالته التربوية الكبرى. وسيكون لنا يوبيل مواز للجامعة التي أطلقها الدبس، مدرسة أولى للحقوق في لبنان، والتي أوصلناها بنعمة الله إلى أن تكون جامعة بكلياتها المتعددة وبخبراتها الوطنية الثمينة لكل أبناء لبنان. وليس كثيرا علينا أن نتمنى حلول السنة اليوبيلية هذه ولبنان قد استعاد عافيته ووحدة بنيه وانطلق من جديد في رسالته من أجل الحرية والعيش المشترك السوي تجاه شرقنا الحائر المعذب وتجاه الغرب الحائر هو أيضا بعد إضاعته قيما كبرى كانت له مرتكزا وأساسا. ولتحقيق هذه الأهداف اللبنانية السامية، أدعوكم إلى أن تستلهموا روح الحكمة بالذات، روح الجمع بين الطوائف اللبنانية كلها، فلا تقبلوا بأن تستثنى طائفة من الوطن أو تستبعد وتهمش لا سمح الله. بل ادعوا إلى الحوار الصادق والبناء”.
وختم: “روح الحكمة هي روح تنزل إلينا أولا من السماء حيث منبع الحكمة وبحر النعم. فلنسأل صاحب العيد مار يوسف البتول أن يتشفع لنا لدى الله ليمن علينا بهذه الروح، فيتحول لبنان الوطن إلى عائلة متصالحة كما هي عائلة الحكمة، ويتحول الشرق الذي تعبث به شياطين الفرقة، وأرواح الحقد والإثم، إلى مجتمعات عائلية تذكر الله كلها الذكر الحسن، وتحيا في ظل أحكامه القويمة. وليمنحنا الله جميعا عفوه ورضاه، وليسكب عليكم أيها الحكمويون الأعزاء حاضرين وغائبين، مقيمين ومنتشرين، قدامى وجددا في يوم عيدكم الجميل فيضا من نعمه وبركاته”.
وطنية