تستمر المشاكل والخلافات في أروقة الجامعة اللبنانية، التي لطالما حملت في طياتها وكواليسها عناوين سياسية. لكن في هذه الفترة تفاقمت تحت عنوان الطائفية، مما دفع بمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، الى بحث هذا الملف قبل فترة، وإصدار بيان أطلقوا من خلاله صرخة، نبهّت لـ”خطر كبير يهدّد الجامعة”، بعد وقائع حقيقية ملموسة أكدت على وجود خلل في التوازن الطائفي، وعدم مراعاة الأعراف المتبعة.
وآخر هذه المخالفات، ما جرى في شباط 2019 في كلية الحقوق الفرع الرابع – زحلة، اذ كان من المفترض ان ينتخب مجلس الفرع مديراً للكلية وخمسة أعضاء، لكن المدير المنتهية ولايته الدكتور اكرم ياغي، شقيق مسؤول حزب الله في البقاع محمد ياغي، إضافة الى عضوين من المجلس المذكور، رفضوا ترشيح احد الأساتذة المسيحيين للمنصب، ما أثار حفيظة العديد من أساتذة الفرع، الذين فضّلوا مقاطعة الانتخابات بسبب عدم ميثاقيتها. خصوصاً أن عدم قبول ترشيح الأستاذ المسيحي يعني غياب اللائحة المتوازنة. لكن عضو مجلس الفرع الدكتورة هدى عبدالله، رفضت المشاركة في الانتخابات كونها غير ميثاقية، وعندها قام الدكتور ياغي بإستدعائها الى مكتبه ومنعها من مغادرته، بهدف اجبارها على الاقتراع لأحد المرشحين الخمسة من الطائفة الإسلامية، فرضخت مرغمة، لكنها إستطاعت المغادرة من دون التوقيع على المحضر.
وأفيد لاحقاً انها قدّمت شكوى وطعناً لدى رئيس الجامعة، بحق المدير وأعضاء مجلس الفرع الذين نفذوا العملية الانتخابية .
رئيس “جمعية اصدقاء الجامعة اللبنانية” الدكتور انطوان صياح، علّق على ما جرى قائلاً:” للأسف ما حصل مخالف للقانون، الذي يشير الى ان ولاية مدير الفرع تستمر ثلاث سنوات ولا يحق له التجديد، اذ وردت معلومات بأنهم جدّدوا سنة للدكتور ياغي، كما ان الأعراف الميثاقية تمنع حجز حرية أي أستاذ، والمطلوب ان نطبّق الاخلاق التي نعلّمها لطلابنا وعدم التصرّف بهذه الطريقة، أي إجبار أستاذ على التصويت بالقوة، وبالتالي ما جرى في الفرع الرابع – زحلة ضرب الميثاقية بقوة، وهذه القصة تتفاعل ولن نسكت عنها”. مشدّداً على ضرورة ان تصل حقيقة ما جرى الى الرأي العام لانه مرفوض بقوة.
بيان “أوليب”
وكانت “أوليب” قد أصدرت بعد اجتماع في 4 شباط 2019 بيان استنكار رسمي لما جرى جاء فيه:
” يؤكد المجتمعون حرصهم على الجامعة اللبنانية كصرح علمي لكل اللبنانيين دون تمييز او إقصاء، ويشجبون التمادي في ضرب الميثاقية التي نصت عليها مقدمة الدستور ويستنكرون الإخلال بالتوازن الوطني المتمثل في احتكار مراكز القرار الاساسي في الجامعة واقصاء شريك اساسي في الوطن، ويعتبرون ان هذه الممارسات تشكل انتهاكاً فاضحاً للمرتكزات الوطنية التي قام عليها لبنان. وهذا ما نبّه إليه بيان “مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك” في لبنان في مؤتمرهم السنوي الاخير، عندما طالبوا باستكمال المجمّعات الجامعية وانشاء جامعات مستقلّة قانونياً أكاديميا وإدارياً.
1- يشجب المجتمعون الممارسات المخالفة للأعراف الأكاديمية والبعيدة كل البعد عن الأصول الديمقراطية التي تفشت في فروع الجامعة نتيجة للسياسة الفئوية البعيدة عن المعايير الأكاديمية والسائدة في ادارة الجامعة. ان هذه الممارسات تمسُ بكرامة الاستاذ الجامعي وتضرب صورة الجامعة التي نطمح اليها. وقد أبدوا تخوفهم من هذا الجنوح المفرط الى الاستثار بالسلطة الذي تنحدر اليه الجامعة كما حدث في الفرع الرابع في كلية الحقوق.
2- ان الحفاظ على التوازن الوطني في الجامعة اللبنانية يقضي بتعيين مدير لمركز المعلوماتية القانونية ومدير الفرع الرابع في كلية الحقوق في زحلة من المسيحيين لإعادة بعض التوازن الى مجلس وحده كلية الحقوق وللعمل الجاد لاحقاً على تصحيح الخلل المتمادي في الجامعة لتعود الجامعة لجميع مكوّنات الوطن.
كما قرر المجتمعون تشكيل لجنة متابعة لمواكبة ملف الجامعة اللبنانية والاتصال بالمرجعيات الروحية والسياسية بغية التواصل معها والعمل على تصويب اوضاع الجامعة واتخاذ الخطوات الضرورية لإعادة الجامعة الى خطها الوطني والأكاديمي.”
خطة أيوب
وفي وقت سابق، عقدت لجنة الاقتصاد والتجارة والصناعة والتخطيط برئاسة النائب نعمة فرام لقاء تخطيطيا مع رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور فؤاد أيوب، بحضورالنواب: علي بزي، امين شري، الياس حنكش، ادي ابي اللمع، فريد البستاني، محمد سليمان، علي درويش، روجيه عازار، شوقي الدكاش، طارق المرعبي، انور جمعة، وميشال ضاهر.
وعرض أيوب مشروعه وخطة العمل للأعوام 2019 – 2025، ثم صرح رئيس اللجنة النائب فرام قائلا: “من خلال الاستماع الى عرض رئاسة الجامعة لمشاريعها ومناقشتها، تتبين خطة من 5 نقاط:
-1 توسيع الانتشار الجغرافي للجامعة الوطنية.
2 -جعل مشروع المستشفى الجامعي فرع الحدث الذي يتضمن نحو 300 سرير، في تصرف طلاب الطب في السنوات الست الاولى.
3 -العمل على تفعيل دور الجامعة كمستشار أول للدولة اللبنانية ومختلف اداراتها.
4 -خطة توزيع المستفيدين من الجامعة اللبنانية وعددهم زهاء 80 ألفا بطريقة أفضل على مستوى الماجستير والدكتوراه لملاءمة متطلبات سوق العمل.
5 -الحوكمة الرشيدة وتطوير الإدارة والمناهج وتلبية شروط الاعتمادات”.
ملف التفرغ
و في الإنتظار، يتواصل التجاذب في الملفات الشائكة لأوضاع الجامعة اللبنانية، وبينها ملف الأساتذة المتعاقدين بالساعة. فقد اجتمع في 2 آذار الماضي، وفد منهم، من مختلف كليات الجامعة اللبنانية، مع رئيس مؤسسة “لابورا” الأب طوني خضره، ونائب رئيس جمعية “أصدقاء الجامعة اللبنانية” الدكتور أنطونيو خوري، وبحثا معهما موضوع التفرغ الجامعي.
وأعلنوا في بيان أن المجتمعين “توصلوا إلى: ضرورة إنهاء دراسة ملف الحاجات. ضرورة عقد جلسة استثنائية لمجلس الجامعة، لمناقشة التفرغ بشكل نهائي، مع الأخذ بالاعتبار الكفاءة والأكاديمية والتوازن، على الترتيب”، وإلى أنه “على مجلس الجامعة إعادة النظر بقانون التعاقد، كي لا تصبح الفروع مراكز مذهبية ويعود الانصهار والتوازن والتنوع من ضمن الكفاءة أولا، وكذلك إعادة النظر بمعاهد الدكتوراه، لإبعادها من المحاصصة الطائفية وأعداد الطلاب منسجمة مع حاجة السوق، وأن تكون العلامة فقط، هي الاساس في الاختيار”.
وختموا مؤكدين أنه “سادت الإجتماع أجواء من الإيجابية البناءة، وشكر المتعاقدون جمعية أصدقاء الجامعة اللبنانية ولابورا، على استضافتهما للمتعاقدين”.
كتاب مفتوح إلى نصرالله
وفي تطور ملفت، وجّه الدكتور عصام خليفة، كتابا مفتوحا إلى أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله، يدعوه فيه إلى المساعدة في تصحيح الأوضاع في جامعة الوطن. وجاء في الكتاب المفتوح الذي يحمل تاريخ 5 آذار 2019:
“من يكتب هذا الكتاب المفتوح هو أستاذ أكاديمي ألّف عشرات الكتب والدراسات دفاعاً عن حدود الدولة اللبنانية وبخاصة حدودنا الجنوبية، وهو نقابي ترأس رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية، ومن موقعه ذاك – خلال فترة منتصف التسعينات – قدم المذكرات الموثقة ضد الاحتلال الإسرائيلي لمناطق عزيزة من أرض الوطن، الى مختلف المراجع الدولية. ولا أزال أذكر أنني مع زملائي في الهيئة التنفيذية للرابطة قدمت العزاء لسماحة السيّد باستشهاد ابنه هادي بكل احترام وتقدير.
سماحة السيّد،
لقد قدّم الدكتور السيد عماد محمد الحسيني شكاوى عدة فيها وثائق حول التزوير في شهادة الدكتور فؤاد أيوب رئيس الجامعة اللبنانية. ولكن بسبب تدخلات تم إيقاف متابعة القضاء للحكم في هذا الملف. ولأنك أكدت ان لا حصانة لأحد، وان القانون فوق الجميع.
ولأننا على يقين من انك تولي الجامعة اللبنانية الاهتمام الكبير لأنها تؤمّن لشباب شعبنا الترقي الاجتماعي وجودة التعليم، وان المعرفة هي الأداة الأساسية في صراعنا مع العدو الإسرائيلي،
لذلـــك، نتمنى على سماحتكم ان توعزوا الى من يهمه الأمر للتراجع عن عرقلة سير الشكاوى على د. فؤاد أيوب، وليقل القضاء كلمته الحاسمة في هذا الموضوع. ان فئات واسعة من الأساتذة الأكاديميين والمثقفين، والمناضلين دفاعاً عن مستوى التعليم وجودته في الجامعة اللبنانية، يعتبرون الموقف من ملف د. أيوب هو معيار الجدية في مكافحة الفساد في مجتمعنا. وفي كل الأحوال هناك ملتزمون بالمصالح العليا للشعب اللبناني، وفي طليعته شباب الجنوب وكل مناطق الوطن المحرومة، سيستمرون في متابعة هذه القضية رغم كل المصاعب”.
مجلة أورا-العدد 12