نظمت أبرشية طرابلس المارونية مسيرة “زياح القربان المقدس” من بلدة علما إلى بلدة مجدليا في قضاء زغرتا، وهي مسيرة صلاة وتأمل تنظمها الأبرشية في “خميس القربان” من كل عام، وفي كل قضاء في الأبرشية.
استهلت المسيرة بقداس احتفالي ترأسه راعي الابرشية المطران جورج بو جوده في كنيسة مار يوحنا المعمدان ببلدة علما في قضاء زغرتا، عاونه فيه لفيف من كهنة الأبرشية، وحضره حشد من أبناء الرعايا، وخدمت القداس جوقة رعية مار يوحنا المعمدان – الحارة الجديدة.
بعد الإنجيل المقدس، ألقى المطران بو جوده عظة قال فيها: “إن مريم امرأة افخارستية في حياتها كلها، وإننا عندما نكرر عمل المسيح في العشاء الاخير بالطاعة لوصيته بأن نصنع هذا لذكره ( لوقا 19/22) فإننا نتقبل في الوقت عينه دعوة مريم لنا، كما للخدام في عرس قانا الجليل، بأن نخضع له من دون تردد: مهما قال لكم فافعلوه (يو 2/5)، كأنها تقول لنا بحنوها الوالدي: لا تترددوا البتة، ثقوا بكلام ابني، فإن الذي حول الماء الى خمر لبقادر ان يجعل من الخبز والخمر جسده ودمه، ناقلا الى المؤمنين، في هذا السر، الذكرى الحية لفصحه، صائرا هكذا خبز الحياة”.
أضاف: “هذا ما يقوله البابا القديس يوحنا بولس الثاني في رسالته العامة “الافخارستيا حياة الكنيسة”. إن مريم مارست إيمانها الإفخارستي حتى قبل تأسيس الافخارستيا بمجرد انها قدمت حشاها البتولي لتجسد ابن الله. ففي البشارة حبلت بإبن الله حبلا حقيقيا طبيعيا بالجسد والدم، مستبقة في ذاتها الى حد ما ما يحصل سريا في كل مؤمن يتناول جسد الرب ودمه، تحت اعراض الخبز والخمر. واثناء زيارتها الى اليصابات، كانت مريم تحمل في حشاها الكلمة المتجسد. فلقد اصبحت اول بيت قربان في التاريخ”.
وتابع: “إن مريم العذراء اعتنقت بعد الافخارستيا – الذبيحة مدى حياتها بالقرب من يسوع، وذلك في مناسبات عدة قبل الجلجلة والصلب والموت. وعندما حملت الطفل يسوع لتقدمه إلى الرب في الهيكل سمعت سمعان الشيخ يقول لها: إن هذا الولد سوف يكون سببا للخصام، وإن سيفا سيحذ في قلبها (لوقا 35-34/2). وبعد القيامة ومع مشاركتها للرسل في الصلاة، فإنها عندما كانت تسمع من فم بطرس والرسل كلام العشاء الاخير: هذا هو جسدي الذي يبذل لأجلكم (لوقا 19/22)، فإنها كانت تعرف أن هذا الجسد الذي قرب ذبيحة على الصليب، هو الجسد نفسه الذي حملته في احشائها. وإن تناولها القربان المقدس اثناء هذه الذبيحة الافخارستيا كان بالنسبة إليها بمثابة تقبل جديد في حشاها لذلك القلب الذي خفق بتوافق مع قلبها كأنها تعيش مرة ثانية ما اختبرته شخصيا على الصليب”.
وأردف: “وكان ما أتمه المسيح لأمه، أتمه ايضا لصالحنا. فمن أعلى الصليب عهد اليها بالتلميذ الحبيب يوحنا، عندما قال لها: هذا ابنك. وبشخص ذلك التلميذ ايضا يعهد اليها بكل واحد منا، وكذلك يقول لكل واحد منا: هذه امك… وكما اخذها التلميذ الحبيب الى بيته، هكذا نحن مدعوون الى اخذها الى بيتنا، كي تبقى معنا على الدوام. مريم حاضرة في كل احتفالاتنا الافخارستيا، مع الكنيسة وكأم للكنيسة، واذا كانت كلمتا كنيسة وافخارستيا تشكلان ثنائيا لا ينفصل، فيجب القول ذاته عن الثنائي مريم والافخارستيا”.
وختم المطران بو جوده: “في الافخارستيا تتحد الكنيسة كليا بالمسيح وبذبيحته متبنية روح العذراء مريم. انها حقيقة يمكن التعمق فيها بإعادة قراءة نشيدها: تعظم نفسي الرب “قراءة” افخارستيا. فالافخارستيا هي نشيد شكر وتعظيم للآب، كنشيد مريم في بيت اليصابات، يومها قالت مريم “تعظم نفسي الرب، وتبتهج روحي بالله مخلصي”، وكان يسوع في حشاها، وهي تشكر الآب وتحمده من “أجل يسوع الذي تحمله، ومع يسوع”، وذلك هو حقا الوضع الافخارستي الصحيح الذي نحن مدعوون للقيام به: أن نشكر الله ونحمده من أجل يسوع ومع يسوع الذي نحمله من خلال تناولنا جسده الأقدس ودمه الطاهر”.
المسيرة
وبعد القداس، انطلقت المسيرة تتقدمها الطلائع والفرسان والحركات المريمية والرسولية، وكلهم أحاطوا بالقربان المقدس، الذي تناوب على حمله كهنة الابرشية. وانطلق جمهور كبير من المؤمنين خلف القربان المقدس، وسط مواكبة امنية من عناصر قوى الامن الداخلي والجيش اللبناني والشرطة البلدية.
وشق الموكب طريقه على طول الطريق الممتدة من ساحة الكنيسة في علما نحو الطريق العام، مرورا أمام كنيسة مار يوحنا الحارة الجديدة، وصولا الى المحطة الاخيرة في كنيسة السيدة ببلدة مجدليا، متوقفا في محطات صلاة وتأمل أعدت سلفا، حيث كانت تتلى الصلوات والتراتيل.
واختتمت المسيرة بصلاة قصيرة داخل كنيسة السيدة، اعطى المطران جورج بو جوده في ختامها البركة الالهية لجميع المشاركين فيها.
وطنية