مسيحيو العراق الذين يفرون بالالاف منذ الجمعة من مدينة الموصل في شمال العراق بعدما وجه الجهاديون في تنظيم “الدولة الاسلامية” اليهم انذارا، مجموعة مهددة وقد هجر عدد كبير منهم البلاد في السنوات الاخيرة.
ووجه التنظيم الجهادي المتطرف الذي يسيطر على الموصل منذ حزيران الجمعة انذاراً أمهل فيه المسيحيين الذين يشكلون أقلية بضع ساعات لمغادرة مدينتهم والا كان مصيرهم التصفية. وكان هذا التنظيم خير الاسبوع الماضي المسيحيين في ثانية مدن العراق بين اعتناق “الاسلام” أو “عهد الذمة” أي دفع الجزية، مهدداً بانهم “إن أبوا ذلك فليس لهم إلا السيف”.
وقبل الاجتياح الاميركي عام 2003 كان عدد المسيحيين في العراق يزيد عن المليون، منهم أكثر من 600 الف في بغداد و60 الفاً في الموصل، لكنهم كانوا موزعين أيضاً في مدينة كركوك الغنية بالنفط في الشمال ومدينة البصرة في الجنوب.
الا انه نتيجة أعمال العنف الدامية التي هزت البلاد منذ ذلك العام لم يعد عددهم يزيد اليوم عن 400 الف في كل مناطق العراق، نصفهم في نينوى التي تعد الموصل عاصمتها.
وكان بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس ساكو صرح الجمعة بأن مغادرة المسيحيين وعددهم نحو 25 الف شخص ثانية كبرى مدن العراق التي تضم نحو 30 كنيسة يعود تاريخ بعضها الى نحو 1500 سنة، كانت نتيجة توزيع تنظيم “الدولة الاسلامية” بياناً يطالبهم بتركها.
وقبيل موجة النزوح من الموصل، شهدت قرى قريبة من هذه المدينة الاستراتيجية حالات نزوح كبيرة لسكان مسيحيين خوفا من دخول المسلحين المتطرفين اياها، ومنها بلدة برطلة المسيحية التي يعيش فيها نحو 30 الف شخص وتقع شمال الموصل.
واستناداً الى التقاليد، دخلت المسيحية العراق مع القديس توما الرسول أواخر القرن الاول للميلاد. والاكثر ترجيحاً ان المسيحية في هذه البلاد تعود الى القرن الثاني بعد الميلاد. والكلدان يمثلون الغالبية العظمى من مسيحيي العراق، والكنيسة الكلدانية الكاثوليكية التي تتبع الطقوس الشرقية تعد أكبر الكنائس المسيحية في هذا البلد. كما تعتبر الكنيسة الكلدانية التي تعتمد اللغة الارامية – لغة السيد المسيح – من أقدم الكنائس المسيحية. وهي منبثقة من العقيدة النسطورية التي تخلت عنها في القرن السادس عشر مع الاحتفاظ بشعائرها. أما سائر الكاثوليك، فهم السريان الكاثوليك والارمن الكاثوليك والكاثوليك اللاتين.
ومن المسيحيين من غير اتباع المذهب الكاثوليكي الاشوريون (النساطرة) الاكثر عددا فيما تتوزع البقية بين السريان الارثوذكس والارمن الارثوذكس.
وخلال عشر سنين هوجمت 61 كنيسة وقتل نحو الف مسيحي، ولكن ليس جميعهم في هجمات استهدفتهم مباشرة، بحسب البطريرك ساكو. والاعتداء الاكثر دموية حصل في 31 تشرين الاول 2010، عندما قتل 44 مصلياً وكاهنان في هجوم شنه تنظيم “القاعدة” على كاتدرائية السريان الكاثوليك في بغداد.
النهار