أنهى مؤتمر «عرب نت» أعماله أمس، بعد ثلاثة أيام من انعقاده في فندق «هيلتون الحبتور» (بيروت). في دورته الخامسة محلياً والتاسعة عربياً، طرح المؤتمر أسئلةً حول واقع القطاع الرقمي في لبنان والعالم العربي ومستقبله. شارك في المؤتمر، أكثر من 600 شخص، من المصممين والمطورين والعاملين في القطاع محلياً وعربياً.
وتمحور هاجسه الأساسي حول سؤال هام: «هل بإمكان لبنان أن يصبح مركزاً للقطاع الرقمي في المنطقة، خصوصاً في ظل الأوضاع الأمنية والحساسة، وهل سيكون هذا القطاع منقذاً للبنان؟». بحسب مؤسس «عرب نت» عمر كريستيديس، فإنّ الردّ على السؤال السابق إيجابي. وبحسب تعبيره، يكفي «إلقاء نظرة على حجم الاستثمارات في الاقتصاد اللبناني بشكلٍ عام وفي قطاع التكنولوجيا بشكلٍ خاص من قبل شركات محلية وعالمية في الآونة الأخيرة، للتأكد من ذلك». يشكلّ المؤتمر منصة انطلاق لأصحاب الأفكار والشركات الناشئة لبلورة مشاريعهم.
ويرى كريستيديس أن أحد أهم أسباب النهضة الرقمية في لبنان، وسط تراجع الاستثمارات الأخرى، الطبيعة الافتراضية لهذا القطاع التي تجعله محصناً نسبياً من التأثيرات السلبية للأوضاع السياسية والأمنية. مناخ التفاؤل الذي شاع خلال أيام المؤتمر، لجهة مستقبل القطاع الرقمي، «عكّرته» كلمة وزير الاتصالات بطرس حرب حول واقع البنى التحتية التي لا تزال متأخرة في لبنان، قياساً بحجم الطاقات والكفاءات في هذا المجال. حرب الناشط على «تويتر» حديثاً، تساءل «هل من المنطقي أن تبقى الحكومات متأخرة عن مواكبة العصر الرقمي بينما الشباب والقطاع الخاص يحلّقون فيه؟ وهل من المسموح أن يبقى مشروع قانون العقود الالكترونية مثلاً من دون إقرار حتى اليوم، مع ما لهذا لتأخير من تأثير في الحركة التجارية المحلية والعالمية؟». بحث المؤتمر في واقع التسويق والتجارة الالكترونية، معرجاً على الاستراتيجيات الرقميّة لوسائل المرئي والمسموع، وصولاً إلى نقاشات حول وسائل الإعلام الجديد.
في ما يخص التسويق «أونلاين»، استعان «عرب نت» بنموذج شركة «سيف كو» العقارية التي كشفت إنفاقها ثلاثة ملايين دولار على الإعلانات الالكترونية، مخصصةً معظمها لصفحتها على «فايسبوك». معظم الشركات التجارية المتحدّثة في هذا الشأن، فضلت أن يتمّ التسويق عبر مواقع التواصل من داخل الشركة نفسها، بدلاً من الاستعانة بوكالات متخصّصة في ذلك. غير أنّ النماذج التي تظهر أن قطاع الإعلان الالكتروني في لبنان مزدهر، لا تعكس حقيقة هذا القطاع بشكلٍ عام. إذ انّ أرقاماً كانت قد أصدرتها «نقابة الإعلان» خلال السنة الماضية، تشير إلى أن الإنفاق على الإعلانات الرقمية لا يتخطى ثلاثة في المئة، من مجمل الإنفاق الإعلاني المحلي («السفير» 24/9/2013).
في الأرقام أيضاً، كان لشركة «إيبسوس» جلسة في المؤتمر، عرضت فيها آخر إحصاءاتها في العالم الرقمي. تُبيّن أرقام الشركة الفرنسية أن نسبة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، بين مستخدمي الانترنت، ارتفعت محلياً من 76 في المئة العام 2012، إلى 87 في المئة العام 2013. وقد بلغت نسبة مستخدمي «فايسبوك» 98 في المئة من مجمل مستخدمي مواقع التواصل في العام نفسه، بينما لا يزال «تويتر» متأخراً بشكلٍ ملحوظ عن منافسه الأول، بنسبة 28 في المئة للعام 2013، بعدما كانت النسبة 18 في المئة العام 2012.
كما كان للمؤتمر جلسة نقاش مع عدد من مسؤولي الأقسام الالكترونية في قنوات عربية ومحلية. رأت مسؤولة القسم الالكتروني في المؤسسة اللبنانية للإرسال جيسي أبو حبيب، أن القسم الرقمي يهدف للوصول إلى عدد أكبر من الجمهور، بينما اعتبرت أنه بات يمكن للقنوات أن تعرض بعض محتوياتها «أونلاين» فقط إذا كان يتعذّر عرضها على التلفزيون لضيق الوقت مثلاً. ورأى مسؤول القسم الرقمي في قناة «الجديد» ابراهيم دسوقي، أن إنتاج محتوى الكتروني فقط لن يتمّ قبل العام 2017 وفق استراتيجية القناة، لأسباب عدة أهمها رداءة وضع الانترنت محلياً لجهة تغطية المناطق اللبنانية كافة، والكلفة المرتفعة.
جوي سليم / السفير