في عصر الصورة حيث تزخر يومياتنا و طرقاتنا بأطياف لونية متعددة تحمل بمعظمها مفاهيم مضلِلة، تطل هذه القديسة المتصوفة التي تسمّت باسم فيرونيكا، أي “الصورة الحقيقيّة”، لتكون بالفعل صورة حقيقيّة تعكس المسيح….
و لكن أي مسيح تعكس فيرونيكا جولياني ؟؟؟؟
بالطبع، إنه ليس بالمسيح المفَصّل على قياس الراحة و التساهل!!!
فبالتساهل مع الخطيئة، نحزن الروح الساكن فينا، ونطفىء حرارته في داخلنا… نخون عشرة الله، وندخل في عشرة عدوه!!
وقد يصفنا البعض بالتطرف وتعقيد الأمور.
هي فيرونيكا توصينا: لا يهم،كونوا ثابتين و لا تثيركم هذه الاتهامات!!! على ما أجاب أحد قديسي الصحراء على إتهامه أنه معقد و لديه الكثير من الوساوس،قال: “هل تعلمون كم سنة قضيتها في البرية لكي أقتنى هذا الوسواس؟ لقد قضيت خمسين سنة لأقتنيه أفضل!!!”
أي مسيح تعكس فيرونيكا جولياني إذاً ؟؟؟؟
إنه المسيح المصلوب.
إنه المسيح الذي إرتضى أن يفدي الإنسان بالألم الذي يعاني منه الإنسان.
بحسب كلماته الشخصية للقديسة، إنه المسيح “الذي ضمد الجرح الملحق بالحُب الخالق بواسطة الألم الاقصى”؛ إنه المسيح “الذي يشتري النفوس بنقود الألم”!!!
إنه المسيح الذي لا ينكر حقيقية ألم البشرية بل يحوّلها من حالة اللعنة الى حالة النعمة.
إنه المسيح الذي يتنزع أقنعة الخطيئة التي يمتهن الإنسان إرتداءها.
إنه المسيح الذي يأبى إخفاء التشويه الذي طال النفوس.
إنه المسيح الطبيب الذي يشفي علل بشريتنا بدوائه الأغلى من كل الفلوس.
إنه المسيح المخلص الذي حوّل الألم العقيم إلى ألم خصيب.
إنه المسيح المنتصر الذي يقيم إنساننا المنكسر.
إنه المسيح الخبز الذي يداوي جوع القلوب الى الأبد المرغوب.
هذه هي ” الصورة الحقيقية” التي تعكسها فيرونيكا ، وبحساسيتها الروحية المرهفة أضحت مدركة لأهمية المشاركة برسالة يسوع في التكفير عن البشر لخلاصهم في زمن تكفير البشر وقتلهم!!!
هذه هي فيرونيكا الشاهدة الشجاعة على جمال وقدرة المحبّة الإلهيّة المصلوبة…
نراها ، و سمات المسيح منطبعة على جسدها، كما في جسد أبيها القدّيس فرنسيس الأسّيزي، تفتح يديها ،المنهكة بإماتات المحبة، وكالمصلوب و أمامه تهتف مستعدة :” يارب أقدم ذاتي كباب لكي لا يعود أحد يفقدك ، أنت الخير اللامتناهي… ”
كم نحن بحاجة لهذه الصورة و لهذه الصرخة في بؤس زمننا الذي يحول ملح الإنجيل الى سكر ويحكم على نفسه بجهنم لا يصدق بحقيقة وجودها….
في يوم عيدك أيتها الأم الحبيبة فيرونيكا جولياني، صلّي من أجل أن نتوق الى الإتحاد بمن كحّل عينيك وغمر قلبك الذي طُبعت عليه أدوات الآلام…. أعطي لكل نفسٍ منا أن تهتف بعباراتك الأخيرة “آه ، لقد وجدتُ المحبّة، المحبّة جعلت نفسها مرئيّة!!!”
زينيت