احتفلت الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي يوم الأحد بعيد الفصح وقيامة السيد المسيح، بقداديس وزياحات عمّت الكنائس والأديار التابعة لها في كل المناطق. وألقيت عظات تمنت قيامة لبنان من محنته وانتخاب رئيس للجمهورية.
وفي كاتدرائية القديس جاورجيوس للروم الأرثوذكس في وسط بيروت، ترأس المطران الياس عوده خدمة الهجمة وقداس الفصح في حضور حشد من المصلين. وألقى عظة شرح فيها قضايا دينية ثم تناول الشأن العام، فلفت إلى المجازر التي تحصل في المنطقة باسم الدين، وإلى “حضارات تُمحى وشعوب تواجه خطرَ الانقراض بسبب التعصب والعنف والإرهاب وإنكار الآخر المختلف”. وسأل: “هل تمتُّ هذه الأعمال البربريّة إلى الأديان بصلة؟ أليس حرياً بإنسان القرن الحادي والعشرين المحافظةَ على الإرث الإنساني عوض القضاء على التاريخ والفكر والفن؟”.
وقال: “أتوجه إلى إخوتي ومواطنيّ المسلمين طالباً منهم الوقوف بحزم في وجه حملات التطرّف والتكفير والقضاء على الوجه التعددي لهذا المشرق. فإذا انقرض المسيحيون من هذه المنطقة بسبب اضطهادهم واقتلاعهم تباعاً من دول الشرق الأوسط، كيف سيكون هذا الشرق بدونهم؟”.
وأضاف: “ما ينطبق على المنطقة كلّها ينطبق على لبنان الذي بات أبناؤه يفتقدون العيش الهانئ في ظل دولة موحدة قوية عادلة وقوانين تسري على الجميع، وذلك بسبب تطرّف البعض وتعنّت البعض الآخر أو حقدهم أو ارتباطاتهم أو تقديم مصالحهم أو التشبث بمكتسباتهم، واللائحة تطول. وكلّنا نعرف أنّ ما وصلنا إليه سببه عدم انتخاب رئيس للجمهورية يضبط الأمور ويسهر على تطبيق الدستور وحماية الوطن. لذا أتوجّه إلى أحبائنا النواب، ممثلي الشعب، وأخاطب ضمائرهم مذكّراً إياهم أنّ التاريخ لا يرحم، وأنّ عليهم واجباً مقدّساً أن ينتخبوا رئيساً في أسرع وقت ممكن ليتسلّم زمام الأمور. هل انتخاب رئيس أمرٌ عصيٌ إلى هذا الحد؟ إحدى وعشرون جلسة وما يقارب السنة ولم يتمكن ممثلو الشعب من انتخاب رئيس، والشعب الذي انتدبهم يصرخ ويتألم، والبلد ينهار شيئاً فشيئاً. ألم يعد في لبنان شخصياتٌ قادرةٌ على تولّي المسؤولية وتحظى بالأصوات اللازمة لانتخابها؟ لا تَدَعوا شهوة السلطة تفقدكم الوطن. الوطن أغلى من المناصب ومن المكاسب ومن الأنا المدمِّرة. الوطن أغلى من الطموحات والشهوات والمطامع والمنافع والارتهان إلى كل شيء ما عدا الوطن. هل بتنا نعيش على ذكرياتِ وطنٍ، وطنِ رجالاتِ الأمس الكبار الذين، إلى علمهم وثقافتهم، كانوا ذوي أخلاقٍ رفيعة وأيدٍ نظيفة، لم يورثوا إبناً أو قريباً ولم يستغلّوا السلطة لمصلحةٍ أو لجني ثروة، ولم يخلصوا إلاّ للبنان وشعبه وجيشه. هل انقرض هذا النوع من الرجال؟ لا أعتقد. نحن في حاجة إلى ثورة بيضاء تقضي على الإهمال والإرتجال وانعدام التخطيط وعدم احترام المهل الدستورية والاستحقاقات الوطنية (…)”.
ودعا النواب إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وقال:”ألستم أهلاً للمسؤولية واتخاذ القرار؟ أحبسوا أنفسكم في مجلس النواب ولا تخرجوا إلاّ والمهمة قد أُنجزت. افتدوا الوطن وكونوا على قدر المسؤولية وعلى قدر آمال من انتخبكم لا مَن تطمحون إلى رضاهم. هنا لا بد لي من التعبير عن أسفي وحزني حين أسمع بعض مَن يدّعون أنهم لبنانيون يدافعون عن رئيس هذه الدولة أو تلك، وعن مصالح هذه الدولة أو تلك، ويفاخرون بذلك ويتشاتمون على شاشات التلفزيون مع مَن لا يوافقهم الرأي. أين وطنهم في كل هذا الصراخ والسباب الذي نشهده. ألا يخجل الإنسان الذي يدافع عن بلد ليس بلده وجيش ليس جيشه وعَلَم ليس علمه؟”.
“النور المقدس”
وكانت شعلة “النور المقدس” وصلت مساء السبت الى مطار بيروت، من كنيسة القيامة في القدس، من طريق الأردن. وجالت في كنائس عدة حيث تبرك منها المؤمنون.
النهار